Image Not Found

البطاريات الحمضية والإطارات التالفة “كُنوز مسمومة” تتطلب معايير بيئية متقدمة لإعادة التدوير وتحقيق المنافع الاقتصادية

البطاريات الحمضية والإطارات التالفة

◄ اللواتي: “بيئة” وقعت اتفاقيات تعاون لضبط ممارسات إدارة النفايات وتعزيز الاقتصاد الدائري

◄ الخروصي: نعاني منافسة غير متكافئة في قطاع إعادة تدوير.. وغياب دعم المشاريع الخضراء “مُحبط”

◄ السناني: ضعف بجهود وقف التعامل “غير القانوني” مع النفايات الخطرة.. و”المواصفات القياسية” أرهقتنا

الرؤية- مريم البادية

عديدةٌ هي التقارير والدراسات العلمية التي خلُصت نتائجها إلى أنَّ بطاريات الرصاص الحمضية والإطارات التالفة بمثابة نِفَايات ضارة للبيئة، وتُمثل خطرًا بالغًا إذا ما تمَّ التخلص منها بطرق غير علمية أو بعيدًا عن المواصفات البيئية والضوابط والمعايير العالمية المنصوص عليها للتعامل معها بشكل صحيح؛ وذلك بسبب المعادن والمواد السامة المسبِّبة للتآكل الموجودة داخلها. إلا أن هذه النفايات ورغم ما تُمثله من خَطَر، يُمكن اعتبارها مصدرًا قيماً للمعادن القابلة لإعادة التدوير؛ والتي تضمن الحيلولة دون ترشُّح أو انبعاث المواد الخطرة منها إلى البيئة، ومن ثمَّ تجنب هدر الطاقة المرتبطة بإنتاج هذه الأحماض من الموارد الطبيعية.

واتفق مُختصون وأصحاب مؤسسات صغيرة ومتوسطة عاملة بمجال إعادة التدوير، على أنه ما لم تتم عملية إعادة تدوير البطاريات الحمضية وإطارات السيارات وفق الطرق المثالية، فإنَّ بعضَ مكوناتها السامة تُشكل خطراً على البيئة وصحة الإنسان.. معتبرين المرسوم السلطاني رقم (114/‏‏2001م) الصادر بشأن حماية البيئة ومكافحة التلوث، بمثابة مُعزِّز تشريعي لبقاء البيئة العُمانية خالية من التلوث، بما يدعم الجهود الوطنية الطامحة لتحقيق مرتكزات ومستهدفات رؤية “عُمان 2040” في شقها المتعلق بصون الطبيعة العمانية.

وقال كُميل بن أحمد اللواتي رئيس دائرة تطوير الأعمال في الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة “بيئة”: إنَّ عمليات التخلص غير الآمن من البطاريات الحمضية، أو حرق الإطارات لاستخراج المعادن الموجودة فيها، يخلف أضرار جسيمة على البيئة والمجتمع أكبر من قيمة المعدن الذي يتم استخراجه، مما استدعى وضع معايير وضوابط بيئية تصون وتحفظ البيئة والإنسان. لافتًا إلى أنه في هذا السياق تتولى “بيئة” مهام إدارة النفايات الصلبة بالسلطنة، وينصبُّ اهتمامها على تطبيق أعلى المعايير البيئية التي تضمن الاستدامة وتعمل باحترافية عالية تتماشي والمعايير العالمية في إدارة النفايات الصلبة، كما وفرت البنية الأساسية لهذا القطاع من تجميع النفايات من المصدر حتى التخلص النهائي والآمن في المرادم الهندسية المنتشرة في كل محافظات السلطنة.

وأضاف اللواتي: على مستوى التخلص الآمن من الإطارات، قامت “بيئة” بتوقيع اتفاقية توريد الوقود البديل المشتق من إطارات منتهية الصلاحية مع شركة “أسمنت عمان”، بهدف تحويل الإطارات منتهية الصلاحية للاستخدام في الصناعة كوقود بديل؛ بما يدعم ممارسات الشركة لإدارة النفايات بطريقة مستدامة وتعزيز الاقتصاد الدائري.. فالاتفاقية تتضمن أبعاداً إيجابية من ناحية استخدام الإطارات كوقود بديل وبالتالي الحفاظ على البيئة في السلطنة. مؤكدا أن الشركة تمتلك مواقع مخصصة للتخلص من الإطارات بطريقة سليمة في مختلف أرجاء السلطنة، وتبذل الشركة جهودا للحد من أضرار الإطارات منتهية الصلاحية.

وعلى صعيد التخلص الآمن من البطاريات الحمضية، قال اللواتي: وقعت الشركة مؤخرًا 3 اتفاقيات عن بُعد لإعادة تدوير بطاريات حمض الرصاص لمعالجتها بمركز المعالجة المعتمد في السلطنة بأفضل المواصفات والمقاييس العالمية، وذلك مع كلٍّ من الشركة الوطنية للعبارات، وشركة كهرباء مزون، وشركة عمان للغاز الطبيعي المسال؛ وذلك لضمان استمرارية جهود الشركة لتنظيم قطاع إدارة النفايات وتطويره وتقليل الآثار البيئية السلبية ودعم الاقتصاد المحلي. وتابع اللواتي موضحا: الاتفاقيات تركز على التخلص السليم من بطاريات حمض الرصاص؛ حيث ستقوم “بيئة” -عبر الناقلين المصرح لهم- بتجميع بطاريات حمض الرصاص من هذه المؤسسات، ثم نقلها إلى موقع المعالجة المعتمد من قبل الشركة ليتم إعادة تدوير البطاريات الحمضية وصناعة مواد ثانوية. وستوفر “بيئة” حاويات خاصة للتخلص من بطاريات حمض الرصاص تتميز بوجود طبقات عازلة تمنع تسرب المواد الحمضية الضارة بصحة الإنسان والبيئة.

إعادة تدوير الإطارات

من جهته، قال سامي بن أحمد الخروصي الرئيس التنفيذي مؤسس مصنع المطاط المرن: إنَّ المصنع -المعني بإعادة تدوير الإطارات المستخدمة والمستهلكة وتحويلها إلى منتجات أولية قابلة للتصنيع مرة أخرى، يعتمد منذ تأسيسه في العام 2016م، بمنطقة سمائل الصناعية- المعايير العالمية الآمنة في إعادة تدوير الإطارات المستهلكة، مقدِّما نفسه كأول مصنع السلطنة والثاني على مستوى دول مجلس التعاون الذي يستخلص عجينة المطاط من الإطارات المستهلكة، وتقدر الطاقة الإنتاجية للمصنع اليوم بحوالي عشرة آلاف طن سنويًّا.

وأوضح الخروصي الطريقة المستخدمة لإعادة التدوير في المصنع، مؤكدًا أنها آمنة وصديقة للبيئة؛ حيث يتم إعادة التدوير من غير إنتاج مخلفات أخرى، عبر تقطيع الإطارات وفصل المعادن وفرمها وفصل الخيوط النسيجية، ويتم بيع المواد التي تم فصلها كمواد خام يُستفاد منها.

إلا أنَّ مؤسس مصنع “المطاط المرن” لفت إلى جُملة تحديات تعرقل مسارات المصنع في مواكبة الجهود الوطنية لصون البيئة والإنسان من مخاطر هذه المخلفات، والتي أجملها فيما يلي: غياب فكرة دعم المشاريع الخضراء لإعادة التدوير؛ حيث يتم التعامل مع مصنع “المطاط المرن” كأحد الأنشطة التجارية دون النظر للأهداف البيئية التي يتوافر عليها نشاط المصنع. والتحدي الثاني: تجميع الإطارات؛ نظرًا للمنافسة غير القانونية من جامعي الإطارات من العمالة الأجنبية. فيما يتمثل التحدي الثالث في معاملة تصدير المنتجات المستخلصة من إعادة التدوير كبقية المنتجات الأخرى؛ حيث إنَّ الدول المتقدمة تُعَامل منتجات إعادة التدوير كخدمة؛ حيث يتم دعم هذه الشركات لأنها تُسهم مساهمة فاعلة اقتصاديا وملموسة في إعادة تدوير النفايات. واعتبر الخروصي مراجعة قانون حماية المستهلك فيما يتعلق بتنظيم بيع الإطارات المستخدمة ضرورة ملحَّة؛ ليكون شاملا للمحلات والجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص، على أن يتم ذلك وفق الاستقاء من تجارب الدول الرائدة في دعم مثل هذه المشاريع.

واختتم الخروصي حديثه مؤكدًا ضرورة تكثيف الحملات التوعوية بأهمية إعادة التدوير، مناشدًا الجهات الحكومية المعنية بالعمل على تنظيم قطاع النفايات بشراكات فاعلة وتفاهمات ثنائية مع شركات إعادة التدوير. وطالب بتقديم مزيد من حِزَم الدعم غير المادي للعاملين بالقطاع كتسهيل إجراءات استخراج التصاريح، وعدم مساواة شركات إعادة التدوير بالشركات الربحية الأخرى، فشركات إعادة التدوير “شريك أساسي للحكومة في التخلص من النفايات، لذا من الضروي تقديم تسهيلات أكبر كالإعفاء من الرسوم والتصاريح السنوية، بما يضمن استمرارية واستدامة هذه المشاريع دون تأثرها بالمتغيرات الراهنة”.

البطاريات الحمضية

وفي المقابل، أبرز ياسر السناني مدير الصحة والسلامة بالشركة العربية للرصاص -الشركة الوحيدة بالسلطنة المرخصة من قبل شركة “بيئة” وهيئة البيئة- جُملة الأهداف الرئيسية التي تنتهجها الشركة العربية للرصاص في عمليات إعادة تدوير هذا النوع من البطاريات، والتي تصب جميعها في صالح حماية البيئة العمانية من المخاطر، وتأمين قيمة مُضافة وإنتاج كميات من الرصاص النقي. مؤكدا أنَّ الشركة العربية للرصاص تعالج ما بين 1000- 1200 طن سنويا من البطاريات، وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع 6000 طن سنويا.

وقال السناني إنَّه وبموجب “اتفاقية بازل”، التي وقعت عليها السلطنة، والتي تنصُّ على أنَّ هذا النوع من البطاريات يعد من النفايات الخطرة التي يُمنَع تصديرها إطلاقا في حال وجود منشأة معالجة ضمن البلد الموقِّع على الاتفاقية، إلا أنَّ الجهود الرامية لإيقاف التعامل غير القانوني مع هذه النفايات الخطرة أخفقت، نتيجة عدم قدرة الشركة -نتيجه التزامها بتطبيق المواصفات القياسية للبيئة العمانية- على منافسة مؤسسات تفقتقر لأبسط القواعد البيئية، والتي تقوم بالتعامل مع البطاريات التالفة بطريقة غير قانونية. وأوضح السناني: خلال العام 2018، لم تستطع الشركه وبالتعاون مع “بيئة” تأمين أكثر من 1000 طن من المواد الأولية، وهي تشكل نسبة بسيطة من الطاقة الإنتاجية للشركة؛ مما أدى لتراكم الخسائر على الشركة. ورغم المحاولات التي تمت خلال العام الحالي، إلا أنَّ عدم التزام العديد من الجهات والمؤسسات بقوانين التعامل مع البطاريات المستنفذة بدلا من تصنيفها الفعلي كنفايات خطرة، وعدم وضوح بعض بنود التشريعات المتعلقة بالتخلص من حمض الكبريت بطريقة سليمة، أدى إلى عدم قدرتنا على الاستمرار في منافسة شركات غير مرخصة ولا تلتزم بالقانون، ولا يوجد هناك تشديد أو صرامة لوقف هذه الممارسات الخاطئة والتي تكلف الدولة خسائر مادية وبيئية.

ويرى مدير الصحة والسلامة بالشركة العربية للرصاص أن التزام الشركة بتطبيق المواصفات القياسية للبيئة العمانية أضعف قدرتها التنافسية، وأن الشركة لم تستطع تأمين المواد الأولية اللازمة للوصول للطاقه الإنتاجية والتي تبلغ 5000 طن سنويا. مضيفا: “وفي المقابل تستورد السلطنة أكثر من 7000 طن من الرصاص المعاد تدويره، وأكثر من نصفها يتم من أحد الدول المجاورة والتي للعلم لا تملك منشأة معالجة مرخصة”.