صادق حسن اللواتي
العديد هي الكتب التي تحدثت عن تاريخ المرأة وخصائص المرأة ووظائف المرأة وسيكلوجية المرأة وفلسفة المرأة ، وأغلب هذه الكتب درست دور المرأة وعلاقتها لبيان مواقفها الحياتية ولكن القليل منها التي عالجت المرأة كفكر لأن أغلبها طغى عليها طابع ذكوري .
والتاريخ هيمن عليه الرجل ولم ينفلت من سلطته ، ماذا لو قلبنا التاريخ رأسا على عقب ، فالتاريخ بمجمله ذكوري بإمتياز فماعساه لوصارنسويا ، بأن النساء هن من لعبن دورا محوريا في حياة الإنسان ، في هذه الحالة نجد أنفسنا أمام فلسفة مغايرة ومنهج مغاير وفكرمغايروكل شيء سيكون مغايرا ،
فبدل أن ننادي على ضرورة حماية حقوق المرأة سننادي على ضرورة حماية حقوق الرجل وبدل الدفاع عن حرية المرأة سندافع عن حرية الرجل ، واقعا ستكون هناك ثورة في البحث عن المساواة وللولوج في عالم الفكر والثقافة والسياسة والدين والاجتماع والفلسفة بل وفي كل مجالات الحياة.
قد يقول قائل ما علاقة هذا بالسيدة فاطمة (ع) ؟! السيدة فاطمة إمراة أو رجل ؟ إمرأة ، السيدة فاطمة صنف ذكوري أو نسوي ؟ نسوي ، ونحن نبحث عن السيدة فاطمة كإمراة كإحدى الشخصيات النسائية اللائي إذا ما سمعنا إسمها لايمكن أن نمر عليها مرور الكرام ، لا تقل لي إنها معصومة وبنت النبي الخاتم (ص)
وهذا يكفي لبيان عظمتها ، لا هذا لن يوصلنا إلى حقيقتها لابد من دراسة التاريخ المدني بشقيه العام والخاص ماذا يقول عنها ، التراث الديني والثقافي ماذا يقول عنها هل صحيح هو أو خطأ ، أعلم جيدا أن البحث في مثل هذه المواضيع صعب جدا ، لا أريد أن أقف عند هذه الجزئية الآن لأننا سنأتي إلى مناقشة موضوعات مختلفة تتعلق بها (ع)
سؤال : ما هو تعريف المرأة ؟ ، أنت إسأل أي إنسان عن تعريف المرأة سيجيب أن المرأة شريكة الرجل في الحياة ، (بلزك) يقول (المرأة مخلوق بين الملائكة والبشر)، الأسطورة الهندية تقول (المرأة للرجل مرآة ينظرمن خلالها إلى مجده) ،
إيما غريب خوري تقول (المرأة طيف سراب) ، أما من يرى الواقع الإجتماعي فهو يقول أن المرأة خلقت لإسعاد الرجل ، كل حاول تعريف المرأة لكونها مخلوق يشغل الجميع
نأتي إلى كتاب الله وننظرفيه عن تعريف المرأة ، لن تجد آية في القرآن تًعرف المرأة بل ستجد آيات تتحدث عنها وعن الإختلافات البيولوجية بينها وبين الرجل ومعالجة قضايا الأحوال الشخصية ونماذج لنساء مختلفات الأدوار كالسيدة مريم (ع) ، لماذا ؟
لآن القرآن عندما يريد أن يوجه كلامه إلى المرأة يقول (يا أيها الإنسان) والخطاب موجه للصنفين الرجل والمرأة ، إذن المرأة في كتاب الله إنسان. سؤال : هل المرأة إنسان أو ليس بإنسان ؟ إذا كانت إنسان فكل ما ذكره القرآن عن الإنسان يشملها هي أيضا ، أما إذا لم تكن إنسان فمن هي إذن ؟ تعالوا معي لنستنطق التاريخ والتراث لنحصل على الجواب ؟
تقول (سوزان بًل في كتابها المرأة من الإغريق إلى الثورة الفرنسية ص 17) (إن الصورة التي رسمها أرسطوللمرأة بالغ الأهمية وذات أثرهائل فقد ترسبت في أعماق الثقافة الغربية وأصحبت هي الهادي والمرشد عن النساء بصفة عامة).
ماهي الصورة التي رسمها أرسطو عن المرأة ؟ جاء في كتاب (أرسطو والمرأة – د.إمام عبدالفتاح ص 7) (فإن أرسطو قد قنن هذا الوضع عندما بذل جهده ليضع نظرية فلسفية عن المرأة يستمد دعامتها الأساسية من ميتافيزيقا ثم راح يطبقها في ميدان البيولوجيا أولا ثم الأخلاق والسياسة بعد ذلك ليثبت فلسفيا صحة الوضع المتدني للمرأة التي وضعتها العادات والتقاليد اليونانية).
هذه العبارات تؤكد أن الصورة السيئة عن المرأة عند الفلاسفة في بلاد اليونان وجدت لها أرضا خصبة في التراث الإسلامي فألبسوها ثوب الدين ليصبح مقدسا ، فلو أردنا أن نقسم الإنسان إلى درجات من سيكون في الدرجة الأولى ؟ الرجل أليس كذلك ،
والمرأة في أي درجة ستكون. سنعرف الآن ، جاء في كتاب (إحياء علوم الدين – أبوحامد الغزالي ج2 ص 64) (إن النكاح نوع من الرق فطاعة الزوج عليها مطلقة في كل ما طلب منها في نفسها مما لا معصية فيه).
وجاء في كتاب (الإلهيات من كتاب الشفاء – إبن سيناء ص 494) (وإنها في الحقيقة واهية العقل مبادرة إلى طاعة الهوى والغضب) تعالوا إلى معجم اللغة (تاج العروس من جواهرالقاموس للسيد مرتضى الزبيدي ج19 ص 313 ) الحذاء : الزوجة لأنها موطوءة كالنعل نقله أبوعمرو المطرز).
يقول برنارد شو (الرجل الإمريكي يهبط بالزنجي إلى مستوى ماسح الأحذية ثم يستنتج من ذلك أن الزنجي لا يصلح إلا لمسح الأحذية) والتراث اللغوي العربي سير أيضا معاجم اللغة في مجرى ذكوري مع أن النحويين يفرقون بين مفردات إنسان (الرجل والمرأة) ولفظ إنسان لا يؤنث لأنه مشترك بينهما، ولذلك لا نقول إنسانة بل إنسان.
الأن قل لي حسب هذه المعطيات في أي درجة يفترض أن تكون المرأة ؟ في أدنى درجة يمكن أن يتصوره عقلك وهذه المعطيات هل تعطي لنا الصورة الحقيقية عن بعض الكمالات التي يمكن للإنسان الوصول اليها أو لا ؟ بإعتبار أن الإنسان مقسم إلى صنفين ذكر وأنثى.
نكمل بحثنا في الحلقة (2) إن شاء الله تعالى.. إلى اللقاء