Image Not Found

جدوى الحجر المؤسسي

حيدر بن عبدالرضا اللواتي – الرؤية
[email protected]

القرار الخاص بتطبيق الحجر الصحي المؤسسي على القادمين من العراق وإيران، يُشير وكأن وباء كورونا لا يوجد إلا في هاتين الدولتين فقط، وقد سبق لي أن تناولتُ هذا الأمر قبل أكثر من أسبوعين عندما صدر قرار اللجنة بتاريخ 16 أغسطس بوضع القادمين من هاتين الدولتين في الحجر المؤسسي بالرغم من حصولهم على جرعتين من اللقاح والتزامهم بالاحترازات وإجراء فحص البلمرة “PCR”.

القرار الأول صدر في منتصف شهر أغسطس الماضي، في الوقت الذي كان البعض من المواطنين يحلقون في الطائرة متجهين إلى مطار بغداد. وقد تألم الكثير من المتجهين إلى كربلاء لزيارة عاشوراء؛ لأن لديهم ارتباطات ومسؤوليات بعد الرجوع، إلا أنه بعد عدة أيام صدر قرار آخر من اللجنة بحيث شمل إعفاء جميع القادمين من العالم من الحجر المؤسسي على أن يكونوا حاصلين على اللقاحين والفحوصات المطلوبة. وجميع هؤلاء شكروا قرار اللجنة بهذا الإعفاء من الحجر المؤسسي اعتبارًا من الأول من سبتمبر 2021؛ لأن معظمهم كانوا قد سبق لهم الحصول على الجرعتين من اللقاح. هذا القرار نقلته وكالة الأنباء العُمانية والصحف المحلية دون ذكر “مستجدات القرار” حول القادمين من إيران والعراق بالاستمرار، وضرورة إلزامهم بالحجر المؤسسي، الأمر الذي أربك برامج الرحلة للقادمين إلى السلطنة مرة أخرى؛ سواء من مواطني السلطنة أو أبناء هاتين الدولتين من التجار أو المستثمرين أو المهنيين؛ لأن ذلك كلفهم دفع مستحقات تذاكر السفر، وحجز الفنادق لفترة محددة بناءً على قرار الإعفاء للجميع دون تمكينهم من المجيء في الوقت المناسب.

والسؤال المطروح تكراره هو: لماذا التركيز على هاتين الدولتين بالنسبة للوباء المنتشر في العالم؟ بينما هناك دول أسوأ منها في مكافحة هذا الوباء، والكل يعلم ذلك دون ذكر أسماء تلك الدول. أعتقد هناك محاولات لإحباط الزوار العُمانيين للذهاب إلى بعض المراقد المُقدسة في العراق وإيران وخاصة لزيارة الأربعين للإمام الحسين؛ حيث يتوافد لهذه الزيارة ملايين الزوار من العالم يتجاوز عددهم أحياناً عن 20 مليون زائر خلال أسبوع واحد.

العالم يرانا اليوم استثنائيين من كثرة القرارات في هذا الشأن، فمعظم دول مجلس التعاون الخليجي تُعاني من الوباء ولكنها لا تصدر قرارا وراء قرار بالحجر المؤسسي لمواطنيها والقادمين إليها، خاصة وأن بعض دول المجلس تستقبل أضعاف ما يستقبله مطار مسقط الدولي من الإيرانيين والعراقيين.

الطائرة التي أقلتنا من مطار طهران الدولي إلى الدوحة مؤخراً كانت مليئة بالجنسية الإيرانية، والجنسيات الأخرى المتوجهين إلى دولة قطر والعابرين عبر مطار الدوحة الدولي، وكان بينهم التجار والمستثمرون من مختلف الأعمار من الرجال والنساء والأطفال كل قاصد وجهته. وأعجبت من هذه الحركة الكبيرة للمسافرين عبر الدوحة، وكذلك عبر مطار دبي الدولي أيضًا. وهناك اليوم عدة دول يتوجه إليها العُمانيون مثل تركيا وجورجيا ومصر ودول أوروبية عديدة تُعاني من الوباء غير إيران والعراق، ومعظم شعوبها غير ملتزمة بلبس الكمامات؛ بل بعضها تمتنع عن أخذ اللقاحات بما فيها مواطنو الدول الأوروبية، فلماذا يفرض الحجر المؤسسي على القادمين من العراق وإيران فقط؟

ألا يمكن مراجعة مثل هذه القرارات الاستثنائية في حق دول معينة، وهي تتمتع معنا بعلاقات دبلوماسية قوية، ولمواطنيها حركة تجارية مع العُمانيين؟ وما المغزى منها واستهدافها؟ الحصول على الجواب مهم للجميع، وهناك بعض المواطنين منذ عقود مضت ملتزمين للقيام بهذه الزيارات في بعض المناسبات لزيارة الأئمة عليهم السلام في هاتين الدولتين انطلاقاً من الآية القرآنية: “قل لا أسألكم أجرًا إلا المودة في القربى” صدق الله العلي العظيم.

خلال الأسبوعين الماضيين، تلقيتُ عدة رسائل من مسقط من الزوار العُمانيين الذين سبق لهم التوجه إلى كربلاء هذا العام 1443 هجرية لزيارة الإمام الحسين في يوم عاشوراء، مؤكدين أن فحوصات البلمرة في مطار مسقط الدولي جميعها كانت سلبية دون استثناء. فعدد الزوار العُمانيين هذا العام من الرجال والنساء كان في حدود 300 زائر بعضهم حضر لمدة خمسة أو ستة أيام أو أكثر من ذلك. وجميع هؤلاء يمكن أن يأتوا في طائرة واحدة، ولكن كانت هناك مجاميع صغيرة في كل حملة، عكس ما جاءوا من الهند ومن بريطانيا وأمريكا وكندا وتنزانيا خلال هذه الزيارة من مجاميع كبيرة. ومن الجيد أن تقوم الجهات المعنية بإجراء دراسة حول المواطنين المصابين بفيروس كورونا وقادمين من هاتين الدولتين، أو من دول أخرى؛ لتكون على اطلاع بالأمر من جميع النواحي.

إن قرار الحجر المؤسسي دفع البعض إلى البقاء في العراق لمدة أطول، وبعضهم قرر استكمال الزيارة إلى دول خليجية أخرى، فيما هناك عدد آخر ممن جاء إلى إيران للسياحة والعلاج. وبالنسبة للعراق فأن الزيارة الأخيرة لعاشوراء حضرها أكثر من 6 ملايين زائر من العراق ومن مختلف دول العالم، فيما نؤكد بأن الخدمات تتحسن في هاتين الدولتين وأن حركة القادمين إليها تتزايد هي الأخرى. هناك اليوم توقعات بزيارات أكبر للبشر وخاصة الزيارة الأربعينية للإمام الحسين لهذا العام، بحيث تشمل أضعاف العدد مقارنة بالعام الماضي، نتيجة لتوفير الدول للقاحات وإلزام مواطينها بالاحترازات من جهة، وزيادة الحركة الجوية النشطة للطائرات التي تعمل على تعويض الخسائر التي لحقت بها من جراء تفشي الوباء خلال الفترة الماضية من جهة أخرى. وهي فرصة مناسبة لشركتي الطيران العُماني وشركة السلام بالدخول في مجال نقل الزوار العُمانيين إلى مطارات العراق وإيران ليس من أجل الزوار فحسب، بل من أجل تعزيز التجارة الداخلية وحركة السياحة أيضًا.

ما يعكر مزاج الناس هو بعض الرسائل والفيديوهات المعادية للزوار التي ينشرها أو يبثها البعض حول هذه الزيارات، في الوقت الذي نرى هناك مدنًا حول العالم ذهب إليها السياح العُمانيون للترفيه وأصيبوا بفيروس كورونا ولم يذكروها في رسائلهم.

اتقوا الله فيما تنقلون وتبثون. فهذه ليست رسائل ترويجية أو تسويقية لبعض السلع والخدمات التي تحصلون عليها من عوائد مالية.