رغم الدعوات التي بعثتها غرفة تجارة وصناعة عمان إلى العديد من رجال الأعمال العمانيين المعروفين للقاء أعضاء الوفد التجاري اللبناني الذي زار السلطنة مؤخرًا للوقوف على التطورات التي تشهدها السلطنة في مجال الاستثمار الأجنبي في السلطنة، ونوعية الاسثتمارات التي تبحث عنها، إلا أن حضور اللقاء في المنتدى الذي عقد بمقر الغرفة خلا من التجار المعروفين، بينما كان بعض رواد الأعمال العمانيين الجدد حاضرًا لتحقيق هذا الغرض.
المسؤولون في الغرفة من جانبهم يعملون على تحقيق قفزة جديدة في مستوى التعاون الاقتصادي الثنائي بين البلدين، في الوقت الذي يحرص فيه القطاع الخاص اللبناني على تواجده في الكثير من دول العالم، بحيث أصبحت الصناعات اللبنانية تتواجد اليوم في أمريكا والدول الأفريقية بجانب بعض الدول العربية، وتتمتع المنتجات المتنوعة لديها بأعلى المواصفات وتتلاءم مع الذوق العربي والعماني، فيما يأمل أعضاء الوفد بتوسيع هذا التعاون لتقام الصناعات اللبنانية في السلطنة خلال المرحلة المقبلة.
زيارة الوفد التجاري اللبناني المكوّن من 11 شخصية برئاسة معالي محمد شقير الوزير السابق ورئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة البنانية، ورئيس غرفة تجارة وصناعة بيروت في مثل هذه الظروف بسبب وباء كورونا، ستثمر تحقيق مزيدٍ من التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين مستقبلاً، وقد كان الوزير واضحاً في حديثه الارتجالي، عندما أكد في المنتدى الاقتصادي أهمية تحقيق التعاون المشترك مع السلطنة لتحقيق مزيد من النتائج الايجابية التي تعود على البلدين في مختلف المجالات الاقتصادية.
اهتمام اللبنانيين واضحٌ في العمل مع القطاع الخاص العماني للاستثمار، وهذا ما أكد عليه الوزير أن اللبنانين يعرفون جيدًا أن السلطنة ليست من أكبر الأسواق في دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن شعبها أهل الحضارة والعمل والإنتاج، ولديهم الكثير من الموارد التي يمكن من خلالها إقامة الصناعات الجيدة، موضحًا أن المستثمرين اللبنانين المقيمين في السلطنة تمكنوا من الدخول والنجاح في مشاريعهم التجارية المقامة هنا، وأن كل مستثمر لبناني يأتي بشخص آخر. وتحدث كذلك عن أهمية العمل لزيادة التبادل التجاري بين البلدين؛ حيث يرى أن حجم التجارة الخارجية بين البلدين ضعيف؛ إذ يصل إلى حدود 45 مليون دولار أمريكي، مقترحاً العمل على تأسيس شركة عمانية لبنانية مشتركة تهدف إلى ترويج وتسويق المنتجات العمانية في الأسواق الأفريقية. وقد لاقى هذا الاقتراج إشادة من سعادة المهندس رضا بن جمعة آل الصالح رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عمان.
وألمح شقير إلى أن الجالية اللبنانية في الدول الأفريقية يصل عددها إلى نصف مليون شخص يعملون في مختلف الأعمال التجارية والصناعية، وتمكنوا من إقامة العديد من الصناعات في تلك الدول بجانب عملهم في القطاعات الإنتاجية الأخرى، مبديًا استعداد اللبنانيين للعمل مع العمانيين في إقامة الصناعات الجديدة في السلطنة من خلال تجاربهم في الدول الأخرى، والترويج للمنتجات العمانية في تلك الأسواق.
وتحدث شقير قليلاً عن الوضع اللبناني والأزمة المالية والاقتصادية التي يمر بها لبنان، موضحًا أن اللبنانيين تمكنوا من تحويل هذه الأزمة إلى بعض الفرص؛ حيث كان لبنان قبل الأزمة يقوم باستيراد 85% من احتياجاته من السلع والمنتجات من الخارج، ويعتمد على السلع المنتجة الداخلية بنسبة 15%، إلا أن الأزمة غيرّت هذه النسب بحيث تم الاعتماد على 45% من السلع والمنتجات اللبنانية المحلية، الأمر الذي يساعد على تحقيق مزيد من النجاح للمنتجات الوطنية والاعتماد على النفس. وأن الجميع يعمل اليوم في لبنان على دعم هذه المشاريع ويزيد من ثقته في الحكومة الحالية، ولدى لبنان العديد من الفرص في الكثير من القطاعات الاقتصادية، في الوقت الذي تعمل فيه الدولة على التحرك من خلال الهيئات الاقتصادية لإعادة استنهاض القطاع الخاص ليأخذ دوره كاملاً في عملية الصمود والنهوض بالبلد. فهذا القطاع يمكن له تعزيز عملية النهوض وهو قادر على تسيير القيادة والنهوض والنمو وخلق فرص العمل، الأمر الذي يمكن من خلاله تحسين الكثير من أحوال اللبنانين. وقال بأن هذه الزيارة لعمان وما سبقتها من زيارات ستعمل على تحقيق مزيد من المصداقية والنجاحات والتركيز على قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والعلامات التجارية، خاصة وان القطاع الخاص اللبناني تمكّن من ذلك في عدد من الدول العربية وفي العالم.
من جانبه، يرى المهندس رضا بن جمعة آل صالح رئيس مجلس إدارة الغرفة العمانية ضرورة أن يؤدي القطاع الخاص العماني دورًا أكبر في تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين لتحقيق الطموح المشترك وتعزيز هذه العلاقات وتنميتها لتنعكس إيجابا على حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين.
لقد تفاعل الوفد التجاري اللبناني- بالرغم من صغر حجم هذا الوفد- مع العروض المرئية التي قدمها المسؤولون من وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، والمؤسسة العامة للمناطق الصناعية “مدائن”؛ للتعريف بالكثير من التفاصيل التي تهم التجار والمستثمرين، خاصة وأن السلطنة وبقية دول مجلس التعاون الخليجي يصل تعداد السكان فيها إلى 54 مليون نسمة، بجانب الدول القريبة منها في الشمال والجنوب الذي يزيد عددهم عن 1.2 مليار نسمة. فالسلطنة متصلة بالشرق والغرب بطرق تجارية حيوية، وهي قريبة من الأسواق الناشئة في آسيا وأفريقيا، في الوقت الذي يمكن للمسثمر الأجنبي تملّك 100% من مشروعه، ولا توجد هناك قيود على تحويل العملات الأجنبية، كما لا توجد ضريبة على دخل الأفراد، فهي تعيش في بيئة مستقرة وآمنة، وتتعامل مع الاستثمار الأجنبي معاملة الاستثمارات الوطنية، وأن المساحات التي وفرتها للمناطق الصناعية والمناطق الحرة تبلغ اليوم 2080 كيلو مترًا للنهوض بهذا القطاع، فهذه المساحة تزيد عن حجم بعض الدول العربية.
من خلال أعضاء الوفد واسئلتهم الجادة يمكن أن نستنج أن هناك رغبة جادة لهم للاستثمار في السلطنة، خاصة في مجال التصنيع، فاللبنانيون حولوا بعض المدن في العالم إلى واحات صناعية وتجارية، وهذا ما يريدون تحقيقه في السلطنة خلال السنوات المقبلة.