تابعتُ باهتمام شديد المؤتمر الصحفي للجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، والذي عقدته مع رؤساء تحرير الصحف ومسؤولي وسائل الإعلام المسموعة والمرئية، ولعل من أبرز ما شهده هذا المؤتمر، السؤال الذي طرحه المكرم حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية، حول أهمية توفير اللقاحات والتوسع في حملة التحصين، حيث نقل الطائي إلى معالي وزير الدكتور وزير الصحة هموم وتساؤلات المجتمع والناس، فيما يتعلق بتوفير لقاحات كورونا.
فالسؤال الذي طرحه الطائي، كان سؤالاً لشريحة هائلة من النّاس الذين تضج مواقع التواصل الاجتماعي باستيائهم من الأسلوب الذي يُدار به ملف كوفيد-19، ومن ثم عكست الأسئلة نبض الشارع، ونقلت للمسؤولين بكل صدق وشفافية، آراء الناس وتوقعاتهم من اللجنة العليا.
النَّاس- عدد هائل منهم- يجدون أن الآخرين ممن تجمعنا بهم ذات الظروف، قد عملوا على تحصين مواطنيهم باللقاحات بأعداد هائلة تفوقنا بكثير، ويجدون أن الإغلاق دمارٌ حقيقيٌ لاقتصاد البلد، في حين كان بالإمكان تجنب ذلك كله بتوفير اللقاحات التي لم تتمكن وزارة الصحة من توفيرها للأسباب التي ذكرها معاليه في ذلك الحوار الذي جرى بين رؤساء تحرير الصحف ووسائل الإعلام وعدد من الوزراء في النادي الدبلوماسي.
قُبيل أيام، غرَّد جماعة من المُثقفين يقولون: (الإغلاق الليلي لم ولن يكن يقلل من حالات الاصابة ولا حماية الناس من كورونا لكنه فعلياً قتل مشاريع متوسطة وصغيرة وسيقضي على الباقي منها بل وسيعدم رزق أسر متعففة بمصدر رزق يومي إذا استمر الغلق فهل من معتبر”؟) @sihamaha
(بعد سنة من التعايش مع الجائحة ومع قرارات اللجنة العليا وبعد الحوارات مع مختلف شرائح المجتمع استطيع أن أقول باختصار إن بعض قرارات اللجنة كانت غير موفقة وحان الوقت أن تراجع أخطاءها لتُجنب الوطن والمواطن والمقيم أخطاء إضافية مستقبلا..) @DrAl_law
لقد غردوا بما يعتقده الناس، لأنهم هم الذين يتواجدون بكثافة مذهلة في السوبر ماركت والمجمعات التجارية لشراء الضروريات في الساعات الأخيرة المتبقية من حظر الحركة.
هل قمنا بزيارة لقسم الخضار والفواكه في بعض السوبرماركتات الكُبرى المزدحمة عن بكرة أبيها؟
ما كان ليحدث هذا الذي حدث لولا قرارات الإغلاق التي ظننا أنها ستقلل من الإصابات إلا أنها بعينها التي عملت على ازديادها بنقلها التجمعات من وقت إلى وقت آخر!
ناشدت بعض التغريدات سابقاً أن يتم إغلاق البلد برمته على مدى 14 يوماً مقابل تحمل الحكومة مسؤولية ضخ المال لإنعاش الشركات المتضررة في هذه الفترة، لا سيما بعد فرض ضريبة القيمة المضافة والتي أتت دون أن يرافقها تمكين آليات الحوكمة وصلاحية البرلمانات وحماية المستهلك وحرية الإعلام- على حد مضمون تغريدة الدكتور سيف المعمري (انظر: @saifn1..)، لكنها لم تجد آذاناً صاغية، وها نحن اليوم- كما قال الطائي- نتحمل الثمن الباهظ لقرارات الإغلاق في حين ما تمكنا من توفير اللقاحات أياً كانت الأسباب.
معالي وزير الصحة في ردوده عن أسئلة الناس التي ألقاها الطائي بالنيابة عنهم، دعاه لفتح ملفات الوزارة ليقف على الجهد المبذول من قبل وزارته، ولستُ أظن أنَّ الطائي أو غيره من المواطنين يشكون في صدق الجهود الحقيقية التي تبذلها الوزارة الموقرة بكل طواقمها، فهذا الأمر لا يقبل الشك أساساً، وذكر هذه النقطة تحديدا في هذا الحوار لستُ أجده في سياق المحاورة.
لقد أكد معاليه أنه ليس بالذي سيقبل أن تنخفض أرقام الإصابات مقابل توفير لقاح لم تثبت فعاليته، لكننا لا نفهم كيف حدث وأن سمحنا بازدياد أرقام الإصابات عبر منع الحركة في أوقات معينة، على أن تزداد إلى حد التكدس العجيب وفي مواقع محددة ضيقة!
يتمنى الناس أن تتوقف الوزارة الموقرة- بالمقابل- عن إلقاء اللوم على المواطن بحُجة عدم التزامه بالإجراءات الصحية وعدم ارتدائه الكمامة، وتبدأ فورا بتفعيل طرق مختلفة لتوفير اللقاحات الآمنة في السلطنة، وكما تمكن غيرنا من ذلك ممن تجمعهم بنا ذات التضاريس، فلماذا نسمح للسياسة أن تتدخل لتُعيق وصولها إلينا؟ يبدو أنه لا يخلو من الصِّحة ما قاله الطائي في مطلع حواره ذاك، بأنَّ ثمة خلل ما قد وقع في التفاوض مع شركات إنتاج اللقاحات، ومسؤولية الوزارة الموقرة في هذه الفترة العمل على التغلب على هذه الأزمة.
من جهة أخرى، تنادي مواقع التواصل الاجتماعي اللجنة العليا بأن تبحث عن حلول أفضل من الإغلاق المدمر، وإن تطلب هذا البحث إضافة أعضاء جدد للجنة من خبراء اقتصاديين وفنيي إدارة الأزمات؛ لأجل ضخ أفكارٍ جديدة، إنقاذا للوضع من أن يبلغ درجة يصعب فيها إنعاشه.