مع نهاية كل عام تبدأ المؤسسات الدولية في إعداد تقارير عن الأوضاع العالمية التي سادت في نفس العام وتوقعاتها عن السنة المقبلة، وذلك من خلال إجراء استفتاءات واستطلاعات ومقابلات شخصية مع بعض الرؤساء التنفيذيين للمؤسسات والشركات والمصارف العالمية والإقليمية لمعرفة توجهاتهم وتوقعاتهم عن القضايا التي تهم أعمال شركاتهم ومؤسساتهم حاليًا وفي المستقبل.
ونتناول هنا ما توصل إليه تقرير شركة الحسابات والتدقيق العالمية “كي بي إم جي” الجديد لعام 2021 حول توقعات الرؤساء التنفيذيين، والتوقعات المقبلة في ضوء تجدد وباء كورونا وظهور المتحور الجديد “أوميكرون” الذي ربما يترك آثارًا سلبية على الاقتصاد العالمي خلال الفترة المقبلة. تقرير الشركة متفائل من حيث عودة الحركة الاقتصادية والمالية والمصرفية العالمية خلال السنوات الثلاث المقبلة، اعتمادًا على لقاءات وتأكيدات لنحو 60% من الرؤساء التنفيذيين للمؤسسات والشركات العالمية، فيما أشار 87% منهم إلى نمو أعمال مؤسساتهم وشركاتهم، بينما يعتقد 52% من الرؤساء التنفيذيين في المؤسسات عالية النمو أن البرامج الخاصة بالممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، سوف تسهم في تحسين الأداء المالي لمؤسساتهم، بينما أكد 70% من الرؤساء التنفيذيين أن الشراكات الجديدة ستكون ضرورية لمواصلة وتيرة التحول الرقمي.
هذه النسب ما هي إلا تأكيد لهولاء المسؤولين على تحقيق وزيادة معدلات التفاؤل لديهم ومستقبل أعمالهم، رغم التباطؤ في العودة إلى الوضع الطبيعي جراء التحورات الجديدة لفيروس كوفيد-19 وارتفاع مؤشرات الثقة لديهم في الاقتصاد العالمي.
شمل هذا الاستطلاع آراء 1325 من الرؤساء التنفيذيين للشركات العالمية من 11 سوقًا رئيسيًا ومنهم السوق العماني، مع احتمالية وجود اقتصاد عالمي أقوى، واتجاه لهؤلاء الأشخاص نحو الاستثمار في التوسع وتحويل الأعمال والاندماجات؛ حيث حدد 69% من كبار الرؤساء التنفيذيين الأساليب غير التقليدية (مثل المشاريع المشتركة وعمليات الدمج والاستحواذ والتحالفات الاستراتيجية) باعتبارها إحدى أبرز الاستراتيجيات الرئيسية التي تسهم في تعزيز معدلات النمو، بينما أفاد غالبية المشاركين في الاستطلاع لكبرى الشركات العالمية وبنسبة 87% على أنهم يتطلعون إلى إجراء عمليات الاستحواذ في السنوات الثلاث المقبلة للمساعدة في نمو أعمالهم وتحويلها.
وفي هذا الإطار، يرى كينيث ماكفارلين الشريك ومدير مكتب “كي بي إم جي لوار جلف” في السلطنة أنه بفضل الإدارة الجيدة للأزمة من قبل الحكومة العمانية، فقد نجحت السلطنة في التعافي من تداعيات جائحة كوفيد-19، وأنها تعمل على تحويل الأزمة إلى فرص لتعزيز النمو مع حرصها على تشجيع إنتاجية الموظفين وتمكينهم من الإبداع. ويدعو مسؤول المؤسسة الرؤساء التنفيذيين للشركات والمؤسسات العمانية إلى ضرورة مواجهة التحديات البيئية المحتملة من خلال الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية والتطورات التقنية الجديدة، وتكثيف الاستثمار في الاستراتيجيات الخاصة بالممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات لتحقيق المزيد من العوائد المتوقعة، والمساعدة في بناء مستقبل أكثر إنصافًا واستدامة في استخدام الموارد.
يشير تقرير “كي بي إم جي” أيضًا إلى ضرورة الوصول إلى صافي صفر من الانبعاثات الكربونية مع الدعم الحكومي في قضايا التغير المناخي باعتبار أنها يمكن أن تسفر عن تحديات اجتماعية واقتصادية وبيئية جديدة للمجتمعات. ويأتي ذلك من خلال الآراء التي أدلى بها الرؤساء التنفيذيون وبنسبة 58% منهم على أن هناك مطالب متزايدة من أصحاب المصلحة (مثل المستثمرين والجهات التنظيمية والعملاء) لرفع المزيد من التقارير حول القضايا المتعلقة بالبيئة والمجتمع والحوكمة.
ونظراً للضبابية في مسألة الجائحة المتجددة، فهناك مخاطر للنمو على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة، والتي تكمن في 3 مجالات؛ وهي: سلسلة التوريد، والأمن السيبراني، والتغير المناخي، الأمر الذي يتطلب توفير الحاجات الضرورية اللازمة في الوقت المناسب، وتعزيز الدفاعات السيبرانية، ومواجهة قضايا التغير المناخي والبيئة.
وفي مجال العمل، يرى 52% من الرؤساء التنفيذيين على ضرورة توفير المزيد من المرونة لدعم القوى العاملة في العمل اليومي لتحقيق المزيد من الإنتاجية. وتعلق مؤسسة “كي بي إم جي” على ذلك مشيرة إلى أن مؤشر الثقة بالنسبة للرؤساء التنفيذيين يتجه في منحنى تصاعدي بشأن الاقتصاد والآفاق المستقبلية للمؤسسات، فيما يحرص الرؤساء التنفيذيون على تبني استراتيجية مستقبلية للتحول الرقمي في مواردهم، ومواصلة علاقاتهم مع الموظفين والموارد البشرية، مع ضرورة العمل والتركيز على تحقيق الأهداف والربحية والنمو طويل الأجل.