بالرغم من الإجراءات التي تتخذها الحكومات لمكافحة الغش التجاري، إلا أن هذه العمليات مستمرة في العالم وخاصة بمنطقتنا الخليجية التي تعتمد على الكثير من الواردات والسلع الأجنبية. إضافة إلى ذلك، هناك بعض الصناعات المغشوشة للمنتجات والمواد بالمنطقة، حيث يحصل الغش في التعبئة وتواريخ الإنتاج والانتهاء، الأمر الذي يؤثر بصورة كبيرة على صحة الناس وأمنهم وإنتاجيتهم وحركتهم اليومية.
وخلال الأشهر الماضية قرأنا عشرات الرسائل التي نشرتها منصات التواصل الاجتماعي بهذا الشأن، وضرورة اتخاذ الاجراءات تجاه الذين يقومون بعمليات الغش التجاري للسلع، سواء أكان مما يتم استيرادها من الخارج، أو تلك التي يتم صنعها بالمنطقة. ومؤخراً أحالت إحدى الدول الخليجية 228 قضية غش تجاري إلى الجهات النيابية بهدف توقيف المخالفين وتعزيز زيادة وعي المستهلك بحقوقه وواجباته تجاه هذه القضايا.
فهناك العديد من القوانين التي تتعامل مع هذه الحالات بالدول الخليجية، منها إبعاد العاملين الوافدين في حال ارتكابهم لتلك الجرائم، ومنعهم من الدخول لاحقا وفق قوانين التجارة والاستثمار والصحة والتلاعب بأحوال الناس.
فالغش التجاري يعد مخالفاً لأحكام الأنظمة التي تبنتها الدول، لأنه يعتبر أمراً مخادعاً شرعاً، سواء نتج ذلك عن طريق المنتج ذاته أو خطأ في عناصره أو في صفاته، بالإضافة إلى الغش الذي يحصل في عملية الفرز والوزن والمقاس والمعيار. فعمليات الغش لا تحصل فقط في المنتجات والسلع الغذائية فحسب، بل تمتد أيضا إلى السلع الكمالية الضرورية والترفيهية وغيرها. وقد قرأنا مؤخراً قيام أحد التجار اللبنانيين ببيع مجوهرات بمحله ببيروت على أنها تحتوي على ألماس حقيقي، بينما كان ذلك يحتوي على زجاج شبيه بالألماس، الأمر الذي أدى إلى أن يفقد الكثير من الناس أموالهم من هذه العمليات.
فكل من غش أو شرع في الغش لأي منتج يعد أمراً مخالفاً، وكذلك من قام ببيع المنتج المغشوش أو عرضه بغرض المتاجرة وهو يعلم جيداً أنه مغشوش، أو صنع منتجات مخالفة للمواصفات والمقاييس المعتمدة من قبل المؤسسات الرسمية سواء في طريقة تعبئتها، أو تجهيزها، وتخزينها ونقلها وإلصاق مطبوعات مغايرة عليها بهدف الترويج والتسويق الكاذب.
ومن هذا المنطلق تحرص الجهات المعنية بالدول على مواصلة جهودها لضبط أية مخالفة، فيما أنشات الحكومات مؤسسات تعمل على حماية حقوق المستهلك، وتتخذ الإجراءات النظامية ضد المتلاعبين والمخالفين الذين ارتكبوا جرائم ضد المستهلكين. ففي السلطنة تابعنا خلال السنوات الماضية عدداً من قضايا الغش التجاري وخاصة في مجال المنتجات الغذائية، فيما هناك اليوم عشرات القضايا الأخرى التي أحيلت للجهات المعنية تتعلق بغش المنتجات الغذائية أو الترفيهية أو في مجال الخدمات، حيث تصل عقوبة بعضها السجن والغرامات المالية، بالاضافة إلى التشهير بالمؤسسات المخالفة. وتعمل الهيئة العامة لحماية المستهلك ضمن مهامها متابعة هذه القضايا وتنسّق جهودها مع المؤسسات الحكومية الأخرى من أجل التصدي والحد من ظاهرة الغش التجاري والتقليد.
إن ظاهرة الغش التجاري تعد من الظواهر السلبية التي تؤثر على عمليات الاستثمار الخارجي والمسيرة الاقتصادية للدول، بجانب تأثيراتها السلبية على سلامة المستهلك وصحته وأمنه وسلامته. وهناك مؤسسات دولية كمؤسسة الملكية الفكرية تتابع هذه القضايا، حيث إن الغش في الانتاج يعني تحقيق خسائر للمؤسسات الأصلية المالكة لهذه المنتجات.