عُمان – حوار: وردة بنت حسن اللواتية
يعد التبرع بأعضاء الجسم أحد أشكال التبرع الموجودة بالسلطنة، ولكن لا يعلم الكثيرون عن هذا البرنامج، كما أن البعض تراوده الشكوك بمدى شرعية هذا التبرع، ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن البرنامج التقينا مع المشرف على البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء في وزارة الصحة.
- ما هو الهدف من البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء؟
قامت وزارة الصحة بإنشاء البرنامج الوطني لنقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، ويهدف إلى المساهمة في تحقيق المبادئ المقررة في مجال لنقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، والمساهمة في تطوير الأبحاث العلمية يفي هذا المجال، وأيضا العمل على تنفيذ توصيات اللجنة الفنية لتنظيم مزاولة لنقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية.
إلى جانب السعي نحو الاستفادة من خبرات الهيئات والمؤسسات الطبية المحلية والإقليمية والدولية في مجال نقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية، وإعداد خطة وطنية للتبرع بالأعضاء والأنسجة البشرية لمواجهة ظاهرة سياحة الزرع ومسائل الجودة والمأمونية المرتبطة بإجراءات الزرع.
ونأمل مستقبلا أن يتم إنشاء مركز وطني لزراعة الأعضاء على غرار كثير من الدول التي قطعت شوطاً كبيراً في هذا المجال، حيث تعمل هذه المراكز على إدارة برنامج زراعة الأعضاء من جميع النواحي للحصول على الأعضاء البشرية بطريقة مشروعة، من خلال تشجيع أفراد المجتمع على التبرع بالأعضاء أثناء الحياة وبعد الوفاة، كون الإنسان المصدر الوحيد للأعضاء البشرية.
- كيف تكون عملية التبرع بأعضاء الجسم؟
حددت اللائحة التنظيمية لنقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 179/2018 شروط التبرع بالأعضاء البشرية أثناء الحياة وكذلك بعد الوفاة.
حيث نصت المادة 4 على شروط المتبرع الحي وهي أن يكون بالغا سن الرشد، وكامل الأهلية، وأن يكون على صلة قرابة مع المتبرع له حتى الدرجة الرابعة، على أنه يجوز التبرع لغير الأقارب إذا كان المتبرع له في حاجة ماسة للزرع، شريطة موافقة اللجنة.
كما نصت المادة 10 على شروط التبرع من المتوفى، وهي: وجود وصية مكتوبة، واستثناء من ذلك يجوز نقل عضو أو نسيج بشري من الميت بموافقة ولي أمره. وأن يثبت الموت بشكل نهائي على وجه اليقين، وذلك وفقاً لحكم المادة (11) من هذه اللائحة.
- هل يمكن لأي شخص التبرع بأعضاء جسمه أم هناك شروط خاصة يجب أن تتوفر فيه؟
بالنسبة للمتبرع الحي نعم توجد شروط قانونية كما ذكرناها سابقا، كما توجد شروط طبية صارمة تضمن سلامة المتبرع وعدم تأثره بعملية التبرع بأي شكل من الأشكال، حيث تجرى للمتبرع العديد من الفحوصات المخبرية والإشعاعية للتأكد أنه لا يعاني من أية أمراض قد تتأثر بعملية المتبرع.
أما بالنسبة للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة فيمكن لمن وصل السن القانوني أن يوصي بالتبرع بأعضائه بعد الوفاة، حيث يتم بعد تأكيد الوفاة تقييم هذه الأعضاء، وفي حالة كانت مناسبة يتم زرعها لمستحقها في قائمة الانتظار وفقاً للبرتوكول الخاص بذلك.
- هل يكون التبرع بكل أعضاء الجسم أم أجزاء منه فقط؟
يمكن للمتبرع الحي التبرع بإحدى كليتيه أو جزء من كبده، كما يمكن بعد الوفاة أن يوصي الشخص بالتبرع بكامل أعضائه أو يحدد بعض الأعضاء مثل القلب – الكلى – الكبد – القرنيات وغيرها وذلك وفق الاستمارة المعدة لذلك.
- ما مدى تقبل المجتمع لهذه الفكرة؟
التبرع بالأعضاء أثناء الحياة أو بعد الوفاة عمل نبيل يساعد في إنقاذ حياة أشخاص مهددة حياتهم بالخطر، حيث يمكن للشخص أثناء الحياة التبرع بإحدى كليتيه أو فص من الكبد أو نخاع العظم، كما يمكن للمتبرع بأعضائه بعد الوفاة إنقاذ حياة ثمانية مرضى يعانون من الفشل العضوي.
كما يجب على الشخص الراغب بالتبرع بأعضائه بعد الوفاة تثقيف نفسه عن هذا المبدأ وأخذ المعلومات الصحيحة من المصادر الموثوقة، ثم بعد ذلك مناقشة أهله بهذا الأمر وتصحيح المفاهيم الخاطئة بشأنه، وبعد اقتناعهم بالفكرة عليه أن يطلب منهم تنفيذ رغبته في حالة حدوث مكروه له لا سمح الله وقرر الأطباء بأنه متوف دماغياً.
أما بخصوص توثيق الرغبة بالتبرع بالأعضاء فيوجد حالياً بالمستشفى السلطاني بطاقة التبرع بالأعضاء، وجار العمل على تطوير تطبيق إلكتروني للهواتف الذكية سيتم تدشينه قريبا يوثق فيه الأشخاص رغبتهم بالتبرع بالأعضاء بعد الوفاة.
- هل هناك بالفعل حالات تمت فيها استخدام أعضاء من متبرعين ونقلها إلى مريض في السلطنة؟
بلغ عدد المرضى الذين أجريت لهم عملية زراعة كلى في السلطنة ٢٩٣ مريضاً تبرع بها أحد أقاربهم، كما أجريت ١٧ عملية زراعة كلى من متوفين تبرعوا بأعضائهم بعد الوفاة ووافق ذووهم على تنفيذ رغبتهم. كما بلغ عدد المرضى الذين أجروا عملية زراعة الكبد في السلطنة ١١ مريضاً تبرع لهم أحد أقربائهم وذلك منذ بداية برنامج زراعة الكبد في عام ٢٠١٧.
وتمثل هذه الأعداد نسبة بسيطة جداً مقارنة بعدد المرضى المحتاجين للزراعة، حيث بلغ عدد المرضى الذين يعانون من الفشل الكلوي ويتلقون الغسيل الدموي ما يقرب من ثلاثة آلاف مريض، لذا يجب أن تتكاتف الجهود من أجل نشر الوعي حول أهمية التبرع بالأعضاء سواء أثناء الحياة أو بعد الوفاة.
- ما هو رأي الشرع في هذا الموضوع؟
تبيح جميع الأديان السماوية التبرع بالأعضاء أثناء الحياة وبعد الوفاة، بل وتشجع عليه، والدين الإسلامي أحد هذه الأديان التي تعتبر هذا الفعل عمل نبيل وصدقة جارية، كما وضحت الفتوى في السلطنة ذلك حسب الآتي: اعتمد سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة لائحة زراعة الأعضاء المنظمة لعملية التبرع بالأعضاء من الأحياء أو المتوفين الصادرة من وزارة الصحة في عام 1994.
وكذلك تحدث فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن سليمان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة في حلقة خاصة بسؤال أهل الذكر عن أهمية هذا المبدأ وحث المجتمع على المبادرة للتبرع بالأعضاء سواء أثناء الحياة أو بعد الوفاة.
أيضا اعتمد المجمع الفقهي الإسلامي جواز التبرع بالأعضاء في عام 1985.
- هل هناك قوانين أخلاقية تحكم عملية التبرع؟
نعم هناك قوانين جزائية وقوانين أخلاقية تنظم عملية التبرع، كلها تؤكد أن تكون عملية التبرع عن طيب نفس وبدون أي إكراه أو تحايل أو إغراء بالمال، وأن الشخص بكامل قواه العقلية أثناء موافقته على بالتبرع كما تؤكد هذه القوانين على أهمية سلامة المتبرع الحي. (مرفق لائحة تنظيم نقل وزراعة الأعضاء)
- ما هي نسبة نجاح عمليات زراعة الأعضاء من شخص متوف في جسم المريض؟
تعتبر عمليات زراعة الأعضاء من العمليات الناجحة بدرجة كبيرة على مستوى العالم، خصوصاً أن عملية زراعة أول كلية في العالم تمت في عام 1954م، وقد اكتسب علماء الطب الخبرة الكافية في هذا المجال، حيث يتم زراعة الآلاف من الأعضاء في كل عام على مستوى العالم، وتشمل القلب والرئة والكلى والكبد والعظام والبنكرياس والأمعاء الدقيقة وغيرها.
- ما هي الأبعاد الصحية والاجتماعية المتوقعة من البرنامج؟
سيعمل البرنامج على تسريع عملية زراعة الأعضاء، وبالتالي حصول مرضى الفشل العضوي على حياة جديدة تمكنهم من العيش بين ذويهم في حياة أفضل واقل معاناة. ومن أجل ذلك يجب على أفراد المجتمع المبادرة بالتبرع بالأعضاء من أجل إنقاذ حياة هؤلاء المرضى.
- ما هي أهم التحديات التي تواجه البرنامج؟
يعتبر النقص الشديد في الأعضاء البشرية أهم تحد يواجه أي برنامج لزراعة الأعضاء، حيث لا يوجد مصدر للأعضاء البشرية إلا الإنسان نفسه، ولا يمكن أخذ هذه الأعضاء منه إلا بموافقته الاختيارية في حال حياته وموافقة وليه بعد وفاته، ولا يمكن أن يكون أخذ هذه الأعضاء بمقابل مادي أياً كان نوعه، حيث تجرم قوانين السلطنة والقوانين الدولية كافة أنواع الإتجار بالأعضاء البشرية.
وتعمل الوزارة حالياً على تفعيل برنامج التبرع بالأعضاء بعد الوفاة، مما يساعد على إجراء مزيد من عمليات زراعة الأعضاء للمرضى في قائمة الانتظار، خصوصاً المرضى الذين لا يوجد لهم متبرع.
- كيف تقومون بتشجيع المجتمع على التبرع بأعضاء الجسم؟
يشكل الفشل العضوي معاناة كبيرة على المريض وعائلته، وتسعى وزارة الصحة أن يحصل كافة مرضى الفشل العضوي على عملية زراعة عضو بديل، ولكن نظراً للشح الكبير في هذه الأعضاء -والتي مصدرها الإنسان فقط- سيظل عدد المرضى الذين يعانون من الفشل العضوي في تزايد مستمر.
لذا تدعم الوزارة كافة الجهود لنشر ثقافة التبرع بالأعضاء أثناء الحياة وبعد الوفاة، وتعمل حالياً على خطة لنشر ثقافة التبرع بالأعضاء بعد الوفاة أملاً أن تسهم في تخفيف معاناة مرضى الفشل العضوي.
ويتم ذلك من خلال برامج التوعية المختلفة بالوزارة وبالتنسيق مع وسائل الإعلام المختلفة، ونعمل حالياً على إعداد حملة توعوية موسعة لموضوع تشجيع المجتمع على التبرع بالأعضاء.
كما يجب تضافر جهود مختلف القطاعات لإذكاء ثقافة التبرع بالأعضاء والتعاون بمختلف أشكاله لنجاح عمليات زراعة الأعضاء كل في مجال اختصاصه.