استضاف مجلس الخنجي المرئي هذا الأسبوع الأستاذ/ جمال حسين بنون الكاتب الصحفي الاقتصادي السعودي للتحدث حول سوق العمل المهني في الخليج – المشكلات والحلول – بحضور عدد من رجال الأعمال والمهتمين من السلطنة ودول مجلس التعاون الخليجي. وقد تناول المحاضر عدة قضايا شملت سوق العمل المهني في المنطقة، وعمّا إذا كانت عرضة للعبث من الوافدين، ودور الحكومات الخليجية لإعادة الثقة لسوق العمل المهني، ولماذا كانت دول المنطقة عرضة لترويج شهادات مهنية مزورة، ودور الاعتماد المهني لمحاصرة الشهادات المهنية المزورة.
بدأ المحاضر حديثه بالتطورات التي شهدتها المنطقة بعد تدفق النفط والأموال وانفتاحها على العالم، وقدوم العمالة الوافدة من أجل تنفيذ الخطط التنموية في جميع القطاعات الاقتصادية والتنمية الاجتماعية الشاملة، مشيراً إلى أن العمالة غير المهنية عبثت كثيرا في الأعمال والحياة بصورة عامة، بحيث كان الحلاق يعمل في مهنة البيع، والميكانيكي يعمل في مهنة التسويق ومديرا للتوظيف، والخباز في مهنة السمكري وهكذا.
والسنوات التي تلت فترة السبعينيات والثمانينيات، فقد تعرضت السوق الخليجية إلى إغراق بالعمالة الوافدة غير المهنية وغير الماهرة في الكثير من الأمور، بينما قام المواطن الخليجي بتسليم الكثير من الأمور لهذه العمالة التي تمكنت من السيطرة على سوق العمل، وصارت تتلاعب في الأمور والأسعار والمنتجات بل لجأت إلى الاحتكار أيضا.
أما الدور الحكومي الرقابي فقد كان غائباً في متابعة هذه القضايا بسبب تدفق أموال النفط ،وتوجه الدول في استقطاب العمالة بسبب حاجة المنطقة إليها، وفي استيراد مختلف السلع والمنتجات الاستهلاكية التي كانت بعضها مغشوشة. أما الرقابة فكانت تركز فقط على ضرورة وجود السجلات التجارية والنظر في هويات العمالة دون أن تكون هناك رقابة على نوعية العمالة وخبراتها ومؤهلاتها، وقد نتج عن ذلك فوضى في السوق الذي أصبح يتنقل فيه العامل من مهنة إلى أخرى دون أية محاسبة. وبرزت بذلك العمالة الرخيصة وانتشارها في المجتمع الخليجي، وانتشر معها حملة الشهادات المهنية المزورة التي كانت تباع في بعض الدول، وتم اكتشافها لاحقا. وبالتالي فان 70% من العمالة الوافدة في المنطقة في معظم الأعمال كانت غير مؤهلة، فيما تجاوز أمر الشهادات المزورة لتشمل أطباء ومهندسين وخاصة في الأجهزة الحكومية بسبب عدم وجود أدوات الرقابة، الأمر الذي نتج عنه خسائر عديدة للبعض ومنها الأخطاء الطبية. كما انتشر في المنطقة وخارجها العديد من الجامعات ومنها جامعات وهمية، ورأينا أن بعض المسؤولين في المنطقة كانوا يحملون شهادات وهمية بسبب غياب أدوات الرقابة بجانب تفشي التجارة المستترة وتسليم الأمور التجارية للوافد مقابل الحصول على مبلغ شهري أو سنوي، الأمر الذي أدى إلى حصول منافسة في العديد من المجالات والشركات لمنح مزيد من الفرص للعمالة الوافدة.
وهذا ما أدى لاحقا إلى ضرورة وجود والمطالبة بـ “الترخيص المهني” في بعض دول مجلس التعاون الخليجي بحيث أي شخص لا يحمل هذه الرخصة يمنع من ممارسة عمله وذلك كنوع من الانضباط.
وفي جَلسة الأسئلة والأجوبة أكد المحاضر على ضرورة رفع مستوى الشخص الخليجي في جميع المهن التي نحتاج إليها، وأن تكون ذات جودة، مشيرا إلى أن المواطن الخليجي نظر إلى موضوع خفض أجرة وتكلفة الشخص الأسيوي المهني مقابل العمل الذي يكلّف به، وهذا أدى إلى تراجع الجودة وازدياد أساليب الغش في السلعة والخدمة في المنطقة. وبالتالي فان المنافسة بين الشخص الخليجي المهني والشخص غير الخليجي قائماً وأصبحت الأجور تعتمد على جنسية الشخص وليس على المهنة التي يمتلكها أو يتميز بها. كما أن الرواتب في المؤسسات تعتمد أيضا على جنسية الشخص وليست المهنة.
وأكد المشاركون على ضرورة الافصاح ونشر الشفافية بالنسبة للقضايا التي تطرح في المجتمع الخليجي فيما يتعلق بالمشاكل الناجمة عن العمالة الوافدة والمنتجات المزورة والشهادات الوهمية وغيرها من القضايا المتعلقة بسوق العمل، وحل الاشكالات الإدارية للتفرقة بين الشهادات المزورة، وعدم استجابة الجهات المعنية واعتمادها للشهادات الصادرة عن دول معينة بسبب عدم معرفة العاملين عن تلك المؤسسات التعليمية والمهنية.
كما أكدوا على أهمية تنويع الجنسيات الأجنبية في الاعمال وفي القطاع الخاص، بحيث لا يتمكن افراد جنسية واحدة من السيطرة على الاعمال، مؤكدين على الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه اتحادات العمال في معالجة هذه القضايا المطروحة بالمنطقة. وقال البعض بأن هناك مكاتب في العالم متخصصة في معرفة الشهادات المهنية والجامعية واعتمادها، الأمر الذي يتطلب التعامل معها. كما اثيرت في الجلسة قضايا شركات التوظيف وإيجابياتها وسلبياتها، حيث أن هذه تجربة جديدة في المنطقة، ولكن من المهم ألا تُعطى الفرصة لشخص على حساب شخص آخر كفؤ. وبالتالي فان هذا الامر يتطلب من كل دولة خليجية توفير البيانات عن المهنيين في المنطقة.
واشار البعض بضرورة الاستفادة من المتقاعدين في بعض المهن التي تتطلبها الاعمال كما هو متبع في العديد من الدول الاوروبية وغيرها، خاصة إذا كان الشخص راغبا في تقديم أعمال مهنية معينة لدعم توجهات مجتمعه. مع ضرورة وقف العبث والجشع لدى بعض العمالة الوافدة التي تحاول السيطرة على المهن والتجارة في المجتمع الخليجي. وطالب البعض بضرورة التكامل في السوق الخليجي لاستفادة افراد المجتمع من العنصر الخليجي وفتح مجالات العمل لديه كتجربة جماعية في هذا الشأن، مع ضرورة معرفة وادراك الاثار السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية للعمالة الاجنبية وما يمكن ان ينشأ عن هذه الممارسات في العقود المقبلة.