تؤسس دول العالم متاحفها الوطنية لتخليد تراثها وتاريخها في المقام الأول، بجانب تمكين الزّوار من معرفة الأحداث والمعلومات عنها ونقلها إلى العالم، إضافة إلى إطلاع الآخرين على الإنجازات التي تحققت في حقبة تاريخية مُعينة للبلاد، والحصول على موارد مالية وتنويع اقتصادها، والمتاحف عمومًا تعد مصدر دخل لكثير من دول العالم؛ حيث يقصدها السياح والزوار للوقوف ومشاهدة كل ما يتعلَّق بتاريخ وتراث تلك الدول وآثارها ومقوماتها الطبيعية والتاريخية والاقتصادية والثقافية وغيرها بهدف زيادة معرفتهم بتلك المقومات.
ولدينا في السلطنة العديد من المتاحف الجيدة منها المتحف الوطني العُماني، ومتحف قوات السلطان المسلحة، ومتحف التاريخ الطبيعي، ومتحف النقود بالبنك المركزي العماني ومتحف الزبير ومتحف الطفل، ومتحف البرندة وغيرها من المتاحف الأخرى التي يحكي كل منها تاريخ البلاد في الماضي السحيق والحاضر. ورغم أهمية هذه المتاحف إلا أنَّ الكثير من أبناء البلد لا يقصدون هذه المؤسسات لظروف هم أدرى بها وربما لعدم اكتراثهم بأهميتها بالرغم من أنَّ هذه المتاحف يمكن زيارتها حتى في أيام العطلات الرسمية.
وهذه الدعوة موجهة للجميع وخاصة مؤسسات المجتمع المدني في البلاد بأن تقوم بتنظيم الزيارات لأعضائها إلى هذه المتاحف للوقوف على كمية المعلومات التي يمكن الاستفادة منها. وهذا ما يقوم به بعض المؤسسات ومنها مجلس الخنجي الذي نظم مؤخرا زيارة لعدد من ضيوفه لمتحف قوات السلطان المسلحة ببيت الفلج، والتي تعد الزيارة الثانية من نوعها خلال السنوات الثلاث الماضية لمشاهدة القاعة الجديدة باسم “سيرة قائد وعهد ماجد”، هذه القاعة تتضمن اليوم بعض المقتنيات الخاصة بالمغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- بجانب بعض المقتنيات والوثائق التاريخية الأخرى. لقد تم افتتاح المتحف في الحادي عشر من ديسمبر من عام 1988م تحت الرعاية السامية للمغفور له السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- ويعدُ من المؤسسات التاريخية والسياحية المهمة التي تقدّم الكثير من المعلومات للزوار والضيوف الذين يأتون لزيارة السلطنة بين الفينة والأخرى. كما يعد أحد أبرز المتاحف الوطنية في البلاد لما يحتوي بين جنباته وأروقته من الصور والمجمسات والمخطوطات والوثائق، وصور قديمة لملاحم التراث العسكري والإرث الحضاري العماني على مدى العصور ما قبل العصر الإسلامي، وما بعده. كما يعد هذا المتحف مصدرًا مهما لتقديم المعلومات عن التاريخ العسكري للأجيال المعاصرة والتطور الذي حققته سواعد العمانيين وتضحياتهم في الماضي والحاضر، حيث يقع المتحف في قلعة بيت الفلج التي تم بناؤها في عهد السيد سعيد بن سلطان عام 1845، والذي اتخذه سكنًا له ولأسرته في البداية.
وخلال الفترة الماضية تشرّف المتحف وبتاريخ 20 ديسمبر 2021 بإضافة تلك المقتنيات الخاصة بالمغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- بجانب المقتنيات الأخرى العسكرية والتاريخية التي تتحدث عن التاريخ العسكري العماني، ونوعية الأجهزة والمعدات التي تمَّ استخدامها في مختلف الأحداث والعمليات العسكرية للقوات المسلحة العمانية في حروبها ودفاعها عن عمان خلال العقود والقرون الماضية. ومن ضمن تلك المقتنيات والوثائق الرسائل المتبادلة بين المغفور له بإذن الله تعالى السلطان سعيد بن تيمور- رحمه الله- وابنه المغفور له السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه. كما يشمل المعرض صورًا لبعض المقتنيات الأخرى منها الكشكول الجامعي الذي يتضمن بعض الفقرات والكتابات اليدوية للسلطان قابوس بن سعيد، كما يتم عرض بعض البدلات العسكرية، ومن بينها البدلة العسكرية التي ارتداها- رحمه الله- في أحد الاحتفالات العسكرية الأخيرة التي تفضل جلالته برعايتها قبل وفاته، فضلاً عن عرض بعض الهدايا التي تشرف رؤساء الدول الشقيقة والصديقة بتقديمها من السيوف والخناجر والبنادق وبعض الهدايا القيمة الأخرى، ومنها مجسمات السفن والطائرات الحربية والقلاع وغيرها.
كما يضم القسم الجديد لـ”سيرة قائد وعهد ماجد” بعض البدلات العسكرية المموهة التي كان يرتديها المغفور له بإذن الله تعالى في التمارين والفعاليات العسكرية الميدانية التي كانت تُقام في البلاد، إلى جانب حضور الصور الأخيرة التي تنعى الفقيد العظيم وتشييع الجثمان الطاهر إلى مثواه الأخير. وهناك عرض للأوسمة والميداليات والشعارات التي تخلّد ذكرى السلطان الراحل- طيب الله ثراه- إلى جانب عرض النسخة رقم (1) طبق الأصل من الرسالة التاريخية المُوجهة من السلطان الراحل إلى أعضاء مجلس الأسرة الحاكمة عبر مجلس الدفاع، والتي تضمنت وصية نقل ولاية الحكم إلى جلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- حفظه الله ورعاه- بعد وفاته. ومن المقتنيات التي تشرّف المتحف بإضافتها في الساحة الخارجية؛ تخليدا لذكرى السلطان قابوس- طيب الله ثراه- مركبة (لاند روفر) وعربة المدفع التي نقلت جثمان الراحل السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه.
وجميع هذه المقتنيات والمشاهد التاريخية الأخرى يتطلب توصيل مضمونها للصغار والكبار وخاصة الأطفال من خلال الزيارات الدورية لهم لهذا المتحف وغيره سواء بمعية والديهم وأسرهم أو من خلال زيارت المدارس والكليات والجامعات، إضافة إلى قيام المؤسسات السياحية بوضع متحف قوات السلطان المسلحة في جدول الزيارات للقادمين إلى السلطنة بمختلف وسائل النقل وخاصة المجموعات السياحية التي تأتي عبر البواخر السياحية والطائرت ليتعرفوا على التاريخ العماني العسكري عن قرب، والترويج لهذه المتاحف في الخارج أيضًا.