شؤون عُمانية: أحمد صالح حلبي*
قبل أن تلامس يداي ورقه ، نظرت عيناي نحوه ، فإذا هو كتاب يحمل عنوانه ” بين قلعتين ” عٌمان والبرتغال.. رحلة توثيقية إلى مدن أسياد البحار ، للكاتب الكويتي صالح تقي ، وهو كتاب توثيقي صدر عن الدار العربية للعلوم ، وسجل فيه الكاتب مشاهداته من زيارته لعٌمان والبرتغال ليكون كتابا توثيقيا مصورا ، ومن عنوانه تجد أن ” علاقة عُمان بالبرتغال تبدأ عندما هاجم الأسطول البرتغالي السلطنة العُمانية في القرن الـ 16 واحتلوا عُمان وأقاموا القلاع على شواطئ مسقط، لكن بعدها تضافر العُمانيون وبملحمة وطنية طُرد البرتغاليون، وبملاحقتهم شرقاً حتى الهند وغرباً حتى شرق أفريقيا ”
وبالعودة للكتاب فإننا نجد أن المؤلف سجل فيه ” مشاهداته من زيارته لعٌمان والبرتغال، متغلغلاً في تفاصيل مدنها وتاريخها وبعض من عادات شعوبها ” بما يذكرنا بأدب الرحلات وهو نوع من الأدب يعمد فيه الكاتب إلى تصوير ما جرى له من مواقف وأحداث ، وما واجهه من صعاب أثناء رحلته ، ” وتُعد كتب الرحلات من أهم المصادر الجغرافية والتاريخية والاجتماعية، لأن الكاتب يستقي المعلومات والحقائق من المشاهدة الحية، والتصوير المباشر، مما يجعل قراءتها غنية، ممتعة ومسلية ”
وفي حديثه عن ” مسقط وبيوتها الناصعة البياض وشوارعها النظيفة ، وترحاب أهلها بالضيف، وكرمهم والشعب الذي وصفه بصلابه قلاعه الشامخة كتب، ومنها بدأت رحلته فكانت من العاصمة مسقط، حيث يأخذنا برحلة إلى قلاعها الشامخة، وبوابة مسقط، وساحة قصر العلم، وقلعة الميراني ومنها إلى سور اللواتية ومنه إلى سوق العاصمة الشهير الساحر بكل تفاصيله ” سوق مطرح” وهو من الأماكن التي أدهشت الكاتب إضافة إلى القلاع التي تميزت بها المدينة ” ، ومما زاد جمال الكتاب وحسن اختيار الكاتب ، توثيقه للزي العماني الذي انتشر في الهند وافريقيا ولم يتأثر بالغزو البرتغالي ، كما ابرز قلاع عٌمان ، و ” يستشهد الكاتب بما قاله أبن بطوطة عن السمك العماني حيث اعتبره من ألذ ما أكل من أسماك وهو يوافقه الرأي. فالطعام هو لا شك جزء من إرث الدول وهويتها، وعن الزي العماني يقول : انه انتشر في الهند وافريقيا ولم يتأثر بالغزو البرتغالي ” .
ويعترف الكاتب بالتقصير بحق عٌمان التي وصفها ببلد التسامح والأمان ومقصد لكل السياح حقها، وأنه استطاع أن ينقل للقارئ صورا جميلة اشتهرت بها ، مستشهدا بما قاله أبن بطوطة عن السمك العماني حيث اعتبره من ألذ ما أكل من أسماك وهو يوافقه الرأي. فالطعام هو لا شك جزء من إرث الدول وهويتها .
وعن البحر والملاحة في عٌمان يقول ” عندما يسأل أهل الخبرة البحرية عن مهارة أهل عٌمان فالجواب حدّث ولا حرج، نعم وبدون أي حرج ومبالغة، وأطلق العنان لمخيّلتك وابتعد كثيراً واعبر البحار والمحيطات والقارات. العٌمانيون رواد الملاحة البحرية منذ القدم، وموانئ العالم تشهد من نيويورك إلى الصين وسنغافورة ” ويضيف عائداً بالتاريخ إلى ما قبل الميلاد مستشهداً بالسجلات المسمارية لحضارة ما بين النهرين بالقول ” السفن العٌمانية مذكورة قبل الميلاد في السجلات المسمارية لحضارة ما بين النهرين، فالسومريون يسمّونها بمجان حيث تصدّر النحاس وربطوا هذه الحضارة العريقة بالهند، فنقلوا البضائع والعلوم من وإلى موانئ عٌمان. وعن السفينة “سُلطانة” التي تعتبر من مهارات وإنجازات البحرية العمانية يؤكد على أنها أول سفينة عربية تصل إلى ميناء نيويورك في 13 أبريل 1840، وذلك في عهد السلطان سعيد بن سلطان. وهي التي أصدر البنك المركزي عملة تحمل صورتها بمناسبة العيد الوطني السادس والعشرون عام 1996 للسلطنة.
وفي نزوى وقلعتها الشهيرة ، وبجانبها مسجد السلطان قابوس ، وسوق نزوى للحرف ، وأبهرت مناظر نزوى الخلابة الكاتب فقال لمرافقه العماني ” إننا في الكويت نفتقد الجبال ومنظرها الجميل ” ، فرد عليه مرافقه قائلا ك ” لو كان بالإمكان لأعطيناك جبلاً ” ، وفعلاً لو كان بالإمكان لفعلها، فأهل عٌمان مشهورون بالطيبة والكرم.
خلاصة القول إن الكتاب صالح تقي نجح في سرد رحلته بأسلوب أدبي جيد ، معتمدا على مجموعة من الصور التي دعمت أقواله ونقلت جزءا من جمال سلطنة عٌمان وطيبة أهلها .
وختم الكاتب كتابه بالقول : ” إن أهل عٌمان والبرتغال يعتبران بالفعل من أسياد البحار سواء بصنع السفن أو الملاحة، فكلاهما مخرت سفته عباب المحيطات وكانوا همزة وصل تجارية لا يزال صدى نجاحها يٌسمع بين أمواج البحر”
كاتب سعودي *
للتواصل [email protected]
*الصورة من جريدة عمان.