Image Not Found

المقهى العلمي يكشف منافع البنوك الجينية النباتية

عُما: كتب – يوسف بن سالم الحبسي

100 نوع من الجينات النباتية في سلطنة عُمان بينها 50 صنفا موجودة منذ القدم
بنك البذور في حديقة النباتات والأشجار العمانية هو أول بنك على مستوى الشرق الأوسط
النباتات العمانية المسجلة تتجاوز ألفًا وأربعمائة نوع بينها ما نسبته 65-70% توجد في ظفار
40% من النباتات على مستوى العالم مهددة بالانقراض مع التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية

نظّم مركز موارد «مركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية» التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، الجلسة العلمية الأولى ضمن الموسم السابع لعام 2021/ 2022، حول أهمية البنوك الجينية النباتية، وذلك برعاية شركة «اس جي اس»، وشهدت الجلسة استضافة الدكتور علي بن حسين اللواتي، أستاذ مساعد بجامعة نزوى، ومتخصص في الجينات الوراثية العمانية، والدكتورة ليلى بنت سعيد الحارثية، تخصصية أولى نباتات، بحديقة النباتات والأشجار العمانية، وأدارها الدكتور المعتصم بن محمد المعمري.

وركزت محاور الجلسة على الثراء الذي تزخر به سلطنة عمان في مجال الموارد الوراثية النباتية، وكيفية المحافظة عليها، وآليات استثمار هذا الثراء في الفرص الاقتصادية والعلمية الضخمة، بالإضافة إلى تأثير فيروس كورونا على الدول من حيث حفاظها على كافة مواردها العلمية والدوائية والاقتصادية، واستعرضت جلسة المقهى العلمي التعريف بالبنوك الجينية النباتية وأهميتها ومدى الحاجة لها.

وقال الدكتور علي بن حسين اللواتي، أستاذ مساعد بجامعة نزوى، ومتخصص في الجينات الوراثية العمانية: إن كلمة الجين تعني المورث، فعلى سبيل المثال إذا افترضنا أن «تمر الخلاص» يتصف بقشرة ذهبية، لمّا يكون في مرحلة الرطب، وبطعم معين، وبنضج معين، فهذه الخصائص تتحكم بها الجينات، فالبنوك الجينية بشكل عام تحتفظ بهذه الجينات لكل الأنواع النباتية الموجودة في سلطنة عمان، سواء كانت للغذاء أو كانت نباتات طبية أو نباتات المراعي، فكل أنواع النباتات يجب أن تحتفظ بهذه الأنواع من الجينات، على شكل بذور أو دنا أو حبوب لقاح أو أنسجة، وهذه الجينات تتطور بشكل طبيعي في بيئتها من حيث التطور والتأقلم ضمن الكائن النباتي، ولكن أحيانا تطرأ بعض المخاطر عليها فيجب علينا وقتها الاحتفاظ بهذه الجينات.

وأضاف: إن هناك أكثر من 100 نوع في سلطنة عُمان تستخدم النبات والزراعة، و50 نوعًا منها هي أصناف موجودة في عمان منذ القدم، منها القمح الشعير، والبقوليات المختلفة، وبعض أصناف القمح العمانية متحملة للجفاف، أو متحملة لدرجات الحرارة العالية، والتي نحصل عليها بالتعاون مع المزارعين، عبر التعاون معهم مع الحصول على بعض البيانات الأساسية الضرورية عن هذه البذور، وهنا طريقة معينة تكون لديك القدرة من خلالها للاحتفاظ بهذه البذور لفترات طويلة تصل إلى عشرات السنين، وقد تصل أحيانًا إلى مائة سنة، وقام مركز موارد بالتعاون مع المديرية العامة للبحوث الزراعية بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بإنشاء بنك حقلي لأكثر من 100 نوع من أشجار الموز موجودة في السلطنة، كما قام المركز بإنشاء بنك للجينات الوراثية بالتعاون مع جامعة نزوى وبمقاييس عالمية لحفظ البذور ومجموعة من الفطريات.

وعن أهداف حديقة النباتات والأشجار العمانية قالت الدكتورة ليلى الحارثية: إن مهام الحديقة متنوعة ومنها حماية التنوع الأحيائي، أو حماية الإرث النباتي، وكانت رؤية المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- في إنشاء الحديقة واضحة، وهي الاهتمام بالنبات العمانية وهي ما سعينا إلى ترجمتها في الحديقة، عبر الحفاظ على هذه النباتات في بيئتها الطبيعية، دون التفكير بأننا نحاول الحفاظ عليها خارج بيئتها الطبيعية وهنا يجب الذكر أنه مع التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية فإن حوالي 40% من النباتات على مستوى العالم مهددة بالانقراض، فهذه النسبة هي من النباتات المسجلة فقط، لذلك ليس من المعقول ترك النباتات دون رعاية أو حماية في وجه الكوارث الطبيعية، ومن المهم القول إن إنشاء بنوك لحفظ البذور أو الأنسجة مهم جدًا والأهم هو إنشاء بنك لبذور التربة لا سيما مع الفقدان المتزايد للتربة عالميًا، فبالتالي أن بنك البذور في الحديقة بالتعاون مع بنوك البذور العالمية سيساعد الحفاظ على النباتات العمانية، وسيكون خط الدفاع الأول لإعادة استزراع هذه النباتات لو حصل أي تهديد طبيعي أو بشري، كذلك إن بنك البذور في حديقة النباتات والأشجار العمانية هو أول بنك على المستوى الوطني والإقليمي ومنطقة الشرق الأوسط، فلا يوجد بنك بذور مهتم بالنباتات المحلية إلا الذي موجود بالحديقة، وحاليًا التركيز منصب على النباتات العمانية فقط حيث تأتي معها كل الخبرات والمعارف التي يجب تطويرها، لإقامة بنك البذور كبنوك البذور العالمية.

البنوك الجينية
وأشار الدكتور علي اللواتي إلى أن فكرة البنوك الجينية أوسع من بنوك البذور، فهي تشمل الأنسجة و«دي ان ايه» غير المكتمل والجينات، وهي كلها عناصر قابلة للحفظ، وممكن إعادتها للحياة كنبات مثلًا، والبنك الموجود في النرويج وهو بنك سفالبارد العالمي للبذور، هو بنك بذور آمن ويقع في أرخبيل سفالبارد على بعد حوالي 1313كلم من القطب الشمالي، حيث يحتفظ بنسبة لا تقل عن 90% من مخزوناته في محاصيل الغذاء من جميع أنحاء العالم، حتى سلطنة عمان يوجد لديها بطريقة أو بأخرى مخزون في هذا البنك من محاصيل القمح العماني، وذلك يعود إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كانت مؤسسات دولية بالتشارك مع وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه تسعى لجمع هذه الموارد وكانت تحتفظ بها في تلك البنوك، وقبل 3 سنوات تم تجميع هذه البذور وإرسالها إلى البنك الدولي للبذور بموافقة الحكومة، وما تم جمعه في الحقيقة هو نسبة قليلة من الجينات والتنوع الوراثي الموجود في سلطنة عمان.

وأكد أن وجود قاعدة بيانات للجينات الوراثية ليتم حفظها في البنك مهم جدًا، حيث تقوم جامعة نزوى حاليًا بدراسة أحد أصناف القمح للتأكد من قدرته على تحمل الجفاف، فتم تعريضه لعدة عوامل جفاف، ورأوا مدى قدرته، حيث يوجد لدينا ما يقارب عشرة أنواع رئيسية من الأصناف المحلية من القمح العماني، وبعد الدراسة يتم اكتشاف أكثر الأنواع مقاومة للجفاف، ثم يتم اكتشاف ما هو الجين الأكثر مقاومة للجفاف، وهي عملية ليست سهلة، حيث تحتاج إلى باحثين وعلماء ومتخصصين للبحث فيه وبالتحديد عن الجين المسؤول والعثور عليه أو مجموعة الجينات المسؤولة عن ذلك.

ناقوس الخطر
وحول إذا ما كانت هناك أي بيانات محلية لخطر فقدان النباتات أو وجود أصناف مهددة في سلطنة عمان، قالت الدكتورة ليلى الحارثية: يصل إجمالي عدد أنواع النباتات العمانية المسجلة في السلطنة إلى اكثر من ألف وأربعمائة نوع تقريبا، موزعة من الشمال إلى الجنوب تقريبا، من مسندم إلى ظفار، علمًا أن نسبة 65-70% من الأنواع العمانية موجودة في محافظة ظفار، بـ800 نوع تقريبا، وبعض الأنواع في سلطنة عمان تم إدراجها في القائمة الحمراء، وهي تعني القائمة من النباتات المهددة بالانقراض، ويجب دق ناقوس الخطر عنها، حيث إن بعضها موجود على سبيل المثال على شفا منحدر جبلي في محافظة ظفار فقط من مجموعة مكونة من 20 نباتا تقريبا، واستعانت الحديقة بكبار السن منذ بداية رحلة الحديقة في عام 2006م لمعرفة هذا الإرث العظيم حيث بيّنوا لنا آن ذاك عدد الأشجار والكثافة النباتية في موقع معين عن آخر، وكيف أصبح في الوقت الحالي وهذا واضح بشدة في كل الخرائط النباتية.

الموارد النباتية
وأوضح الدكتور علي اللواتي أنه يوجد لدينا 400 نوع من النباتات الطبية من أصل 1400 نوع، وطبعًا هذه النباتات المعروفة يصل عددها إلى 200 نوع، ولكن العدد الآخر غير معروف لدى العمانيين، لذلك أجرينا دراسة أشارت إلى أنواع أخرى من هذه النباتات الطبية الموجودة بشكل بري، فهذه النباتات معروفة، فمثلًا نبات الزعتر البري لديه خصائص ويستعمل في الشاي وغيرها، ولكن بنوك الحفظ الجينية تبحث في الدهون الكيميائية فيه، وما هي العناصر الكيميائية الفاعلة في معالجة الأمراض في جسم الإنسان، وهذا لا يتأتى إلا بالبحث العلمي، فالمؤسسة تحفظ البذور بطريقة سليمة، ولكن يجب أن تكون هناك دراسات حول الخصائص الطبية لها، وما هي العلاجات التي يمكن استخلاصها من هذه البذور، ونوعية الأدوية التي يمكن صناعتها، وكذلك كيفية زراعتها في البيئة العمانية وأن تكون لديها الفاعلية نفسها عندما تكون في البيئة الطبيعية لها، لذلك فهي منظومة متكاملة، وهذا يسهل عملية الاستثمار للمستثمر للتأكد من جودة البحوث والذي بنيت عليها ويتم استحصال العائد الاقتصادي بسهولة للمستثمر والباحث، و«رؤية عمان 2040» تؤكد على استغلال الموارد الطبيعية لاقتصاد البلد بشكل مستدام.
https://www.omandaily.om/عمان-اليوم/na/المقهى-العلمي-يكشف-منافع-البنوك-الجينية-النباتية