نظريات تكون الخلية السرطانية مرت بعدة أطوار، وفي مقالي السابق فصلت كيف كان ينظر للسرطان كمرض لا علاج له، ورُبط بأساطير السحر والجن وما إلى ذلك. وقد أتى بالحديث الصحيح «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً» فنحن اليوم نعلم بأن السرطان مرض نستطيع الشفاء منه وإن كان الطريق أمامنا طويلا.
حتى نفهم الخلية السرطانية لننظر إلى تكون الإنسان. قال تعالى في سورة القيامة «أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى» ثم قال في سورة المؤمنون « ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ -فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» فعند التفكر في خلق الإنسان نرى الإنسان قد خلق من نصف خلية ألا وهو الحيوان المنوي من الأب والذي يتحد مع نصف خلية من الأم ألا وهي البويضة، ليكونوا النطفة والتي تبدأ في العمل أول ما تبدأ بالانقسام التغيري فتنتج أمهات الخلايا، كأمهات خلايا الجلد، وأمهات خلايا العصب، وأمهات خلايا العظم وما إلى ذلك.
وبعدها يتم قفل التغيير وتبدأ أمهات الخلايا بإنتاج كل خلية متخصصة بنوعها وذلك بواسطة الختم الجيني، وذلك ما يعرف بالتكاثر الخلوي وذلك باستعمال ختم الDNA الموجود بالنواة، وتستمر هذه العملية بإنتاج الخلايا المتشابهة طول العمر حتى لحظة الوفاة.
في أثناء عملية التكاثر الخلوي لو حدث وأنتجت خلية غير مطابقة للخلية الأم يتم التخلص منها مباشرة بصورة عامة، والمسؤول عن عملية التخلص هو النظام المناعي بالجسم، وذلك من خلال عمليات معقدة ومركبة للتعرف على الخلية غير المتطابقة، ومن ثم دورة للتخلص منها.
عندما تفشل الأنظمة الدفاعية بالجسم بالقيام بدورها تنتج خلايا غير ذات فائدة مستهلكة للطاقة سريعة النمو، وعادة ما تكون عدائية وتحاول غزو النسيج المحيط بها والتكاثر بشكل سريع وجنوني مستغلة للإمدادات الغذائية عن طريق الدم وتسمى بالسرطان.
أما أسباب إنتاج خلايا غير مطابقة فهي عدة، منها العوامل الخارجية كالتدخين والتعرض للسموم الكيميائية وما إلى ذلك، أو خلل جيني من البداية أو مرض فيروسي، وما إلى ذلك من عوامل الخطر من أمراض السرطان. ويأتي بعدها عوامل الضعف المناعي في مقاومة المرض، وهي أيضا بسبب التقدم بالسن واختلال بالتغذية أو عوامل جينية.
كل هذا يسبب تكون خلية سرطانية، والتي أن وجدت البيئة الحاضنة لها تبدأ بالنمو والتكاثر على حساب جسم المريض الحاضن لها، وإذا لم يتم التدخل العلاجي بالوقت المناسب يصبح العلاج شبه مستحيل. ومن هنا نرجع للقول بأن درهم وقاية خير من قنطار علاج. هذا ونرجو من الله التوفيق.