تناولت مُختلف وسائل الإعلام خبر الزيارة المُرتقبة لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم- أيده الله- للمملكة العربية السعودية الشقيقة، ومن وقتها بدأت التحليلات تتناول أسبابها والأهداف المُتوقع تحققها والنتائج المرتقبة.
بعض وسائل الإعلام قالت إنَّ الزيارة حتمًا سوف تتناول الملف اليمني على صعيد حلحلة الأزمة والبحث في سُبُل إيقاف الحرب، وعلى صعيد إعانة اليمن على المستوى الإنساني، وأخيرًا تصفية الأجواء المُلبدة بالغيوم بين الرياض وبين طهران.
عُمان التي ما فتئت تنتهج نهج التسامح، ولم تتخلْ عن هذا النهج يومًا طوال الخمسين سنة الفائتة من عمر نهضتها، وجدت في نهجها هذا أغلب الأزمات السياسية محطة عالية الجذب، وسوف تظل عُمان-كما عهدها أبناؤها ودول العالم أجمع- واحة لعقد الاتفاقات التي تمقُتُ التشّنُج في العلاقات على مُختلف الأصعدة، وبالتأكيد فإنَّ هذه الزيارة الهامة لن تهمل مثل هذا الملف الحسّاس ليبقى بلا حلِ طويلا.
تحدثت وسائل الإعلام كذلك عن فرص استثمارية سعودية هائلة في السلطنة ستكون متاحة غايتها أن تجعل من البلدين قطبين اقتصاديين عبر الاستفادة من الإمكانات والموارد المتاحة فيهما، فهناك في السلطنة ميناء الدقم الذي يمتلك كل المقومات لأن يكون الأبرز في المنطقة، كما أن قطاعات تُعد واعدة جداً في السلطنة كالسياحي والصناعي والصحي وقطاع الاتصالات والمصارف الإسلامية والتأمين وغيرها، هي قطاعات خصبة للغاية وفرص نموها عالية جدًا.
وفي المقابل، توقعات البيوت الاقتصادية العالمية حول اقتصاد المملكة العربية السعودية جيدة للغاية، فهناك فرص لنموه بنحو 0.4 في المائة إلى 2.4 في المائة خلال العام الجاري، وبنحو 1.1 في المائة خلال العام المقبل 2022 ليبلغ 3.3 في المائة. هذا بناء على توقعات البنك الدولي وفق تقريره الصادر في يونيو الفائت، فقد أشار إلى محتملات نمو في الاقتصاد السعودي بنسبة 3.2 في المائة خلال عام 2023. ولعل هذه التوقعات مبنية على برنامج استثمارية ضخمة يقودها صندوق الاستثمارات العامة بما يُعادل 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السعودي سنويًا.
لا شك أنَّ هذا الاقتصاد يستطيع أن يجد فرصًا أكبر للنمو على أرض السلطنة عبر مشاريع كبرى فيما إذا تمَّ توفير كل العوامل المسهلة لنجاح المشاريع الرائدة وإزاحة المعوقات على أشكالها بتوفير أجواء استثمارية حقيقية تكفل لها النجاح والنمو والازدهار.
يخلو القطاع السياحي العُماني من مُدن ملاهٍ كُبرى تستطيع جذب السياحية المحلية والإقليمية، وتخلو المواقع السياحية الكبرى كمسندم وظفار وشاطئ الأشخرة وغيرها من المرافق التي تجعل هذه المواقع بؤرة لاستقطاب سياحي كبير، وهي تُعد واعدة للغاية للاستثمارات.
وفي ظل أزمة الجائحة، بات القطاع الصحي أحد أبرز القطاعات التي يحوي إمكانات نموه، فمن صناعات محلية في الأدوات الصحية المتنوعة إلى إقامة المستشفيات الكبيرة، ترافقه فرص إعادة التأمين لا سيما وأن التأمين الصحي سيغدو ملزما خلال الأيام القريبة القادمة.
وفي مجال التعليم، السلطنة أرض خصبة لإقامة الكليات المُتخصصة في التعليم التقني والمهني لاسيما في مجالات النفط والغاز، وكذلك الجامعات الخاصة بإدارات أكاديمية إقليمية وعالمية، كما وأن مجال التدريب واعد كذلك فالعمالة المحلية الماهرة في المجالات التي تتطلبها أسواق العمل لا تزال نادرة، وفرص الاستثمار في هذا القطاع أيضًا مجدية.
أيضًا من الفرص المتاحة، تحويل جزء من الشركات العائلية إلى شركات مساهمة عامة لتكون بورصة مسقط عامل جذب للمستثمر السعودي. وفيما إذا نجحت التبادلات التجارية خصوصا وأن طريقا واعدا سيتم افتتاحه قريباً يربط بين السلطنة والمملكة بطول 800 كم، فإن البلدان يمكنهما ربط بقية دول الخليج بهما عبر مشروع القطار لدعم التبادل السلعي والسياحي كذلك.
توقعات كثيرة هي، تلك التي يذكرها المحللون كنتيجة للزيارة التاريخية المرتقبة، بما يعود بالنفع على قطبين سياسيين كبيرين في المنطقة، وبازدهار الاقتصادات المبنية على دعامة سياسية متينة يمكن تحقيق المعجزات، ولأجل انسيابية مرور المبادرات المتوقعة نحو أرض الواقع، المقترح هو استحداث القطاع الخاص لصندوق استثماري تحت إشراف غرفة تجارة وصناعة عُمان وبورصة مسقط كذلك لتكون مهيئة للدخول في المشاريع القادمة.
إنها مرحلة لسياسة مستقرة ثابتة، مستندة على علاقة متينة، تتبعها فرص اقتصادية كبرى، ينبغي تذليل كل المعوقات بأنواعها أمامها، لأجل غد أفضل.