تصل إلينا يومياً عشرات الرسائل التي تعنى بجائحة كوفيد 19 والتي يحث بعضها على ضرورة أخذ الاحترازات، ولبس الكمامات، والابتعاد عن الازدحام والتجمعات، وغسل اليدين والجلوس قدر الإمكان في البيت.
وهذا ما ما نُحاول العمل به قدر المستطاع منذ انتشار هذا الوباء في المجتمعات، رغم عدم قناعة البعض بالجلوس في البيوت في وقت يحتاج فيه كل شخص إلى أن ينهي أعماله ويحصل على رزقه وخاصة في مثل هذه الأيام الفضيلة من شهر رمضان المبارك، وكلنا مقبلون على فترة عيد الفطر السعيد المبارك. فبدون القيام بالعمل تزداد مصاعب الناس، خاصة أولئك الذين يُديرون مؤسساتهم الصغيرة ويكسبون لقمة يومهم من هذه الأعمال البسيطة التي يقومون بها.
أما الذين يرون بأنَّ الجلوس في البيت مضر من الناحية الاقتصادية لهم، وأن ذلك يساهم في عملية ازدياد حالات الإصابة بسبب تكدّس الناس في أوقات معينة من العمل والذروة لشراء احتياجاتهم من المراكز التجارية وغيرها، فعليهم أن ينتبهوا إلى بعض الرسائل المرسلة حول هذا الوباء الفتاك. فقد وردت إليّ رسالة باللغة الإنجليزية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحثّ الأشخاص وخاصة الذين تجاوزت أعمارهم 60 عامًا أمثالي بضرورة البقاء في المنزل وعدم تحمل أي مخاطر محتملة على الإطلاق من جراء الإصابة بفيروس كورونا. هذه الرسالة التي نشرتها المنصات كُتبت بيد إحدى الممرضات اللواتي يعملن في الخط الأمامي في المستشفيات في إحدى الدول الأوروبية التي تتابع أحوال هؤلاء النزلاء المصابين بفيروس كورونا، خاصة أولئك الذين تتطلب حياتهم ربطهم بأجهزة التنفس الصناعي ليتمكنوا من البقاء والعودة إلى الحياة مرة أخرى.
الممرضة تُشير في رسالتها إلى أنَّه بالنسبة لأولئك الأشخاص الذين لا يفهمون معنى أن يكون الشخص على جهاز التنفس الصناعي ويتمنون اغتنام فرصة العودة إلى العمل والسير في الأماكن المزدحمة مثل مراكز التسوق أو التنقل في مركبات النقل العام، فإنه بالنسبة للمبتدئين، فإنَّ جهاز التنفس الصناعي ليس عبارة عن قناع أكسجين يوضع على الفم أثناء استلقاء المريض بشكل مريح وقراءة المجلات، بل إنه يتم وضعه من أجل التهوية الخاصة لمكافحة وباء كوفيد-19، ويتم ذلك بصورة مؤلمة في المريض المصاب، حيث يتم إنزال الأنبوب عبر حلقه، ويبقى هناك حتى يعيش الإنسان أو يفارق الحياة.
وتضيف الممرضة أن ذلك يتم عبر إجراء عملية تحت تأثير التخدير لمدة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع دون تحريك، وغالبًا ما يكون الشخص رأسًا على عقب، مع إدخال أنبوب من الفم حتى القصبة الهوائية لكي يمكن له التنفس وفقًا لإيقاع جهاز الرئة. وفي هذه الحالة فإنَّ المريض لا يستطيع التحدث أو الأكل أو القيام بأي شيء بشكل طبيعي، فيما يبقيه الجهاز على قيد الحياة فقط. وتصف الممرضة بأن الانزعاج والألم الذي يشعر به المريض المصاب يدفع الأطباء والخبراء لإعطاء المهدئات ومسكنات الألم له لضمان تحمل الأنبوب طالما كان وضع الآلة مطلوبا، فيما تبدو هذه الحالة وكأن الشخص المريض في غيبوبة اصطناعية.
هذه الحالة تؤدي إلى حدوث تغييرات في جسم الإنسان خلال تلك الفترات، حيث إنه بعد 20 يومًا من هذا العلاج، يفقد المريض الشاب 40% من كتلة العضلات، ويصاب في الفم أو الحبال الصوتية، بالإضافة إلى حدوث مضاعفات محتملة له في رئته أو قلبه. ولهذا السبب لا يستطيع كبار السن أو الضعفاء بالفعل تحمل العلاج ويفضلون الموت على ذلك.
الممرضة تصف هذه الحالة بأننا جميعاً اليوم في هذا القارب، الأمر الذي يتطلب من كل شخص الحفاظ على سلامة نفسه إذا كان يريد اغتنام فرصة البقاء أو أن يؤدي بنفسه إلى الهلاك، مؤكدة أنَّ هذا الوباء ليس بالأنفلونزا العادية. كما أن الشخص المصاب في تلك الحالة يحتاج إلى تركيب أجهزة أخرى عليه كتوصيل أنبوب إلى معدته إما من خلال الأنف أو الجلد للحصول على الطعام السائل، بجانب وضع كيس لزج حول مؤخرته لتجميع الإفرازات والبول، ووضع أنبوب للسوائل والأدوية، بجانب تركيب أجهزة أخرى لمراقبة ضغط الدم لديه، ومعرفة الجرعات الطبية المحسوبة بدقة، فيما تقوم الفرق العاملة من الممرضين بإعادة وضع أطراف المريض كل ساعتين واستلقائه على حصيرة بهدف بتوزيع سائل الثلج البارد للمساعدة في خفض درجة حرارة المريض.
هذه الرسالة المُهمة من شخص يشاهد هذه العمليات اليومية تتطلب منِّا أن نضع أنفسنا مكان هؤلاء المصابين، وأن نتباعد قدر الإمكان ونحصل على اللقاح اللازم في حال توزيعه مرة أخرى، وأن ننصح الجميع وخاصة كبار السن، وأصحاب الأمراض السابقة بضرورة التقيد بالبقاء في المنزل قدر الإمكان، وأخذ الاحترازات المطلوبة، وعدم الانتشار ليكون الجميع في مأمن بمنزله، مع ضرورة التحدث مع الجميع بأهمية هذه المآسي التي سوف يعاني منها المريض المصاب بفيروس كورونا.
وأخيرًا.. أن الهدف من هذه الرسالة هو تعزيز الوعي في المجتمع بأن يتعاون الجميع في هذه المسألة التي ندعو الله أن يرفع عنِّا هذا الوباء ونحن نستقبل أجمل أيام للعيد الفطر السعيد المبارك.