كشفت جائحة كورونا عن المشاكل المالية التي يواجهها بعض الأفراد وأصحاب المؤسسات الصغيرة في المنطقة نتيجة للخسائر التي لحقت بهم من جراء الإغلاقات والديون التي ترتبت عليهم، بحيث أصبحوا من فئة الغارمين التي تنتظر من يستنقذهم من هذه المشاكل المالية، في الوقت الذي يفتقدون فيه إلى الاحتياطيات المالية والادخارات الخاصة التي يمكن أن يعتمدوا عليها في مثل هذه الحالات الطارئة.
مثل هذه الأزمات تكشف أيضا أهمية توجه الجميع نحو الادخار في حياتهم مهما كانت قوتهم المالية في الأسر والعمل التجاري، بحيث لا يحتاجون إلى التوجه نحو الديون إذا احتاجوا إلى المال مرة أخرى لتمويل مشاريعهم من جديد، والتوجه نحو الاستدانة من المؤسسات التمويلية. ومن هذا المنطلق رأينا أن العالم يعمل على إنشاء بنوك الادخار لتلعب دورًا مهمًا في تعزيز المدخرات وتحقيق هذا الغرض، خاصة وأنها تطلق عدداً من الحملات والمبادرات والتعاون مع الجهات غير الحكومية والخاصة لمضاعفة عدد حسابات التوفير المملوكة للناس من أصحاب ذوي الدخل المحدود وأصحاب المؤسسات الصغيرة بهدف الاستنفاع من الأموال في المراحل المتقدمة للعمر وفي حالات الطوارئ. وهذا ما نراه اليوم يحدث في المجتمع الخليجي بالرغم من الإسراف والتبذير الذي تشهدها المجتمعات سواء لدينا في الدول الخليجية أو العربية الأخرى.
لقد خصص العالم يوماً باسم يوم الادخار العالمي الذي مّر علينا قبل فترة مضت، حيث تحتفل فيه البنوك والمؤسسات المالية بهذه المناسبة العالمية وتعمل على نشر الوعي حول مفهوم الادخار بين أفراد المجتمع وتعزيز إدخارات الأفراد والمؤسسات الصغيرة لكي تتمكن من مواجهة أحداث الحياة في حال حصول أزمات كالأزمة التي نمرّ بها اليوم بسبب استمرار الجائحة والوباء. كما يهدف هذا اليوم إلى التحذير والتعرض للعواقب الوخيمة للإنفاق المفرط والاستخدام غير العقلاني لبطاقات الائتمان لشراء البضائع.
يوم الادخار العالمي تم الإعلان عنه لأول مرة في 31 أكتوبر عام 1924 من خلال رابطة بنوك الادخار العالمية في ميلانو بإيطاليا. وخلاله تم تقديم برامج الادخار في محاولة منها لتعزيز المدخرات وتقديم الدعم للأحداث المدرسية والشخصيات الدينية والمنظمات الثقافية والرياضية والمهنية والنسائية، بهدف تعزيز مفهوم ادخار المال للتمتع بمعيشة أفضل وتأمين الاقتصاد. وخلال السنوات الماضية اكتسبت الدول أهمية لهذا الحدث، خاصة في الدول النامية التي تفتقر إلى الوعي بأهمية الادخار من خلال إطلاق الحملات والمبادرات لمضاعفة حسابات الفقراء.
فالادخار أصبح اليوم مفتاح الاقتصاد العالمي من خلال ما يقوم به الفرد بالمساهمة في تنمية مشاريعه الخاصة ودعم موطنه وتنميته. فالادخار يمثّل تعبيراً عن نضج الأمة في هذا الشأن، ومن خلال يوم الادخار العالمي تقدّم مبادرات عديدة منها إطلاق الشركات والمؤسسات حملات لدعم برامج الادخارات للأفراد والأسر، بجانب إلقاء المحاضرات وإصدار الكتيبات والنشرات والمواد الصحفية وبث أفلام وإعلانات تعليمية وإعداد برامج ترفيهية، بالإضافة إلى قيام المدارس بتنظيم دورات خاصة لتثقيف الأطفال حول فضائل توفير المال. ومنذ عشرات السنين يحتفل المعهد العالمي للادخار والخدمات المصرفية للأفراد بهذا اليوم من أجل توفير المال، والتركيز على دور تحقيق الاستقرار من خلال خدمات الادخار والخدمات المصرفية للأفراد في النظام المالي العالمي.