Image Not Found

العم مهدي جواد …. آلمني فقدك

د علي محمد سلطان

ستة وأربعون لقاءً جمعني وإياه على مدى أربع سنوات ونيف ماكنت لأتخيل بأنني ومع كل لقاء سوف أضيف لبنة في صرح قد كمل بناؤه.
ومع صبيحة يوم جديد كنت أُمَنٌِي نفسي بأن الوقت قد حان لتجميع ماقد فات فأخطو إلى مكتبه وأنا متيقن بأن اللقاء الأخير قد حان حينه وبقي أن أصنف المادة وأبوبها وأجمع شتاتها فاليراع قد خط وما خطه ليس إلا مادة مبعثرة تحتاج وقتا لتكون في سبائك محكمة لاينفرط معها العقد.
وهكذا دواليك أضيف ثم أحذف ثم أعاود اللقاء فأجد نفسي وقد إستغرقت في فضول من السرد لا يتناغم مع تطلعات العم مهدي فهو دقيق في تفاصيل المحطات التي عايشها وكابدها وامتحنها كما هو حصيف في وقائع كان حاضرا فيها.
أعطاني مساحة معتدة وفهم مني بما قصدت من وراء السطور فترك لي حرية التعبير والأفق الذي تحركت فيه ومع كل ملاحظة منه فقد كنت اتلمس روح الأبوة وإخلاص الأستاذ فإنني قد تعلمت منه ما لم أتعلم من غيره في مثل سنه.
صُورته وهو يجاورنا في السوق الصغير ( الظلام) ومن المكان الذي بدأ حياته العملية عاودتني مرارا والتصقت بالمخيال غير أني وجدت في سرده الذي حواه كتابي عنه أخذني إلى عالم غير الذي قد بنيته وأنا صغير وحينما كنت أجلس في مكان والدي في ساعات الظهيرة.
العم مهدي لم يولد لعائلة ثرية فهو وأخوانه عاشوا شظفا من العيش والكفاف كان سمة كثير من العوائل في سور اللواتية ومن على مثل حالتهم.
عصاميته ومثابرته واجتهاده سمات شخصيته ومفاتيح تجاراته كما وأريحيته جمعت له من الصداقات يكاد يكون متفردا بين أقرانه.
كثيرة هي المحطات التي سيقف عليها القارئ عندما يقرأ ماكتبته عنه من سرده ولمساتي وقد إنتهيت منه مبكرا من هذا العام وبقيت بعض فصول جمالياته من الصور والإخراج في يد إبنه محمد الذي هو الآخر أدى دورا فنيا في إخراجه وإن شاء الله سوف يرى النور عما قريب.
لقد اختار الله وديعته واسترجع أمانته قبل ساعات.
نسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يلهم أهله الصبر والسلوان وأن يجعل روحه في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.