Image Not Found

تاريخ مختصر لبدايات تويتر

بدر بن عبدالله الهنائي – عُمان

تمر المنتجات والخدمات المبتكرة بشكل عام بمنحنى متناظر يأخذ شكل سنام الجمل ويعرف بـ “دورة حياة المنتج” والذي يحدد أعداد وفئات المقبلين عليه من الجمهور المستهدف خلال مراحل زمنية متتالية في سوق معين؛ إذ يواكب فترة ظهور المنتج بداية استخدام فئة المبتكرين له وهي الفئة التي لا تمانع الحصول على تجربة غير مثالية بدافع حب التجريب والريادة، ثم يلي ذلك مرحلة النمو التي يواكبها بدء استخدام فئتي المستخدمين الأوائل والغالبية المبكرة، بعد ذلك تأتي مرحلة النضج التي تتداخل فيها فئتا الغالبية المبكرة والغالبية المتأخرة، ثم مرحلة التراجع التي تقوم فيها فئة المتقاعسين ببدء استخدام المنتج.

وبتطبيق ذات المبدأ على دخول تويتر سلطنة عمان فلا يعد ذلك استثناء، فبعد أن كان مجتمع الإنترنت العماني نشطا بشكل بارز عبر المنتديات الإلكترونية بتقسيماتها المتشعبة وتأثيرها الواسع آنذاك، تفاوتت معدلات إقبال العمانيين على استخدام منصات التعبير الأحدث مثل مواقع التدوين والمنصات الاجتماعية المتطورة القائمة على تقنيات الجيل الثاني من الإنترنت أو ما بات يعرف بـ Web 2.0 والتي تركز على مستويات أعلى من الأمان والتفاعل والمشاركة والتصميم. غير أن ثراء المحتوى ومستويات التفاعل التي تميز بها فيس بوك منذ بداياته ساهمت في تسهيل انتشاره بوتيرة أسرع من تويتر، بينما انحصر استخدام منصات التدوين – وأبرزها بلوجر – على الراغبين في الاستقلالية والتعبير بشكل منفرد مع امتلاك مهارات جيدة في الكتابة. وقد شهدت بداية حركة التدوين في السلطنة ظهور المدونات التي تستخدم اللغة الإنجليزية لعل من أشهرها آنذاك مدونة “سري من مسقط Muscat Confidential” ومدونة “مسقطي” إلى جانب مدونات شخصية عديدة باللغة الإنجليزية لعمانيين وغير عمانيين اختاروا الكتابة باستقلالية بعيدا عن المنتديات الإلكترونية، تلتها في في مرحلة لاحقة موجة من المدونات الناطقة بالعربية ساهمت في طرح العديد من الموضوعات ذات الاهتمام المجتمعي في السياسة والمجتمع والثقافة والأعمال.

لقد افتقر تويتر في بداياته إلى ما يميز كلا من فيس بوك في جهة ومنصات التدوين في جهة أخرى، فقد كان فيس بوك يطرح المحتوى التفاعلي الثري من صور ومجموعات وردود وإعجابات، بينما أتاحت منصات التدوين المجال لمستخدميها للتعبير عن أنفسهم باسترسال دون حد معين من الحروف أو الكلمات، وهو ما جعل من تويتر منصة غير جاذبة بحروفه المائة والأربعين وعدم قابليته لمشاركة الصور والفيديو والتفاعل والردود. غير أن ذلك المستوى المحدود من المزايا هو ما جذب فئة قليلة من المستخدمين من سلطنة عمان سواء عمانيين أو غير عمانيين، وتأسست في ضوء قلة عدد المستخدمين شبكات معارف صغيرة كانت تتشارك الأخبار والأفكار والاهتمامات والأحاديث الجانبية حولها، والتي كانت غالبا ما تتم باللغة الإنجليزية نظرا لاقتصار دعم تويتر للوسوم باللغة الإنجليزية فقط في ذلك الوقت وكذلك بسبب وجود عدد كبير من غير العمانيين ممن يستخدمون المنصة ذاتها.

في الجانب التقني أثناء عامي 2008 و 2009 كان معظم استخدام تويتر يتم عبر موقع الويب الرسمي للمنصة، مع بدء ظهور تطبيقات طرف ثالث تقدم خدمة الولوج إلى المنصة على أنظمة تشغيل آي أو أس وأندرويد وبلاكبيري وسيمبيان وغيرها. ومع استمرار عدم تبني تويتر لمزايا كانت موجودة على فيس بوك مثل مشاركة الصور والفيديو والمواقع الجغرافية، فقد بادر عدد من تلك التطبيقات بإدخال ميزة استضافة الصور لتسهيل مشاركتها عبر روابط مختصرة على تويتر. وفي نوفمبر من العام 2009 أطلقت منصة تويتر زر إعادة التغريد مواكبة لسلوك مستخدمي المنصة الذي أظهر بشكل واضح رغبتهم في توظيف سهولة المنصة في مشاركة الأخبار والأفكار بسرعة فائقة.

في العام 2010 بدأت بعض الشركات العمانية بدخول عالم تويتر منها الطيران العماني والنورس سابقا وعمان للإبحار وعمانتل وغيرها، كما بدأت بعض بوادر تأثير تويتر في صناعة ومواكبة الأحداث والقضايا محليا وإقليميا وعالميا، من أبرزها على سبيل المثال قافلة الحرية التي اكتسبت أهمية خاصة لدى العمانيين بسبب وجود الصحفي العماني عباس اللواتي على متنها. كما شهد العام ذاته أول مواكبة لحالة مدارية تمر بها سلطنة عمان على تويتر وهي إعصار “فيت” والذي اضطر أثناءه العديد من الناطقين بغير العربية للجوء إلى تويتر للحصول على تحديثات مستمرة وسريعة حول الإعصار مع محدودية وصولهم إلى المعلومة في غيره من القنوات. وفي العام التالي تزايدت وتيرة استخدام المنصة مواكبة للحراك الاجتماعي في ظل ما عرف بالربيع العربي، والذي شكل بيئة خصبة للتعبير والنقاش ونقل الأخبار وظهور الشائعات، كما شهد ذات العام اهتمام الشركات برعاية اللقاءات التي كان يقيمها مستخدمو تويتر من أجل إيجاد تواصل أكثر فاعلية مع المجتمع الرقمي.

أما في العام 2012 فقد كانت أبرز ملامح منصة تويتر تزايد حضور الشخصيات العامة فيها من مسؤولين حكوميين ورؤساء تنفيذيين ورجال أعمال ومشاهير رافق ذلك الحضور بداية ظهور الحسابات الموثقة والمزيد من الشركات المحلية، إضافة إلى بدء تكامل المنصة مع قنوات الإعلام الرئيسية Mainstream Media مثل الصحافة والإذاعة والتلفزيون والتي بدأت بتناول القضايا والموضوعات المطروحة من قبل مستخدمي المنصة سواء من حيث استعراضها أو تأطير مناقشتها بمشاركة المهتمين والمعنيين.

ومع دخول تويتر مرحلة النضج – في السلطنة على الأقل – فإن من المفيد التعرف إلى الأساسيات التي ساهمت في انتشاره وتميزه عن بقية منصات التواصل الاجتماعي، حيث تعتمد المنصة على مبدأ المتابعة بشكل غير شبكي، والمحتوى النصي المختصر الذي لم يتعد 140 حرفا – تمت زيادته إلى 280 حرفا لاحقا – بالإضافة إلى مبدأ التغريد وإعادة التغريد والذي يضمن سرعة انتشار المحتوى بصيغته الأصلية بضغطة زر، وأخيرا مفهوم الوسوم Hashtags التي تسهم بشكل كبير في تصنيف وأرشفة الحوارات والموضوعات سواء لتنظيم مناقشتها أو تسهيل الرجوع إليها مستقبلا.