Image Not Found

صادق جواد سليمان.. “غاندي عُمان”

عبد الرزّاق الربيعي – الرؤية

قال لي “أنصحك يا بدر بشيء لتعيش مرتاحًا: تصالح مع ذاتك وتسالم مع غيرك”؛ أي لا تؤنب ذاتك بماضيها، وإنّما عش حاضرك، وأيضًا سالم غيرك، وتعامل معهم بصفاء قلب دون الاشتغال بعيوبهم وتقصيرهم، والتفت إلى الحسن منهم، واستفد منهم، وعش بسلام ومحبّة مع جميع النّاس”.

بهذه الكلمات التي وجّهها المفكّر الراحل صادق جواد سليمان لصديقه الباحث بدر بن سالم العبري لخّص فلسفته في الحياة، وهي فلسفة تقوم على الوسطيّة، والاعتدال، والتسامح، وكان يُكرر توجيه النصائح، ففي نهاية حوارنا الذي أجريناه بصحبة الشاعر وسام العاني في برنامجنا “كتاب مفتوح” مساء 18 مارس الماضي، لمركز حدائق الفكر للثقافة، في الحلقة التي حملت عنوان “مداخل فلسفيّة في الفكر المعاصر”، تمنّى على الإنسان أن يحافظ: “على صحته، ويتجنب ما يضرّ به وأن يعمل على توسيع مداركه بقدر ما يتاح له حول طبيعة هذا الوجود الذي يتشاركه مع الآخرين، وأن يبقى على استقامة في أمره، وأكد أنه لا يوجد إنسان خلوق وهو شقي ولا يوجد إنسان غير خلوق وهو سعيد فالسعادة والصلاح متلازمان في حياة الإنسان”.

وفي مداخلته التي قدّمها في البرنامج، قال الباحث بدر العبري “لقد لخص صادق جواد رسالته في الحياة بقوله: “أرجو أيضاً أن يكون لكلّ منّا دورا في تفعيل هذا التّوجه القائم على تأصل ثابت إنسانيّا، وتفرّع متسام ثقافيّا، لأجل تحقق حداثيّ حضاريّ، قوميّ إنسانيّ، وطنيّ عالميّ، في ترادف واتساق… هكذا إلى أن تحين الآجال، فيرتحل كلّ منّا برضا واطمئنان، مغتبطاً أنّه ساهم، ولو بأقل القليل، في جعل تجربة العيش على هذا الكوكب، مع تعقيداتها، أيسر وأطيب وأثرى للآتي من الأجيال”، وعلى الدوام، في جميع اللقاءات التي جمعتنا كان يتحيّن الفرصة ليُقدّم خلاصات للمواقف التي نمرّ بها، ذلك لأنه يجعل التجربة الإنسانيّة منطلقاً، ليبني عليها استنتاجاته، وقراءاته، وتفسيراته، حاله حال الفلاسفة القدماء الذين حسموا الجدل الذي قام بين المدرستين الفلسفيتين: الأولى التي أعلت شأن العقل (البرهان) والثانية التي استندت للروح والقلب في اشتغالاتها، منتصرا للعقل.

وكثيراً ما كان يدعو للمبادئ التي آمن بها في حياة، مثل الكثير من المفكّرين، ومن بينهم غاندي، الذي أحبّه، وآمن بفكره، وزهده في الحياة، وكان نحوله، وبساطة مظهره، يذكّرانني دومًا بغاندي، ويبدو أن الله اختار له أن يرحل، ويدفن في دارة غاندي الهند، فكان هو “غاندي عمان”.