أن يتقصد حبر أكبر طوائف المسيح مرجعا في أبعد زاوية من أزقات شارع الرسول في مدينة علي ع أمر في غاية السمو.
لا نعلم سر اللقاء فبين حبرين هواجس وتطلعات وماوراء السطور مقاصد وتمتمات.
عمامة شقت طريقها في أرض علي ع في الغري مع أوائل القرن الخامس للهجرة ( الشيخ الطوسي ) ومذ ذاك إنسكبت محابر علي على ساكني النجف الأشرف فشعت منها أنوار العلم ومع علي بدأت مسيرة حاضرة الكوفة تزحف رويدا رويدا ويالها من المحابر أشعلت قناديل العلم والمعرفة وكل معاني السمو والرفعة.
هي النجف ولاغيرها ففي هذه الأرض زهت أنوار العلم وشعشعت فيوض الرحمة متعلقة بأستار ضريحه، فعلي هو باب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه وآله.
تاريخ النجف تاريخ علمائي وعلمي زاخر وفياض فقد تخرج من مدرسة النجف علماء أتقياء أناروا دروب المجد في علياء بني البشر ممن والوا عليا وآخرين مما أحبوه فأجرى الله تحت أيديهم كل ماهو خير لعباده فمدرسة النجف مدرسة وئام ومحبة وتقوى قبل أن تكون مدرسة علم وفقه وتفسير وفلسفه وتاريخ وعلم كلام.
هذٌبت النجف الأشرف سلوك ساكنيها وقاصديها وكل من طأطأ برأسه على عتبات علي إجلالا وهيبة فكانت النجف موئل دارسي حوزاتها
وكانت النجف أرضا تضم الآلاف من الطلبة في مختلف العلوم الدينية عبر قرون متطاولة يقودها رجال علم وبصيرة وأهل حجى ممن إنتهلوا من بركات علم علي ع فنشروه في الأصقاع ذلك العلم الممزوج بأعلى مراتب التربية والخلق الرفيع.
نشروا ثقافة الإنسان قبل كل مفردة من مفردات العلم الذي ذاع صيته في الآفاق.
هو ذاك علي ع وتلك مآثره ومنتمو مدرسته كانوا أهل فضل وتقى وأهل سداد وبر.
يكفينا النموذج الحي الألق تتمثل في مرجعيته مرجعية النجف الأشرف.
هذا المرجع الذي حمى العراق بكل طوائفه وأديانه وانتماءاته ومذاهبه في لحظة تاريخية فاصلة ولولاه لأخذت الفتنة من أهل العراق ومزقته تمزيقا.
الله من رجل وجد في روح علي ع الحماية لكل إنسان يحمل روحا وإن تغاير فكرا ومحتدا.
فأصل الرجل انتماء لمدرسة حمت الذمار واستجار بها الملهوف واستقامت على العهود.
اليوم ونحن نقف على أعتاب علي ع وعلى شارع الرسول ص في زقاق من أزقات النجف الأشرف حيث بيت المرجع الأعلى السيد السيستاني المستأجر فلا أبهات هنالك ولا سجادة حمراء مزدانة ولا فواصل ولا متاريس ولا حواجز فنرى الحبر فرانسيس لأكبر المعمدانية الكاثوليكية
تتمثل في شخصية بابا يطأطأ برأسه على أعتاب المرجع وعلى أمتار منه يرى الأنوار المتلعلعة من قبة علي ع تنثر روح الأخوة والمحبة والإنسانية والسلم فهو ذاك من كتب ضمن دستور إنساني يتحرك في وجدان الأحياء كتبه لواليه على مصر مالك بن الأشتر النخعي وضمن ماخطه:
فإنهم صنفان:
أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق.
سيبقى المرجع أمناً وأماناً وملاذا للسلم الأهلي فهو على خطى جده وهو الملاذ عند المدلهمات.