تخيلت فيكتور هيغو وتولستوي ومكسيم غوركي و كرستي ونازك ومستغامي وحكيم ونجيب وعقاد وزيادة وكل من قرأت لهم مذ أن كنت يافعا.
قراءاتي للروايات العالمية وفي العادة كانت بطول نفسي في تتبع ذيول الرواية ومزجها بالأحداث العالمية والمحلية فأضطر معها أحيانا سبر غورها كما كنت يومها أقرأ في البؤساء لفيكتور هيجو.
فقراءتي للرواية حركت لدي الدافع بأن أقرأ معها الحدث التاريخي الذي تدور حوله الرواية فأكتشف سر نجاح الرواية لارتباطها بالأحداث التي تلت الثورة الفرنسية 1789.
لكن وعندما بدأت أقرأ في دلشاد الجوع والشبع ومن غير ما أشعر واصلت القراءة في كل حرف فيها ومن غير انقطاع وكأنني أطوي صفحات التاريخ الذي هو في أهم فتراته الزمنية لمسقط ومطرح مع القرن العشرين منذ بداياته حتى وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ثم توقفت الرواية عند عتبات الزمن الذي تمنيت أن أقرأ مابعده فاتصلت بكاتبة الرواية لأقول لها :
بورك جهدك ولا نكتفي بهذا القدر من العطاء وكان ردها أنتم من أستلهم منكم مادتي وكتابتي فلا تبخلوا كما لم تكونوا قد بخلتم فشكرتها.
رواية بشرى (دلشاد ) أحداث وحكايات وحبكات وشخوص وأسفار وأعراق وتعدد وأديان وأدوار.
سبحت بشرى في غمرات بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب لكنها وبفنها المتقن حينما أخرجت يراعها رأت صرير قلمه يخط فصلا جديدا فشخوص الرواية تعاود الظهور بأثواب مختلفة لتكمل مشوار عطائها في مختلف الساحات كما قد حصل حينما انتقلت بعض الوجوه من محيط مسقط ومطرح وفي ظل ظروف تاريخية مؤلمة.
أذابت بشرى سبائك المادة التاريخية في ثوب العمل الروائي فتحدثت عن السلطة وعن العيب وعن العبودية والشذوذ وعن الأسفار وعن الفقر والجوع وحتى بعض أوجه الشبع بلغة سردية راقية فأماطت اللثام على كثير من الظواهر الإجتماعية التي تكاد تختفي وراء الخوف من الطرح لتاريخ فيه صور مختلفة لمجتمع خليط وتعددي وإثني شأنه شأن المجتمعات الكوزموبوليتانية في طول العالم وعرضه.
أرجو أن تأخذ الرواية مساحة إعلامية مرئية فالمادة التي تحمل في طياتها كبيرة ومهمة وفي مستوى عالمي لاتقل قيمة من الروايات العالمية التي نشاهدها.