Image Not Found

تطورات نظام الكفيل بدول المجلس

حيدر اللواتي لوسيل

يبدو أن معظم دول مجلس التعاون الخليجي قد ألغت نظام الكفيل في سياستها منذ أن تم استقطاب العمالة الوافدة إلى المنطقة بصورة كبيرة في بدايات السبعينيات من القرن الماضي. فمنذ أيام مضت أعلنت السعودية بأنها طبقت مبادرة تحسين العلاقات التعاقدية بدلاً من العمل بنظام الكفيل، الأمر الذي أدى إلى الإشادة بالقرار من قبل العمالة الأجنبية والمنظمات الدولية. وترى الجهات المعنية في القوى العاملة الخليجية بأن هذا القرار سيعمل على كشف الشركات الوهمية التي تعمل بعضها في التجارة المستترة، وتلك التي تستغل الوافدين وتتاجر معهم في بيع المـأذونيات وتدوير المؤسسات التجارية.

واليوم نرى بأن دول المجلس تضع هذا القرار ضمن أولوياتها، بعد أن أخذ الموضوع قسطاً كبيراً من المناقشات بين المؤسسات التي تنتمي للقطاع الخاص والمؤسسات الحكومية التي تتعامل في قضايا العمالة الوافدة على المستوى الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان، الأمر الذي يتيح الفرصة للعامل الأجنبي بالخروج من المنطقة وقتما شاء، في الوقت الذي تعمل فيه دول المجلس على تبني وتقديم برامج إصلاحية في الشأن الاقتصادي لجذب ادخارات هؤلاء الأجانب بالاستثمار في المنطقة.

فنظام الكفيل في السعودية على سبيل المثال استمر لمدة سبعة عقود، مقابل خمسة عقود في دول خليجية أخرى، الأمر الذي من المحتمل أن يؤدي إلى خلق سوق عمل جذاب، وتمكين الكفاءات البشرية الخليجية وتنميتها بجانب تطوير بيئة العمل التجاري بعيداً عن ممارسات التجارة المستترة. فإلغاء نظام الكفيل يتيح الفرصة للأجانب ويخفّف القيود التعاقدية عنهم بجانب منحهم حرية تغيير الوظائف والأعمال والمغادرة وقتما يشاؤون دون إذن صاحب العمل “الكفيل”، مع ضرورة إبلاغه قبل المغادرة بفترة محددة حتى يتمكن الكفيل من تشغيل شخص آخر والتعامل مع ظروف العمل مع عمالة أخرى.

وهذا ما قامت به أيضا دولة قطر عندما أعلنت عن مشروع إلغاء نظام الكفالة ومأذونية الخروج للأجنبي في إطار الإصلاحات التي يشهدها سوق العمل القطري بهدف تحسين ظروف المعيشة والعمل للوافدين إليها. وهذه الإصلاحات – بلا شك – ستعمل على تعزيز حقوق العمال وتحسين ظروف المعيشة والعمل في آن واحد، مع تمكين الجميع من اختيار العمال وتنظيم تنقلهم وفق رغبات الجميع ودون إكراه. وهذه القوانين الجديدة ستجعل المنطقة أكثر جذبا لأصحاب المهن الجيدة والكفاءات الكبيرة بجانب جذب العمالة الرخيصة، الأمر الذي سوف يسهل على الشركات المحلية المضي في مشاريعها المعتادة.

وقبل تطبيق نظام إلغاء الكفيل كانت المنطقة قد تعرضت إلى الكثير من الانتقادات تجاه التشريعات التي تتعلق بالعمالة الأجنبية من جانب النقابات والمنظمات الحقوقية في العالم، بالرغم من أن بعض البيانات صدرت نتيجة للشائعات التي تحدثت عن عدم قيام دول المجلس بتوفير الأوضاع المعيشية المقبولة للأجانب، الأمر الذي أدى إلى قيام بعض المسؤولين في تلك المنظمات بزيارة المنطقة والوقوف على جميع الأوضاع التي تهم العمالة الوافدة.

إن إلغاء نظام الكفالة سوف يعطي العامل الأجنبي حرية أكبر في اختيار عمله أو تركه متى شاء دون أن يكون هناك أي استغلال أو تهديد له، ولكن الخوف يكمن في قيام بعض الموظفين الكبار بنشر أسرار شركاتهم السابقة إلى منافسين جدد، الأمر الذي ربما يؤدي إلى خلق منافسة غير شريفة.