Image Not Found

هل تراجعنا في القطاع الصناعي؟

حيدر بن عبدالرضا اللواتي – الرؤية
[email protected]

يبدو أن جائحة كورونا سوف تحرّك استثمارات العالم نحو تأسيس مزيد من المشاريع الصناعية في المجالات التي تهم حياة الأفراد من خلال إنتاج اللقاحات والأدوية واستخدام المستشفيات وكل ما يهم شؤون الصحة العامة؛ فالمنطقة العربية تفتقد إلى الكثير من المشاريع التي تهم صناعة الدواء واللقاحات والأجهزة والمعدات المستخدمة في المشافي وغيرها من المؤسسات التي تعني بحياة الإنسان، بحيث أصبحنا اليوم نتوسل للدول الأجنبية للحصول على مستلزماتنا من الصناعات الدوائية واللقاحات، والتي تمتنع هي بدورها عن تقديم المعرفة اللازمة لنا للدخول في هذا القطاع الحيوي من جهة، وتحرص على بيع المنتجات الدوائية للدول التي تدفع المزيد لها وبشروطها الكبيرة من جهة أخرى.

هذا الأمر يدفعنا في السلطنة لأن نعطي المزيد من الاهتمام للمشاريع الصناعية؛ وخاصة في مثل هذه المجالات الحيوية، وفي أي مجال صناعي يمكن أن يكون مصدر خير لأبناء البلد من حيث توفير فرص العمل لهم من جهة، وتوسيع الرقعة الصناعية والإنتاجية للبلاد، وتعزيز التكامل الصناعي بين مختلف المحافظات العمانية من جهة أخرى. ومن هذا المنطلق نرى أن المساعي التي تبذل في هذا الشأن عديدة، في الوقت الذي تبدي فيه الحكومة اهتماماً كبيراً بمسألة جذب الاستثمارات العالمية للبلاد في ضوء التوجيهات السامية للسفارات العمانية بأن تبذل مزيدا من الجهود للوصول إلى المستثمر العالمي، وتسهيل مهمة قدومه للبلاد ليتعرّف على القدرات والإمكانيات التي توفرها الحكومة العمانية في هذا الشأن.

وفي هذا الصدد يرى رجل الأعمال حسين بن سلمان اللواتي الرئيس الفخري لجمعية الصناعيين العمانية- والذي سبق أن أسس عدة مشاريع في البلاد ومنها شركة الكابلات العمانية- أن هناك سباق كبير في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى السلطنة وغيرها من الدول الأخرى، الأمر الذي يخلق منافسة كبيرة بين الدول في هذا الشأن، وذلك من خلال حديثه لمجلة الاقتصاد والاعمال مؤخراً، مؤكدا ضرورة تقديم المزيد من الحوافز والتسهيلات، وتخفيض الحواجز وغيرها من العقبات التي تواجه المستثمر في هذا الشأن، مع إجراء الإصلاحات الضرورية وخاصة في مثل هذه الظروف التي تكثر فيها التحديات بسبب انتشار الجائحة في العالم.

القطاع الصناعي في رأي الكثير من رجال الأعمال العمانيين والصناعيين يجب التعامل معه بصورة مختلفة باعتباره من القطاعات التي تحتاج إلى الكثير من العناية والاهتمام من حيث جذب نوعية الاستثمارات المطلوبة، وتوفير المزيد من المناطق الصناعية، وإعداد العمالة المتدربة التي تحتاج إليها المؤسسات الصناعية، والتعامل مع المؤسسات في الحصول على المعرفة اللازمة بجانب توفير الإمكانيات الفنية اللازمة، واستمرار العمل في الإعفاءات والحوافز والتسهيلات مع تقليل أنظمة الضرائب التي تؤدي إلى نفور الاستثمارات. ومن خلال العمل بتلك الأنظمة والقوانين يمكن ازدهار القطاع الصناعي والاعتماد عليه، الأمر الذي سيؤدي إلى تحسين وزيادة قدرة هذا القطاع وإنتاجيته، وقدرته التنافسية والتوجه نحو التصدير. كما أن القطاع الصناعي يحتاج إلى ثبات السياسات والتشريعات بصورة مستمرة مع إدخال التحسينات على تلك القوانين، وعدم تغيرها بتغير الأشخاص المسؤولين، لأن ذلك سيعمل على خلق ارتياح الصناعيين وأصحاب الاستثمارات في مختلف المجالات، الأمر الذي سيُؤدي إلى خلق واقع صحي في البلاد تجاه الصناعة.

كما أنه من واجب المؤسسات الحكومية إعطاء المزيد من الاهتمام للمنتج الصناعي من خلال الإقبال عليه في مناقصاته واحتياجاته اليومية. وهذا ما تؤكده القوانين والقرارات الصادرة عن الجهات المعنية في السلطنة منذ عدة عقود مضت إلا أن التطبيق ينقص هذا الأمر وفق رأي الصناعيين ومن بينهم رئيس جمعية الصناعيين العمانية؛ حيث يرى ضرورة منح مزيد من الجدية والأولوية في العقود والمناقصات المختلفة للصناعات المحلية، والعمل على محاربة التجارة المستترة التي خلقت واقعاً اقتصادياً مغايراً في البلاد، وأضعفت حماس الشباب ورواد الأعمال الطموحين ورغبة رجال الأعمال وخاصة الشباب العماني الذي يود التوجه للعمل في المجال الصناعي والمشاريع المنتجة في ظل التنافس غير الشريف من الوافدين في العديد من الأعمال والقطاعات التي تدار على أسس التجارة المستترة.

ورغم أنَّ السلطنة تتميز في الإمكانات والمقومات والقدرات والموارد الطبيعية والبحار والجبال بجانب موقعها الاستراتيجي وعلاقاتها الدولية، إلا أن الكثير من هذه الإمكانيات والقطاعات لم تستغل بصورة مناسبة، وإذا استغلت بعضها فإنها تعمل من خلال السجلات التجارية لأشخاص عمانيين، ولكن باستثمارات وأيدٍ وافدة دون أن يكون لذلك عائد اقتصادي واجتماعي كبير لأبناء البلاد، وبذلك نفتقد الكثير من القيمة المضافة لهذه المشاريع، وتضيق حلقة الأعمال للعمانيين في هذه القطاعات.

وفي ضوء الجهود المتجددة التي تبذل في هذا الشأن من قبل المسؤولين في وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار والجهات المعنية الأخرى، فإنَّ الجميع يأمل إعادة رسم الخريطة الصناعية في البلاد بحيث يكون هذا القطاع في مقدمة المشاريع التي تؤسس في كل محافظة، الأمر الذي سوف يساهم في تسكين الباحثين عن العمل في مناطقهم من جهة، وتوفير مزيد من السلع والمنتجات والخدمات لأبناء البلد من جهة أخرى، مع ضرورة تفعيل دور السفارات العمانية في الخارج في عملية الترويج والتسويق وجذب الاسثتمارات، مع توجيه المستثمرين الصغار بالعمل في تأسيس المشاريع الصناعية الصغيرة كما هي مقامة في العديد من دول العالم، مع فتح المجال للاستثمارات الأجنبية الكبيرة للوصول إلى البلاد لإقامة المشاريع الصناعية الضخمة، وتغيير واقع الصناعة في البلاد خلال العقد المقبل، وذلك من خلال العمل بالتقنيات الجديدة المنافسة في هذه المجالات وتعزيز مفهوم ثقافة الصناعة بين أفراد الجيل الحالي من الشباب.