أصبحت عملية إعادة التأهيل والتدريب عملية ضرورية ومهمة في عالم الأعمال اليوم، فهناك وظائف تنتهي وتموت، ووظائف جديدة تظهر بسبب إرهاصات الثورة العلمية الرابعة.
ونحن في عمان لدينا سبب آخر ملح ومهم، وهو غياب منظومة المواءمة بين المخرجات وسوق العمل، وكان يتم تحديد الاحتياجات من المخرجات بطريقة غير مقننة، فقد كان يصدر خطاب سنوي من وزارة التعليم العالي إلى الوزارات والهيئات الحكومية، وربما الشركات لتحديد احتياجاتها من المخرجات، وعلى الردود يتم التحديد والابتعاث. ولكونها طريقة غير مقننة وغير مبنية على خطط استشرافية لسوق العمل ، فقد شهدنا فائضا كبيرا في مخرجات كثيرة، وعندما نسمعهم يقولون إنه تم نصحهم بدراسة هذا التخصص من الجهات المعنية. وهذه الجهات نفسها الآن لا تريد تعيين هذه المخرجات !
إننا الآن يصدد البحث عن حلول دائمة لحل مشكلة فائض المخرجات في بعض التخصصات أولا، ثانيا أن تكون هناك خطط استشرافية لواقع سوق العمل واحتياجاته الحقيقية لسنوات قادمة.
من المؤكد أنه لا يوجد حل لفائض المخرجات إلا بإعادة التأهيل والتدريب، ونصاب بالفزع عندما تطالعنا وسائل التواصل الاجتماعي بأن هناك حوالي ١٢ ألف شاب
وشابة توجهوا إلى جامعات خارجية لإعادة التأهيل؟ وتأتينا عدة إجابات لذلك، بعضها يقول إن هناك رفضا لتعيين مخرجات الجامعات العمانية، وآخر يقول إنها ضربة حظ للتعيين قد تنجح وقد تفشل مع إعادة التأهيل ، ورد ثالث يقول بوجود تسريبات بأن هناك حاجة لهذه المخرجات مستقبلا، ورد رابع وهو المؤكد ؛ ” لقد سئمنا من الانتظار، وإذا المطلب إعادة التأهيل، فسنقوم به رغم كلفته أملا في الوظيفة التي مر علينا أعوام عديدة وطويلة ونحن ننتظرها ! “
في كل الأحوال، هناك من ذهب لإعادة التأهيل مقترضا المبلغ لظروفه الصعبة، ومن لم يذهب لعدم قدرته على الدفع.
إن إعادة التأهيل وفقا لخطوات واضحة للتعمين والإحلال عملية مهمة وضرورية، لكن أن تتم بأقل الأثمان، وأن يدعم غير المقتدرين من الشباب، وأن يستفيد منها
الوطن بكلياته وجامعاته، لكن أن لا تضع هذه الكليات والجامعات شروطا وطلبات تزيد المبالغ المدفوعة.
والأفضل من كل ذلك ؛ أن يقوم بإعادة التأهيل والتدريب الوزارات نفسها المعنية بالتعيين، وذلك في مؤسساتها التدريبية، أو المؤسسات الحكومية الشريكة لها،
فماذا يمنع أن يقوم معهد المعلمين التخصصي بإعادة التأهيل والتدريب وفقا لخطة الإحلال التربوي لوزارة التربية، وأن تدفع له هذه المبالغ ليستفيد منها في
تطوير المعهد وكوادره. أو أن يقوم مجلس الاختصاصات الطبية ومعهد التمريض بالنسبة للمخرجات الصحية،وفقا لخطط الإحلال والتعمين لوزارة الصحة، وان
يستفيدا من هذه المبالغ، وهي لا شك مبالغ كبيرة ستساعد هذه الجهات في تطوير التأهيل والتدريب إلى آفاق أكبر.
لم يعد ينفع أن تعمل الوحدات الحكومية كجزر منفصلة عن بعضها، ولم يعد ينفع أن نفتقد منظومة المواءمة بين المخرجات وسوق العمل إلى اليوم !