د. أحمد الجهوري: يجب وضع نظم تتيح المساهمة والتبرع لهذا الصندوق
إبراهيم الصوافي: تأخر الزواج يؤثر على تكوين الأسر وتماسك المجتمع
د. حمود النوفلي: الجانب الاقتصادي والمبالغة في المهور أحد أسباب انخفاض حالات الزواج
د. كفالة العميرية: توفير مساكن مخصصة لحديثي الزواج بعقد 3 سنوات وبشروط ميسرة
سميرة اللواتية: هناك أسر تقوم بدعم الشباب ضمن حدود العائلة مما يساعدهم على الزواج
رقية العبرية: إنشاء جمعيات تعاونية تدعم المقبلين على الزواج من خلال مساهمات مستدامة
عٌمان: استطلاع – حمد الكلباني
في ظل المطالبات المجتمعية بإنشاء صندوق للزواج يخفف كاهل الشباب المقبلين على الزواج، وإدراكًا لأهمية الزواج والاستقرار الأسري في تعزيز المنظومة الاجتماعية، فقد أعلن عن إنشائه في عام 2011م ، وفي عام 2013 حدد مجلس الشورى آليات وشروط هذا الصندوق، إلا أنه وإلى هذا الوقت لم ير الصندوق النور، وما زال الشباب يعلّقون الآمال في إنشائه لدعمهم في ظل تقلبات الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة وعادات وتقاليد المجتمع التي تمثل عبئًا إضافيًا ثقيلًا للمقبلين على الزواج مما يؤدي إلى العزوف أو الدخول في ضغوطات نفسية ومادية ترهق كاهلهم، وطالب مختصون بإيجاد مصادر تمويلية جديدة ومتعددة تضمن إنشائه واستمراريته، لاحتواء ما يحدث من تفاقم العزوف عن الزواج والعنوسة في المجتمع.
وللوقوف على بعض التحديات والعقبات التي تعترض أو تقف حاجرًا في إنشائه، التقت «عمان» مع عدد من المختصين والمهتمين بِشأن إنشاء الصندوق من ناحية اجتماعية وقانونية، فحول أهمية الصندوق، قال الدكتور أحمد بن سعيد الجهوري محامٍ ومستشار قانوني ومحكّمٍ معتمد: إن صندوق الزواج له روافد مجتمعية قيمة، ويعتبر من الأعمال الخيرية التي لها عائد مجتمعي ذو قيمة واعدة، لذا ويجب وضع نظم واضحة تتيح المساهمة والتبرع لهذا الصندوق من أجل دعم الشباب والقضاء على العنوسة وتيسير الزواج، وتنظيم آلية قبول وجمع التبرعات بشكل خاص، وبالإمكان وضع نظم وأطر قانونية تعمل على تقنين فرص تمويل الصندوق للمقبلين على الزواج، في ظل وجود التزامات مجتمعية للمساهمة في الأعمال الخيرية، فوجود هذه النظم تتيح تعدد المصادر الداعمة لصندوق الزواج، مثل قطاع الشركات كونه داعمًا لمثل هذه الصناديق.
تأخر تكوين الأسر
من جانبه قال فضيلة الشيخ إبراهيم بن ناصر الصوافي أمين فتوى بمكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية: إن الشباب هم مصدر الطاقات التي لو استثمرت لعادت بالمنفعة على الأسرة والمجتمع، وعزوف الشباب عن الزواج يؤثر على المجتمع ككل والأسر خاصة، وبالتالي يؤدي إلى تأخر تكوين الأسر الذي بدوره يؤثر على المجتمع فهي حلقة متماسكة، وهذا يؤثر على الاستقرار النفسي والأسري والمجتمع، ويجعل الشباب لا يشعرون بالمسؤولية.
وأشار إلى أن تفعيل جمعيات داعمة للزواج ووجود صندوق متخصص أمر مهم للغاية، لأنه يسهل وييسر أمر الزواج ويخلّص الشباب من الكثير من الأثقال والتبعات المرتبطة بالزواج.
وقال الدكتور حمود بن خميس النوفلي أستاذ مشارك بجامعة السلطان قابوس ومقدم استشارات أسرية: إن الجانب الاقتصادي هو أحد أسباب انخفاض حالات الزواج، والمبالغة في المهور والاحتفالات والقاعات أصبحت تحديًا كبيرًا للمقبلين على الزواج، ومن خلال الواقع والمؤشرات الموجودة بلغت حالات الزواج الحالية 18 ألف حالة زواج مقارنة بـ30 ألف حالة قبل 8 سنوات، وبدخول بعض من العادات المجتمعية أصبح الشاب يحتاج من 3 إلى 4 سنوات لتلبية الاشتراطات لقبول زواجه، وفي المقابل زادت حالات الطلاق رغم نمو المجتمع وزيادة فئة الشباب الذي يفترض يقابله حالات زواج أكثر.
عادات مجتمعية
وأضاف النوفلي: هناك أمور استحدثت في العادات الاجتماعية وذلك لعدم قبول الزواج إلا إذا كان الزوج جاهزا في مسكن مستقل، وكذلك نشأت ثقافة أخرى وهي الاستمرار في العزوبية.
ويرى النوفلي أن فكرة إنشاء جمعية خاصة أو تفعيل صندوق زواج أمر مهم لتشجيع الشباب للزواج لما له رفد للأسرة والمجتمع ككل.
وأوضحت الدكتورة كفالة بنت حمود العميرية استشارية نفسية وأسرية: من خلال استشاراتي تبين أن مستوى دخل الفرد هو الأمر الذي يجعل عدم تقبل الشباب إضافة مسؤوليات مادية أخرى على عاتقهم، مما يؤدي إلى عزوفهم عن الزواج، وهذا بدوره يوجد معاناة نفسية لدى الشاب، ومن أهمها القلق وزيادة حالات الاكتئاب وفقدان الثقة بالنفس من قبل الشاب أو الفتاة بنظرتهم السلبية بعدم تقبلهم من الجنس الآخر، وأيضا من أخطار هذه الظاهرة قد يلجأ الشاب أو الفتاة إلى إشباع رغباتهم بالعلاقات غير الشرعية.
وتؤيد العميرية وجود صندوق يدعم المقبلين على الزواج في ظل الظروف الراهنة من خلال توفير مسكن بأقساط شهرية مرنة وميسرة، حسب الدخل الشهري للفرد، ومن الممكن مشاركة القطاع الحكومي والقطاع الخاص بتوفير مساكن مخصصة لحديثي الزواج بعقد 3 سنوات وبشروط ميسرة على سبيل المثال.
داعم واستقرار نفسي
وبيّنت سميرة بنت محمد اللواتية، استشارية نفسية أن أسباب عزوف الشباب عن الزواج هو الجانب المادي، وواجهت خلال استشاراتي بعض حالات الطلاق المبكرة التي كان سببها هو لجوء بعض الشباب إلى الاقتراض من الجهات الممولة، وبالتالي أصبحت عائقا لهم بعد الزواج لسدادها بجانب المتطلبات التي لم تكن في الحسبان بعد الزواج.
وحول صندوق الزواج، قالت اللواتية: إن هناك أسرا معينة تقوم بدعم الشباب ضمن حدود العائلة بالدعم العيني وذلك مما يساعدهم على تكوين أسرة بكل سهولة ويسر وبعيدا عن الضغوطات المادية التي تواجه الشاب في مقتبل عمره، ولذلك التشييد بإنشاء صندوق الزواج سيسد فجوة العزوف عن الزواج عند الشباب ويكون داعم استقرار نفسي لهم، ونصحت اللواتية بإعداد حلقات عمل خاصة للمقبلين على الزواج في كيفية التخطيط الأسري المالي، لأن الغالبية من المقبلين على الزواج غير متطلعين عن المتطلبات الأسرية ما بعد الزواج.
وأشارت رقية بنت يعقوب العبرية، مدربة معتمدة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ومدربة في التحفيز الذاتي وتعديل السلوك وتوجيه المراهقين إلى أن رغبة الزواج موجودة بقوة عند الشباب بين سن 20 و28 سنة، ولدرجة عند تقدمه للزواج في هذه المرحلة فهو على استعداد لتلبية أغلب المتطلبات التي تفرض عليه وعلى استعداد إلى الاقتراض، بينما بعد سن 28-36 سنة يبدأ التفكير بعقلانية أكثر وتصبح الرغبة الاندفاعية أقل نوعا ما، والذي نراه أن الجانب الاقتصادي هو سبب قوي جدا في تأخر الزواج لدى الشباب، وهناك حالات كثيرة شهدناها كان عندهم الإصرار بعدم رغبتهم للزواج تعود إلى السبب ذاته، حيث إن فكرة الزواج ليست واضحة عند الغالبية المقبلين عليه، كما أن الفتيات لا يقبلن الزواج من الشباب ذوي الدخل المحدود، والعكس صحيح فالشباب يبحثون عن الفتيات اللاتي لديهن دخل.
جمعيات تعاونية
وترى العبرية أنه من الضروري إنشاء جمعيات تعاونية، تدعم الشباب ماديا من خلال مساهمات بشكل دائم في صندوق خاص للزواج، ويتم من خلالها تقديم الطلبات مثل الأعراس الجماعية التي أنشئت في بعض الولايات، وأيضًا إشراك الشركات وأصحاب المحلات لكي تساهم في دعم المقبلين على الزواج، وذلك من خلال تقديم تخفيضات خاصة وهدايا عينية تسهل للشباب مثل الكماليات التي يحتاجها المقبل على الزواج.
كما يجب الاهتمام بالتوعية لدى الشباب والفتيات بأهمية الزواج وإدارة الحياة الزوجية، وتسهيل الزواج للطرفين لزيادة الوعي وتقليل حالات الطلاق.
وأيضا هناك جانب آخر يختص بالوعي الديني والإرشاد للفتيات والشباب وتوضيح لهم ما يخص الحياة الزوجية، فلو تكاتفت جميع الجهات وأنشأت جمعية تهتم وتؤهل الشباب لهذه الخطوة وتساندهم ماديا وفكريا ونفسيا ستؤدي إلى تقليل نسبة العنوسة، والتقليل من التبذير والإسراف، مما يؤدي إلى ارتفاع نسب حالات الزواج الناجحة وتقليل اللجوء إلى الاستقراض في بداية حياة الشاب.
ارتفاع المهور
وفيما يتعلق برؤية الشباب المقبلين على الزواج حول الموضوع، قال فيصل بن محسن العبري (29 سنة): فكرت بالزواج منذ ما يقارب السنتين ولكن بسبب ضعف الراتب وغلاء المعيشة لم أستطع الزواج، خاصة أن معدل المهور مرتفع جدا مقارنة بالدخل الشهري الذي أحصل عليه، إضافة إلى متطلبات العادات والتقاليد المجتمعية التي ترهق كاهل المقبل على الزواج في بداية حياته المعيشية، وأعتقد أن مشروع صندوق الزواج سيكون ذا فائدة لكل الشباب المقبلين على الزواج وسيقلل من العبء المادي.
فيما أوضح راشد بن حمود التميمي قائلا: لقد بلغ عمري 33 عامًا إلا أنني لم أفكر بالزواج مسبقا بسبب غلاء ومتطلبات المعيشة وضعف الراتب الذي لا يكاد يسد حاجاتي ومصاريفي الخاصة، على الرغم من أن لدي الرغبة في الزواج ولكن بعد بناء شقة خاصة للاستقرار، ولو كان هناك صندوق خاص للزواج سيكون دافعًا معنويًا لكل الشباب.
ويرى سلطان بن حميد الكيومي أن متطلبات الزواج في ارتفاع وهناك عدم اقتناع في تقنين المصاريف بسبب العادات والتقاليد التي أصبحت تثقل كاهل كل شاب مقبل على الزواج.
وأضاف: إن هناك أسبابا أخرى تؤدي إلى العزوف عن الزواج منها موجة التسريح التي صاحبت أزمة كورونا، وضعف الدخل الشهري الذي يجعل بعض الموظفين من المقبلين على الزواج لا يشعرون بالاستقرار، وصندوق الزواج سيسهم في تسريع وتسهيل الإقبال على الزواج.