المستفيد الأكبر من التطورات الاقتصادية المستجدة بعد الانتهاء التدريجي من جائحة كورونا هي الشركات الكبيرة في المنطقة والعالم، بعد أن ظلت لأكثر من سنتين تواجه التحديات الناجمة عن تفشي الوباء، وتراجع أسعار النفط، والهجرة المعاكسة للعمالة الوافدة، وتراجع المبيعات اليومية للمؤسسات والشركات والتاثيرات التي خلفّت على قطاع العقار؛ إلا أن المؤسسات الصغيرة ورواد الأعمال عليهم مواجهة مصير قضاياهم بسبب تراجع أعمالهم اليومية نتيجة تلك الاسباب، بحيث أصبحت قدراتهم المالية متعثرة، وأصبحت الديون تثقل كاهلهم نتيجة للمشاكل التي تعرضوا لها خلال نفس الفترة الماضية.
الشركات الكبيرة كان لها توجه آخر بحيث تمكنت فعلياً خلال العام الماضي 2021 بالتوجة نحو عمل صفقات الاندماجات والاستحواذات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفق تقرير إرنست ويونغ من خلال تسجيل 661 صفقة بقيمة 99 مليار دولار مقابل 397 صفقة في عام 2020. والمنطقة الخليجية لم تكن بعيدة عن هذه الصفقات بل كانت في مقدمة المناطق في العالم، بحيث ارتفع عدد الصفقات التي تمت بها لتصل إلى 366 صفقة في 2021 بنسبة زيادة قدرها 55٪. كما أن إجمالي قيمة تلك الصفقات المعلنة زادت بنسبة 16٪ لتصل إلى 99 مليار دولار أمريكي وفق تقرير شركة إرنست ويونغ. ويقول محللو الشركة، إن زيادة نشاط عمليات الدمج والاستحواذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تُعزى مباشرة إلى تحسن ظروف السوق بعد بدء انحسار جائحة كوفيد-19، بالاضافة إلى تعافي أسعار النفط والغاز، وتحسّن الأوضاع الصحية في المنطقة، الأمر الذي عزّز التوقعات الاقتصادية للمستقبل، وتجديد الثقة في الشركات الإقليمية في مختلف أعمالها التجارية. ويرون بأن الكيانات الحكومية في المنطقة لعبت دوراً كبيرا في تعزيز هذه التوجهات، حيث لعبت صناديق الثروة السيادية وشركات النفط الوطنية دورًا محوريًا في أنشطة الاندماج والاستحواذ في المنطقة، من بينها صفقات في قطاع الأسهم الخاصة، الذي من المتوقع أن يلعب دوراً أكبر في عمليات الشراء والاستفادة من عمليات جمع الأموال خلال 2022.
كما أن قطاع الاغذية والمشروبات في المنطقة شهد عدة صفقات للاندماج والاستحواذ من بينها شركات مرموقة في مجال المكسرات والتوابل، والحلويات والدواجن وغيرها، إذ تصدرت عدة دول خليجية ومصر في تلك الصفقات؛ وهذا متوقع حدوثه في الأسواق خلال العام الحالي 2022. وكان هناك نصيب كبير في صفقات الاندماجات في عدة قطاعات اقتصادية أخرى شملت مجالات الطاقة والموارد الطبيعية، والمواد الكيميائية، بحيث استحوذ قطاع النفط والغاز على الجزء الأكبر من قيمة تلك الصفقات للشركات النفطية الكبيرة في المنطقة. وشمل ذلك أعمال خطوط أنابيب الغاز الطبيعي، والزيت الخام وغيرها، فيما كانت هناك صفقات في مجال قطاع التكنولوجيا والتحول الرقمي وتحسين المحافظ الاستثمارية.
وتتوقع شركة إرنست ويونغ بأن يستمر نشاط الاندماج والاستحواذ لاستثمارات الكيانات الحكومية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقوة في العام الحالي وفق آراء 64% للرؤساء التنفيذيين للشركات الكبيرة التي سوف تستمر بينها صفقات لهذه العمليات لمختلف الصناعات، بجانب تحسين المحافظ الاستثمارية والدخول بأسواق جديدة. وتبقى مسؤولية الكيانات الحكومية أن تشارك أيضا المؤسسات الصغيرة في هذه الأنشطة لتتمكن من النهوض بها مرة أخرى وتقلل من مديونيتها وتعثرها المالي.