عُمان: استطلاع – عهود الجيلانية
- د.ميثم جواد: اكتسبنا مهارات التعامل مع الحالات الحرجة
- د. شمسة الفارسية: الجائحة دفعتنا للعمل في العناية المركزة
- د. أحمد الهنائي: التطوع الميداني أثر على برامج التدريب
- د. رياء الرواحية : تعلمنا إدارة الوقت وترتيب الأولويات
تحمل أطباء ملتحقون بالمجلس العماني للاختصاصات الطبية خلال فترة تدريبهم مسؤولية مواجهة كوفيد19 والتصدي للوباء مع زملائهم الأطباء بانخراطهم ميدانيا في علاج المرضى وخاضوا غمار الحرب ضد الفيروس الجديد ومواجهته بما يملكونه من مهارات علمية وعملية.
الجائحة تركت آثارا إيجابية على الأطباء عبر تعزيز جوانب البحث العلمي بحكم ان الفيروس مستجد عالميا وتشجيعهم على الاطلاع على آخر التطورات العلاجية لمرضى كورونا وتمكين مهاراتهم وصقلها في التعامل مع أعداد كبيرة من الحالات المرضية الحرجة في غرف العناية المركزة والعمليات وطريقة التعامل في الأزمات والكوارث.
وقال الدكتور ميثم جواد محمد طبيب مقيم بالمجلس العماني للاختصاصات الطبية في تخصص التخدير : أثرت جائحة كورونا على القطاع الصحي من جوانب عدة فخلال زيادة عدد الحالات في أجنحة العناية المركزة وقلة عدد الحالات في غرف العمليات الأمر الذي استدعى وجود أطباء التخدير في العناية المركزة ما زاد من خبرة الأطباء المتدربين في برنامج التخدير بالتعامل مع هذه الحالات المرضية الصعبة والدقيقة في العناية المركزة.
وأضاف : أثناء عملي في أجنحة العناية المركزة الخاصة بمرضى فيروس كورونا، يتم نقل المرضى المصابين بفيروس كورونا بين مختلف المؤسسات الصحية، كما قمنا بتخدير الحالات المصابة بفيروس كورونا وتجهيزها للعمليات الجراحية المستعجلة المرتبطة بجراحات القصبة الهوائية في العناية المركزة وتخدير الحالات الجراحية الطارئة للمرضى المصابين وغير المصابين بفيروس كورونا في غرف العمليات الاخرى.
وعن أهم التحديات التي واجهتهم في مسار التدريب الطبي، قال: بحكم أن المرض جديد على جميع الطواقم الطبية بمختلف المستويات التخصصية لذا كان الحل اللجوء الى متابعة آخر تحديثات التوصيات الطبية والنشرات الطبية المرتبطة بمتلازمة الأزمة التنفسية الطارئة والالتزام بها في التعامل مع مرضى كورونا.
وأوضح أن البعدين الاجتماعي والنفسي المرتبطان بتوصيات العزل والخوف على الاقارب في مرحلة عدم وجود التطعيم وتوفير الرعاية لأسرة الطبيب خلال فترة وجوده في العمل من أصعب المعوقات التي مرت على الأطباء في بداية الأزمة الصحية والحل كان يكمن في تكاتف المجتمع مع أسر الاطباء في ظل وجود الخوف والقلق من التقاط العدوى التي قد يتعرض لها الأطباء خلال فترة عملهم مع مرضى كوفيد19.
وتحدث الدكتور مشيرا إلى ان الجائحة وإن خلفت بعض التحديات والصعوبات على القطاع الصحي إلا أن هناك آثارا ايجابية للجائحة فقد ساهمت في صقل المهارات والقدرات لدى الاطباء والاطلاع على خبرات الآخرين وآليات التعامل في خضم تفشي وباء مستجد. كما اكتسب الأطباء مهارات في تخصصات دقيقة أخرى وتعرفوا على سبل الإنعاش السريع و المبكر مثل التخدير الحرج والتنفس الصناعي والتعامل مع مضاعفاته، وطريقة إدخال انابيب الإنقاذ الصدري بين الضلوع، وإدخال قسطرة الأوردة المركزية والشرايين. ناهيك عن المهارات الاجتماعية في التعامل مع أهالي المصابين أو المتوفين عبر الهاتف فقط، والمهارات المرتبطة بالجانب النظري التدريبي بتقديم المحاضرات أو حضور الاجتماعات عبر المنصات الالكترونية.
تعليق الأنشطة التدريبية
أما الدكتورة شمسة بنت سليمان الفارسية، طبيبة مقيمة في تخصص التخدير فقد أوضحت عن كيفية تعامل الاطباء في مواجهة الجائحة خلال فترة تدريبهم بالمؤسسات الصحية: نظرا للتباعد الاجتماعي وللإجراءات الوقائية التي كان من الواجب اتخاذها وقت الجائحة، بداية كان هناك تعليق لجميع الانشطة التعليمية والدورات التدريبية بالإضافة الى تعليق وإعادة جدولة الامتحانات بالمجلس العماني للاختصاصات الطبية، وفي المستشفيات تم إيقاف جميع العمليات الجراحية المجدولة والاستمرار فقط بالعمل على الحالات الطارئة والمستعجلة، ما أثر على الجانب العملي للأطباء المتدربين وما يتطلبه التخصص من تدريب مباشر في غرف العمليات للوصول الى مستوى الخبرة المطلوبة والمهارة الكافية.
وأضافت: الوضع كان مقلقا خاصة هناك ازدياد في أعداد المرضى في غرف العناية المركزة وما ترتب على الوضع من ضرورة تنمية مهارات المتدربين في التعامل مع الحالات الحرجة وخاصة أن مجموعة من المتدربين في السنوات الاخيرة من التخصص تم نقلهم للعمل في العناية المركزة بدلا من غرفة العمليات، وحول جهود أطباء التخدير في الجائحة تقول الدكتورة شمسة : الدور الأكبر لأطباء التخدير كان في تقديم الرعاية الصحية للمرضى بالعناية المركزة، كما ساهموا في بقية أقسام المستشفيات مثل الطوارئ والعناية بالحالات الحرجة وتقديم الإنعاش ووضع المريض على التنفس الصناعي، كما ساعدنا في نقل مرضى كورونا بين المؤسسات الصحية والاعتناء بصحتهم بالإضافة الى تخدير الحالات لأي عمليات طارئة.
وتتابع الفارسية: في ظل تزايد أعداد الحالات في العناية المركزة والحاجة لجهود الأطباء في تقديم الرعاية الصحية كان الحل في التوجه إلى التعليم الالكتروني والتعلم عن بعد في مجال الجانب النظري.
ويعد الأطباء من أكثر الفئات التي تعرضت لضغط العمل وتأثرها بالجانب النفسي والخوف من التقاط العدوى بحكم تعاملنا مع مرضى كوفيد19 بالأخص الجهاز التنفسي للمريض ما أدى إلى وجود قلق مستمر من الاصابة والنقل الفيروس لأفراد العائلة، بالاضافة إلى تأثير البعد الاجتماعي الذي فرض على الأطباء لتعاملهم المباشر مع الجائحة.وبحكم العمل مع الوباء لابد من الاحتراز والتركيز دائما على التعامل بكافة التدابير الوقائية مع المريض لتقليل فرص نقل العدوى والإصابة.
وأشارت الدكتورة إلى نقطة مهمة خلال فترة التدريب في ظل انتشار الجائحة المستجدة على العالم أجمع بأن التعامل مع مرضى كورونا أسهم في صقل مهارات الأطباء في رعاية وعلاج حالات مرضية جديدة وما ترتب عليه من تنمية مهارات الاطلاع على مستجدات المرض عالميا وطرق علاجه وكذلك يعد فرصة لتعزيز مهارات البحث العلمي، وتنمية مهارات التعامل مع الأعداد الكبيرة من الحالات الحرجة الموجودة في وقت واحد داخل أجنحة العناية المركزة، كمهارات تحمل المسؤولية وترتيب الأولويات إضافة الى صقل الجانب المهاري والعملي مثلا كالقيام بالإنعاش السريع ووضع أنبوب التنفس الصناعي وقسطرة الشرايين والأوردة المركزية.
ضغط هائل
يقول الدكتور أحمد بن سليمان الهنائي طبيب مقيم بتخصص طب الاسرة: إن كورونا المستجد أثر على العملية التدريبية للأطباء في المؤسسات الصحية ايجابا وسلبا في آن معا، فقد تعاملنا مع أعداد كبيرة من مرضى كوفيد19 وعملنا تحت ضغط بدني ونفسي وهذا جزء من التدريب أصلا أن تعمل في ظل الأزمات والكوارث التي قد تحدث، ولكن في المقابل بسبب الاغلاقات التي حصلت وتقليص المواعيد وتأجيل العمليات فقد قل عدد المرضى الذين نتعامل معهم في التخصصات الأخرى وهذا أثر على العملية التدريبية، وخلال فترة تدريبي ساهمت في العمل كمتطوع في المسح الميداني الذي قامت به وزارة الصحة في ولاية مطرح، ثم عملت في المستشفى الميداني المخصص لحالات كوفيد 19 وذلك في أوج ذروة الجائحة وارتفاع الحالات. ومن جانب آخر، عملت في المركز الصحي بالعيادة الافتراضية بالرد على المرضى او إبلاغهم بنتائج فحوصاتهم عن بُعد عن طريق الاتصال.
وحول أبرز التحديات وكيف تم التغلب عليها، يوضح الدكتور : التحديات كانت تكمن في ازدياد الحالات وبالتالي الضغط الهائل على الطاقم الطبي، وهذا كان يشكل هاجسا كبيرا بالنسبة لي او لباقي الزملاء، كذلك كان هناك تأثير على الجانب النفسي، حيث الشعور بالضغط والاجهاد حاضر، والخوف من نقل المرض للأهل والأقرباء بحكم التعرض يوميا بشكل مباشر للفيروس.أيضا من التحديات الاخرى كانت أن جزءا من برنامج التدريب قد تأثر، فمثلا عدد الحالات المرضية تم تقليصها وبالتالي كمتدرب تتأثر سلبا بهذه الناحية، فالمرضى هم زبائننا كلما قلوا قلت فرصة التدريب.
وأضاف الهنائي: من فضائل الجائحة أني تعلمت وتدربت على العمل في ظل الأزمات، كذلك صقلت مهارتي في بعض الإجراءات الطبية وارتفعت الحصيلة المعلوماتية في تخصص الجهاز التنفسي وأمراض الجهاز التنفسي، كذلك كطبيب أسرة أتقنت مهارة تقييم الحالة المصابة من إمكانية علاجها بالبيت او المركز الصحي او تحويلها لمستشفى مرجعي او عناية مركزة.
دروس وتحديات
ومن جهتها تقول الدكتورة رياء بنت عبدالله الرواحية طبيبة مقيمة في برنامج طب الأسرة : جائحة كوفيد19 كما يعلم الجميع أحدثت تغييرًا جذريًا في شتى مجالات الحياة وهذا ما حدث معنا أيضًا كأطباء مقيمين في طب الأسرة،في الواقع، البرنامج التدريبي في تخصص طب الأسرة مبني على تدريب الأطباء في مختلف الأقسام والتخصصات، حيث إن طبيب الأسرة يجب أن يكون ملمًا بكثير من التشخيصات والحالات المتنوعة حتى يكون قادرًا على تشخيصها وعلاجها في مراكز الرعاية الأولية.
وفي فترات الذروة من جائحة كوفيد19 وفي فترات الإغلاق، تم الاقتصار على تقديم الرعاية الصحية للحالات الطارئة والمستعجلة فقط، كما تم إغلاق معظم العيادات الخارجية للحالات الروتينية غير الطارئة وهذا ما كان له أثر قد نقول سلبيًا من ناحية تنوع ووفرة الحالات التي نقابلها في مختلف التخصصات.
وعن الخدمات الطبية التي قدمتها خلال فترة التدريب أثناء الجائحة، توضح الرواحية: مراكز الرعاية الأولية كان لها الدور الأكبر في مواجهة جائحة كوفيد19 ونحن كأطباء مقيمين في طب الأسرة كنا وما زلنا جزءاً لا يتجزأ من طاقم الرعاية الأولية. وفي المراكز الصحية نقوم بتلقي الحالات المؤكدة والمشتبه فيها وفحصها وعلاجها. البعض منا كان يعمل في أقسام الطوارئ المختصة في حالات كورونا مثل مستشفى النهضة والمستشفيات الأخرى. كما كان برنامج طب الأسرة يرفد المستشفى الميداني وسبلة مطرح بمجموعة من الأطباء للسيطرة على تبعات هذه الجائحة.
وتابعت بقولها: لا يمكن إنكار ان الجائحة أظهرت تحديات كثيرة على الأطباء ومن أبرز التحديات التي واجهناها خلال الجائحة وجود بعض التغييرات في العملية التدريبية لبرنامج طب الأسرة، وفي أوج الجائحة لم يسمح لنا بالتنقل بين الأقسام والتخصصات كما هو مطبق في السابق وذلك للحد من تفشي هذا الفيروس، كما لبى البعض منا النداء للعمل في المستشفى الميداني وتغيير خطة التدريب لنكون يدًا بيد في مواجهة هذه الجائحة والحد من آثارها.
اضافت: كان من ضمن برنامجنا التدريبي سلسلة من المحاضرات والجلسات التعليمية التي كانت تقام في المجلس العماني للاختصاصات الطبية، لظروف الجائحة وتعزيزًا لمبدأ للتباعد الاجتماعي تقرر أن تعقد افتراضيًا وهذا لم يكن متقبلاً لدى البعض في البداية حيث يرون أن التعليم المباشر أجدى وربما يكون تفاعليا أكثر خاصة في التخصصات الطبية وذكرت الدكتور رياء: جائحة كوفيد19 كانت وما زالت تعلمنا الكثير من الدروس فكما يقال رب ضارة نافعة، وخلال الجائحة كان يتحتم علينا كأطباء عامة وأطباء أسرة خاصة أن نتعلم كيف نتعامل مع الطوارئ والأزمات وإدارتها بكل ما فيها من عقبات و صعوبات، لذا اكتسبنا ثقة كبيرة في كيفية تقييم الحالات التنفسية وتصنيفها، وأيضا من خلال عملنا في أقسام العناية المركزة اكتسبنا خبرة أكثر في التعامل مع الحالات الحرجة وكنا جزءا من الفريق المشرف على علاجها.