إعصار ” شاهين” الذي مرَّ على أجواء السلطنة الحبيبة لم يكن الأول ولن يكون الأخير، على عُمان وأهلها وأجوائها، فلقد عاصرنا عدة أعاصير وتقلبات مناخية ومدارية مختلفة خلال السنوات القليلة الماضية ابتداءً من إعصار “جونو” الذي مرَّ علينا وبكل قوة عام 2007، وما تبعه من إعصارات أخرى شهدناها في العقدين الماضيين، لنعاصر اليوم هذا الإعصار المدمر في قوته والضعيف في إرادته أمام القوة الإلهية.
النتائج الأولية لهذا الإعصار الأخير ماثلة أمام الجميع من حيث قوته وما ترك من محن على الآخرين وعلى الطرقات والمنازل والمؤسسات التجارية، والحمد لله على أن المواطنين والمقيمين تمكنوا من أخذ الإجراءات الوقائية اللازمة قبل المرور على مدنهم ومحافظاتهم وبقيت معظم الخسائر في الأملاك والمعدات والأمور المادية التي سوف يعوضها الله سبحانه وتعالى على من فقدها من هذا الإعصار.
لا نقول إلا ما يرضي الله في السراء والضراء، ونقول الحمد لله على ما أعطيتنا وما أخذت منِّا، فأنت المعطي ونحن السائلون عن عطاياك الكثيرة.
علينا أن ننظر إلى هذا المطر والسحاب والبرق بكل تفاؤل مثلما وصانا الإمام علي بن الحسين، عندما ذكر في أدعية الصحيفة السجادية بأن نطلب من الله ألا يكون مطر سوء؛ بل رحمة وبركة، باعتبار أن هذه الآيات هي من آيات وظواهر الله سبحانه وتعالى، ففي ظاهرها تعب ومشقة وعناء للناس، وفي باطنها رحمة ونعمة وخير مجزي لهم. وعلى المرء أن يرجو من الله أن تكون هذه السحائب والأمطار رسل الخير والبركة، وأن يكون لها منافع للعباد والبلاد، وأن تكون مصدر خير للجميع، خاصة أولئك الذين فقدوا زرعهم وماشيتهم وأملاكهم ومحتوياتهم الثمينة من السيارات والأثاث والمواد الإنشائية والكهربائية وغيرها من المواد الثمينة الأخرى.
وأن ندعو الله أن تكون هذه الأمطار مصدر معاش للناس وأرزاقهم وحياتهم، وأن لا تكون مصدرا النقمة والغضب. وهذا ما أكد عليه الإمام السجاد في دعائه بأن يكون هذا السقيا والمطر مصدر رزق وبركة للجميع. فالحمد مطلوب في جميع الأوقات حتى في حالات الابتلاء والبلاءات، وفي مثل هذه الظواهر الكونية التي تأتي استجابة تجاه ما يصدر من أفعال الإنسان. وبالشكر تدوم تدوم النعم وخاصة في مثل هذه الأوقات العصيبة.
علينا أن نكون مستعدين لمواجهة هذه الظواهر الكونية في المستقبل، خاصة وأن السلطنة تقع على بحار مفتوحة التي لا تهدأ من هيجانها على فترة، وأن تكون البنية التحتية قوية وتتمتع بوجود بدائل عدة منها ليتمكن الناس من الحركة والعيش في مثل هذه الظروف، وضرورة أن تكون لدى الجهات المعنية مواقع عملية للمؤسسات البديلة بحيث لا تتوقف دورة الحياة الاجتماعية والاقتصادية، مع ضرورة العمل على إيجاد المزيد من المؤسسات التي تهتم بقضايا الكهرباء والمياه والتغذية، وان تكون مواقعها بعيدة عن مواقع الأودية والتجمعات المائية الكبيرة.
لا يستطيع المرء أن يتحدث عن جميع هذه القضايا التي تهم المواطن في مثل هذه الظروف، ولكن من الواجب الشكر لله وللذين يسهرون في توصيل خدماتهم للمواطنين من العاملين في أجهزة الأمن والشرطة والصحة والمستشفيات ووسائل الإعلام والبلديات والفرق الجمعيات المتطوعة وغيرها من المؤسسات التي تقف بجانب المواطن في هذه المحن وتوصيل خدماتها إلى كل محتاج، داعين الله أن يفرج عن هذه الأمة جميع المحن التي تتعرض لها.