تستمر أوروبا في دعم مؤسساتها الاقتصادية في ظل الجائحة سواء عبر التحفيز المالي أو توفير اللقاحات، بينما هناك حاجة لحصول دولها على مزيد منها، في ضوء تغيّر أوجه الوباء بين فترة وأخرى. فالموجة الجديدة تدفع المؤسسات لإعادة الإغلاقات مرة أخرى، في الوقت الذي تحتاج فيه هذه المؤسسات والشركات إلى مزيد من التحفيز المالي لتتمكن من مواجهة الوباء.
فالحكومات الأرووبية تعمل مع بعضها البعض لمواجهة التداعيات الناجمة عن كوفيد 19، حيث أكدت كريستين لاجارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي مؤخراً بأن اقتصاد منطقة اليورو ما زال عاجزاً عن الوقوف بصورة طبيعية، وأنه يقف اليوم على عكازين للاستمرار في الإنتاج وهما التحفيز النقدي والمالي، الأمر الذي يطلب الاستمرار في هذا الاتجاه لغاية حدوث تعاف كامل من هذا الوباء الذي خلق أزمة كبيرة في العالم.
الاقتصاد الأوروبي كسائر الاقتصادات الأخرى يتعرض اليوم لتداعيات الجائحة، وأنه سوف لا يقدر الوقوف إلا بمساعدة العكازين اللذين تحدثت عنهما الخبيرة الأوروبية وهما التحفيز المالي والنقدي لحين تمكنه من الوقوف دون أي مساعدة في هذا الشأن. عندئذ يمكن التوقف عن هذه المساعدة التي تحيي آمال الكثير من المؤسسات والشركات للاستمرار في العمل. فأوروبا اليوم كسائر دول العالم تواجه مزيداً من المخاطر والتحديات والتداعيات التي تهدّد اقتصاداتها بسبب التحورات التي تحصل في الوباء، الأمر الذي يؤدي إلى فقد المزيد من الأرواح والأموال في وقت واحد. وهذا ما يدفع البعض بأخذ الاحتياطات والإجراءات السريعة واللازمة من أجل عدم إتاحة الفرصة للوباء بإطالة أمده والتعجيل نحو التعافي وقصر مدة الأزمة الصحية لديها.
هناك عدة مؤسسات دولية ومنها صندوق النقد الدولي يعتقد بأن الوضع الحالي للوباء قد يؤدي إلى حدوث مزيد من الاضطرابات الاجتماعية والتداعيات الاقتصادية على المدى المتوسط في حال استمرار هذه الأزمة التي تعصف بالعالم منذ أن انتشر الوباء في شهر يناير عام 2020. فوفق بيانات الصندوق فإن أوروبا سوف تسجّل هذا العام نمواً بنسبة 4.5%، وفي العام التالي 3.9%، الأمر الذي يمكن أن يعيد للاقتصاد الأوروبي قليلاً ن معافاته إلى مستويات ما قبل الجائحة، كما يعيد بعض التعافي الذي فقدته خلال الفترة الماضية بسبب الموجات الجديدة للوباء. وكلما كان العمل بالتحفيز المالي والاقتصادي من خلال المساعدات والحوافز مستمراً في منطقة أوروبا مع العمل على توفير اللقاحات، فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى رفع إجمالي الناتج المحلي لتلك الدول، الأمر الذي يؤكد بأن هذه الحزم من التحفيز أصبحت أمراً ضرورياً لاستمرار الشركات والعاملين بها في تشغيل المؤسسات وتفعيل أعمالها اليومية، بالإضافة إلى مساعدة العمّال في إيجاد وظائف في قطاعات ناشئة، مع إحساس الجميع بأن المعاناة والتحديات تتضاءل بين الأفراد والشركات.
الأوروبيون يتهربون بقدر الإمكان من فرض الإغلاقات عليهم، فيما يحذر خبراؤهم بأن أي تأخير في صرف أموال الصندوق المخصص لمكافحة الوباء والذي تصل أمواله في حدود 750 مليار يورو من خلال تقديم المنح والقروض، فإن ذلك سيؤدي إلى إلحاق كارثة اقتصادية لمنطقة أوروبا. وفي الوقت الذي تعمل أوروبا لمواجهة هذه الأزمة، فإنها تتضامن مع مختلف دول العالم في التخفيف عن معاناتهم في هذا الشأن.