فقدت ولاية مطرح عددًا كبيرًا من سكانها عندما بدأ صرف الأراضي السكنية لهم في ولاية العامرات أو ولاية السيب، واستمر نزف السكان مع افتقاد الولاية للبنية الأساسية كعدم توفر خدمة الصرف الصحي، ومشاكل وتحديات الأمطار في سوق مطرح والأحياء حوله، مياه الأمطار النازلة من جبالها مع كل هطول له، وعدم استكمال البنية الأساسية في الولاية في أماكن مهمة مثل مدينة مطرح القديمة والطريق البحري، والأحياء التاريخية المحاذية للبحر. وتعقد الوضع أكثر مع تكدس الوافدين في المدينة القديمة.
وكانت النتيجة الطبيعية لتلك العشوائية للعمالة الوافدة، أن تعاني الولاية أشد المعاناة مع كوفيد ١٩، وأن يعاني سكانها معاناة مضاعفة ومعقدة، فخسر العديد أرزاقهم ومعيشتهم، مما دعا عدد منهم أن يغادرها إلى ولايات أخرى بحثًا عن رزق أو خوفًا من الوباء اليوم، أو مستقبلًا من أوبئة أخرى إذا لم ينظم سكن الأيدي العاملة الوافدة.
إنَّ الخلخلة السكانية الحاصلة للولاية تستوقفنا، فالولاية رغم عراقتها وأهميتها التاريخية والتجارية والسياحية فإن حوالي ٧٠ % من سكانها العمانيين غادروها بأسف.
والجديد والغريب أن تتبع الولاية لولاية العامرات في المجمع الصحي، المحاكم، وربما الادعاء العام، وان يستمر صرف الأراضي السكنية لسكان الولاية في العامرات كما صرح أحد مسؤولي وزارة الإسكان مؤخرًا؟! نحن نعيش رؤية ٢٠٤٠، التي تضع التخطيط العمراني في أولوياتها، وتضع التوازن السكاني في أجندتها، فهل إخلاء الولاية من سكانها يتسق مع رؤية ٢٠٤٠ ؟ وجهت سؤالًا إلى معالي وزير الإسكان والتخطيط العمراني عن توفر أراضي سكنية في ولاية مطرح، فأجاب توجد أراضي، واستبشرت. وفعلا أخذني البعض إلى جولة في الولاية لأكتشف أراضي على مد البصر تستوعب آلافا وآلافا من الأراضي السكنية ! فلم لا توزع هذه الأراضي على سكان الولاية؟ أنهم مستعدون لتسويتها بأنفسهم، كما ذكر لي العديد من أصحاب الطلبات الذين ينتظرون دورهم من سنوات، فهم مضطرون لتسويتها بأنفسهم وتحمل النفقات، في سبيل ألا يبتعدوا عن ولايتهم ومناطقهم، حيث الأهل والجيرة، وحيث حياتهم كلها.
إن هذا الأمر سيقلل على الوزارة الكثير من المصاريف، وتخطيط الأراضي ليس بالأمر الصعب، ولا هو يستهلك الكثير من الوقت.
ترى متى ستعود إلى مطرح هويتها العمانية؟ ومتى ستستكمل بنيتها الأساسية كالصرف الصحي وغيره من الأساسيات مثلها مثل بقية الولايات المهمة ؟ ومتى سيتم تنظيم سكن العمالة الوافدة في أراضي تخصصها وزارة الإسكان في الوادي الكبير أو الحمرية، وتطرحها للانتفاع التجاري لمن يرغب في الاستثمار في بنايات تحوي سكن مناسب للأيدي العاملة الوافدة كغرفة ومرفق. فالأمر جزء مهم من أجزاء التخطيط العمراني، وتحسبًا لأوبئة قد تغزونا في المستقبل؟ ومتى ستستعيد مطرح سكانها المهاجرين؟ فلا تعود تنزف من جديد!
*د. طاهرة اللواتية.. كاتبة وعضوة مجلس الشورى