خدم المنبر الحسيني منذ نعومة أظفاره يوم أن كان في ولاية الخابورة.
كان يأتي عبر السفن الخشبية فيستقر في مطرح في واحد من مجالسه المعروفة.
ذكر لي أن الحاج باقر عبداللطيف فاضل كان بحافز وبدعم منه يساند خطواته وبتشجيع منه وفر له الفرصة للذهاب إلى النجف الأشرف الذي درس فيها ردحا من الزمان متنقلا بين البحرين المكان الذي أحبه وتزوج منه وبين النجف الأشرف.
بعد ذلك عرض عليه التفرغ للدراسة لكن ظروفه المعاشية كانت مانعة وقد ندم على فوات الفرصة بعد وفاة الحاج باقر عبداللطيف وذكرت ذلك حينما كتبت عن الحاج باقر وكان تأسفه على تفويت فرصة إستكمال الدراسة الحوزوية كبيرا وذكر أنه كان بمثابة غصة.
لازم خدمة المنبر وتفانى من أجله وكان يتردد على بلدته الأولى الخابورة مع أيام محرم الحرام ويرجع للحاضرة مسقط ومطرح ليكمل مشوار عطائه في ساعات المساء لدرجة أنه كان يشعر بالإرهاق الشديد لكنه كان يثابر على البذل في مواسم العطاء العاشورائي ليلا ونهارا.
روزخونيا من الطراز الأول خدم المنبر خدمة ملازمة لأكثر من ستين عاما فتمرس على فنون الأداء المنبري بنبرته وحفظه وذاكرته تركت أثرا على جيل تربى تحت منبره فهو من جيل ترك بصمات الخطابة شاخصة حية تهز الوجدان من خلال لغة عاطفية جياشة مفعمة بمآثر أهل البيت ع فهم الذين استوحى من فضائلهم مادة تتحرك في القلوب فتملؤها قيما ومُثلا ومبادئ راسخة وبأسلوب تربوي غير متكلف.
فهو من جيل ترك بصمات الخطابة المنبرية شاخصة حية تهز الوجدان بعاطفة جياشة لايفهمها إلا من تربى على لغة الوجدان والعاطفة الممزوجتان بلغة العقل والضمير اليقظ.
بجانب ذلك كان يتعهد بتنظيم مواسم الحج ويقود واحدة من الحملات على مدى سنين عدة و منذ أواخر السبيعينات حتى بدايات التسعينيات من القرن المنصرم.
وعندما إنتقل السيد العالم حسين أسد الله الموسوي إلى جوار ربه عام 1983 ومع الفراغ الذي تركه السيد عبدالكريم القزوبني عند مغادرته عمان وكان يخدم اللواتية في إدارة شؤونهم الفقهية والوقفية فإن السيد شرف حل مكانهما
فأدار الواقع بكل اقتدار وتفانٍ واتخذ من موقع صلاة الجمعة منبرا متفوها حركا يصدح في طرح المواضيع الإسلامية العامة التي تركت أثرا في نفوس الناس وهم يرون فيه مربيا فاضلا تقيا ورعا.
أحبه الشباب حبا جما لدماثة خلقه وأريحته وتواضعه وكانت الإبتسامة تسبق كلامه وأسلوبه الأبوي يتفاعل مع قرائح النفوس التي جبلت على المحبة والعطاء وفطرت على حب الخير.
إستمر في إمامته للصلوات في مسجد حمزة للإخوة العجم وكان يخطب من منبره وتواصل عطاؤه عندهم وفي مآتمهم وفي مآتم الإخوة البحارنة في مسقط حتى أنهكته الأيام والليالي مع تقدمه في السن لكنه بقي في خدمة ذوي الحاجة وأهل العوز فكان لهم وجه لدى الوجهاء يجمع لهم من الخيرات الشئ الكثير وبقي متعهدا بشؤونهم حتى أواخر أيام عمره المبارك.
تحمل مرارة فقدان أكثر من شاب من أبنائه لكنه بقي جلدا صبورا محتسبا.
اليوم نحن نفتقد مثل السيد شرف إبن علي الموسوي الشخصية التي مافتأت تبذل في سبيل التقريب بين رموز المذاهب الكبرى في عمان وعلى رأسهم العلامة الكبير سماحة المفتي العام فقد كانت تجمعه معه ومع باقي الطيف المذهبي في هذا البلد المعطاء العلاقات التي صهرت في بوتقة الإسلام وتشكلت الألفة والمحبة والنصح بينهم حتى أصبحت مضرب مثل في عمان وخارجها وانعكست على سلوك الأجيال التي انتهلت من مدرسة الإسلام المحمدي الجامع وستبقى رمزية العلامة السيد شرف إبن علي الموسوي أيقونة المحبة والخير والسداد.
إنا لله وإنا إليه راجعون