Image Not Found

4 محاور لاستراتيجيات إدارة الشركات

Visits: 20

د. علي حبيب اللواتي – الرؤية

(1- 2)

أتناول في الجزء الرابع من سلسلة مقالات “عمان نهضة متجددة” أربعة محاور مختلفة وجميعها تصب في قالب بحث واحد، حول إدارة الشركات.

ويتعين هنا أن نشير إلى أهمية الوعي الاقتصادي والإداري في تطبيق أفضل الممارسات التجارية والتكتيكية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية في الوطن للوصول لمعدل اكتفاء مرتفع عالٍ وتحقيق الأرباح المنشودة بهدف النجاح في تنويع مصادر الدخل حسب رؤية “عمان 2040” الحلم المنشود.

فكيف يتم اختيار الرؤساء التنفيذيين؟ وكيف يتم تحفيزهم ومحاسبتهم؟ هل وجود مجلس إدارة لكل شركة من شركاتك الـ40 قرار صائب أم أنه استنزاف مستمر ومعطل لتحقيق الإنجازات المستهدفة؟ هل تضع كل بيضك (طموحك) في سلة واحدة؟

أولا: دراسة الجدوى وسلم الرواتب.

مثلما هو معروف أن الشركات الكبرى تقوم بتعيين قائد لقيادة كل الشركة بهدف تحقيق أهداف محددة مرسومة لصالح مؤسسي الشركة؛ وحينها لا تضع وزنا نوعيا لمجرد اسم عائلتهِ أو حجمها البشري، أو لتوزيع جغرافي أو لتوازن ديمغرافي هو ينتمي له عند اختياره، بل تنظر وتأخذ وتبحث فقط في مدى كفاءته العملية وقدرته على تحقيق الإنجازات المستهدفة.

فيتم التوصل لاختيار القائد الناجح عبر عدة مراحل يمر بها جميع المترشحين ليتم تصفيتهم باختيار الأنسب من بينهم وليس عشوائيا.

وهذا المراحل تشمل الآتي، ولا تقتصر عليه: مدى عمق إطلاعه بدقة على كل الإعاقات والتحديات والمشاكل التي تواجه الشركة وتؤثر على تفوق أدائها، وكيف ولماذا أخفقت سابقا؟ وما مجموعة الحلول التي يعتقد أنها الناجعة لإعادة انطلاق الشركة من جديد إلى آفاق جديدة من تحقيق النجاح وتراكم الأرباح؟ وما الأساليب التي سيستخدمها لتنفيذ مجموعة تلك الحلول المتفق عليها؟ وما الخطة “ب” في حالة تغيُر ظروف بيئة العمل فجأة دون مقدمات؟ لكي يعمل على اللجوء إليها ويستخدمها لإنقاذ الشركة ونقلها إلى مرحلة أخرى تتميز بالثبات لإعادة الانطلاق لمرحلة أخرى من التفوق والنجاح. وما الموارد المالية وتخصصات القوى البشرية المطلوبة وأنواع الخدمات اللوجستية التي سيحتاجها لتطبيق الحلول المتفق عليها؟

وعليه.. إنَّ الاختيار الصحيح لا يُترك للاجتهاد العفوي ولا إلى تجريب الحظ ولا إلى التنظير من دون عمل وخطوات محسوبة، فالشركة ليست حقل تجارب ولا يسمح الوقت بالاسترخاء ولا باستهلاك مواردها المالية ما بين رواتب متضخمة ولا حتى لجيش من الموظفين لا يحتاجهم العمل الفعلي، من دون تحقيق نتائج حقيقية فعلية هي كان مخطط لها وكانت مستهدفة.

هكذا ينجح المؤسسون في اختيار الأنسب لقيادة شركاتهم، لتحقيق الإنجازات التي تم الاتفاق عليها.

وهنا يُطرح سؤال علينا: كيف تتم المراقبة والمحاسبة للقائد؟

الموضوع بسيط جداً وليس معقداً، فالقائد يتم تعيينه لتحقيق النتائج والأهداف والأرباح الفعلية بعد خصم جميع أنواع المصروفات أليس كذلك؟ إذن.. إذا كان صافي الأرباح قد تحقق فإنَّ هذا القائد نجح في قيادة الشركة، وإذا تعدت الأرباح الرقم المطلوب فإنَّ ذلك إنجاز استثنائي له، حينها (فقط) يستحق التقدير والمكافأة أليس كذلك؟!

وبالتأكيد نجاحه لا يُقاس بأنه أعد خطة على الورق وعقد المؤتمرات الفخمة وصدح الإعلام مدحاً وثناءً عليه!!

وتتم المراقبة والمحاسبة الفعلية بمتابعة تراكم الأرباح والإنجازات وحل المشاكل والمعوقات، والتأكد أنه لا يراكم الخسائر، بشكل مستمر منتظم أسبوعيًا وليس حتى بعد شهر أو بعد 3 أو6 أو بعد سنة كاملة ثم يتم استلام التقرير النهائي ليكتشف بعدها أنَّه قائد قد حقق الأرباح أم راكم الخسائر.

إنَّ قياس أداء القائد كأرقام باستمرار وبانتظام سيمكن المؤسسين (الرئاسة) عندها من سرعة توجيه قائد الشركه إذا انحرفت النتائج من البداية ليمكن إعادة توجيهه فورا؛ فالأرباح أو الخسائر لا تتحقق في يوم وليلة وفجأة، بل هي تراكم لفترة عمل ناجحة أو فاشلة!

وما ذكرناه تقريب مبسط لأهمية وكيفية اختيار القائد المناسب سواء كان لشركة أو وزارة أو مجمعا أو مدينة أو محافظة.. إلخ.

المحور الثاني أبدأه بسؤال منطقي: إذا كانت لديك 40 شركة موزعة على قطاعات مختلفة، فلكي تحقق جميع تلك الشركات أهدافها الربحية، ماذا يتعين على المؤسسين فعله؟

إحدى الخطوات الأساسية لتعزيز الأرباح الاستمرار في اتخاذ إجراءات من شأنها أن تخفض من مختلف أنواع المصروفات الجارية المتكررة عند إدارة عمليات تلك الشركات، بالمقابل ترفع من جودة صرف واستخدام مواردها المالية والبشرية.. إلخ.

أليس هذا هو المنطق السليم؟ فهل حينها ستتخذ قرارا بأن يكون لكل شركة من شركاتك الـ40 مجلس إدارة مستقل منفصل لها، ويكون هذا المجلس هو (الحلقة الإضافية) الواصلة الوحيدة بينك كمؤسس أو رئيس للشركات وبين الإدارات التنفيذية لتلك الشركات العاملة بالموقع، كالمصنع والشركات الاستثمارية والخدمية والقابضة.. إلخ؟

على الرغم من أنك تعلم بأنّ تكلفة إيجاد هذه الحلقة الإدارية (تكلفة عالية جدا) ستؤثر في مستوى الأرباح لأنها ببساطة وبلا شك ستخفضها بقوة في علاقة مطردة تصاعدية!

كما إن مجلس الإدارة هذا سيكون فقط حلقة وصل ونقل لتوجيهاتك كصاحب ومؤسس للشركات إلى المدير الفعلي للشركة للعمل بها.

وهذا له أثره السلبي كالتالي: تأخر في إيصال الرسالة والتوجيهات، واختلاف في محتوى الرسالة عندما تنتقل من مستوى إلى آخر، وهذا طبيعي أن يحدث، ووجود تحكم فوقي بالتأكيد لن يوفر انسيابية للتعليمات بدقه للشركة، وإطالة المسافة الفاصلة الحيوية بين مديري تلك الشركات وموظفيها المعنيين كفريق عمل ملزم بتحقيق الأرباح معك أنت كصاحب أو مؤسس كل تلك الشركات.

والسلبيات أعلاه حتماً لن توفر البيئة المناسبة لتحقيق الإنجازات العالية المتفوقة المستهدفة.

والتتمة في الحلقة المقبلة..

(2-2)

وبعد استعراض السلبيات التي ذكرناها في الحلقة الأولى من هذا المقال، نظرا لوجود تلك الحلقة الفاصلة (المجالس الإدارية الـ40)، علينا أن نفكر الآن في الممارسات الأفضل كحل جذري لكيفية إدارة تلك الشركات لكي تحقق النتائج الأهداف المُعلنة.

وألخص هذه الحلول فيما يلي: إلغاء كل مجالس إدارات تلك الشركات الـ40 فوراً، وتعيين رئيس تنفيذي لكل شركة يكون مؤهلاً علمياً وصاحب خبرات في مجال الشركة ليديرها بكفاءة مستدامة. ويتم تحديد الأهداف والأرباح المطلوب منه تحقيقها بالأرقام بدقة. وكل رئيس تنفيذي يتواصل مع أصحاب ومؤسسي الشركات مباشرة من دون وجود حلقة مجلس إدارة ليشرف عليه يفصله عن المؤسسين.

ويكون الرئيس التنفيذي له “فريق تنفيذي” للعمليات بالشركة يتكون من مديري الأقسام والوحدات، ليتم توزيع المسؤوليات عليهم وتوزيع الأدوار بينهم، ومتابعة عمليات الإنتاج وحل الصعوبات التشغيلية اليومية في بيئة عمل الشركة بعلاقة تفاعلية مع جميع فريق عمله.

كما يقوم الرئيس التنفيذي للعمليات بالتواصل المباشر مع أصحاب الشركة أو مجلس المؤسيين (الأوحد الوحيد) لكل الشركات الـ40.

بهذا الأسلوب العملي في إدارة التواصل بين جميع أطراف الإنتاج الفعلي، وكذلك فإنَّ التوجيهات من مجلس المؤسسين (الوحيد) ستصل بسرعة ودقة من دون ضبابية إلى الرئيس التنفيذي مباشرة ومنه إلى فريق عمله الفعلي بالشركة، هنا سنرى أن الأداء قد ارتفع وتحققت الأرباح وبالمقابل انخفضت التكلفة الإدارية. وشركات الاستثمار الوطنية والصناديق السيادية والتقاعد أحرى وأجدر بأن تدار بهذه الروح العملية المنتجة.

المحور الثالث

هل ستضع كل طموحاتك وأهدافك في سلة واحدة لتتعرض إلى بيئة عمل متغيرة باستمرار كما هي طبيعة الحياة؟

بالتأكيد لا تريد أن تنكسر كل أحلامك دفعة واحدة إذا انزلقت السلة من يدك وهوت إلى الأرض من ارتفاع شاهق، لأنها جميعها حينها حتماً وبلا شك ستنكسر!!

إذن ما الحل؟ تحتل مشاريع الاكتفاء الذاتي أولوية قصوى لدى الحكومات الباحثة عن مشاريع تطوير نسب الاكتفاء الذاتي لديها، كالمشاريع الزراعية والمائية والسمكية التصنيع الغذائي لديها، لكي تتمكن من تلبية احتياجات السكان وتسد حاجات مختلف القطاعات في بلدانهم هذا أولاً ويليه في الأهمية تصدير المنتجات الفائضة عن سوق الوطن المحلية.

ومثلما نعلم أنَّ حياة الدول والشعوب تشوبها المطبات والانعطافات التاريخية الكثيرة، فهذه سنة الحياة، فعليه فإنَّ موضوع الاكتفاء الذاتي الزراعي والتصنيع الغذائي ليأخذ أولوية قصوى لديها ولا تسمح بالمساس به مهما كانت الظروف المحيطة والمؤثرة.

ولكي تتجنب المساس بمشاريعها للاكتفاء الغذائي تقوم بتوزيعه على أوسع نطاق جغرافيا ممكنة في أراضي كل الوطن، مستفيدة من التنوع المناخي لكل المحافظات.

لماذا؟! لأنه حين يتعطل حقل أومنشأة تصنيع غذائية ..إلخ تكون بقية الحقول الزراعية ومنشآت التصنيع الغذائي مستمرة عاملة منتجة بكفاءة للمحافظة على مستوى الحماية الغذائية لسكان هذه الدولة. فعليه لا ينصح وليس من المنطق أن تنشأ كل مشاريع الدواجن والبيض والغلات الزراعية والفواكه بتكلفة عالية بالملايين وكذلك لا تكون مركزة جغرافياً في محافظة واحدة! بل يتم توزيعها على كافة المحافظات حسب المناخ المناسب فيها، ويكون تقدير كلفتها المالية متوسطاً. حينها لن ينكسر كل ما في السلة من مشاريع الاكتفاء الذاتي الغذائي إذا وقع حادث على الوطن!!

ومن أهم إيجابيات التوزيع الجغرافي لمشاريع الاكتفاء الذاتي، الآتي:

توفير أعمال مستمرة متجددة لشباب تلك المحافظات والمدن، وتخفيض وتقليل حجم هجرة الشباب من المدن إلى العاصمة بحثاً عن أعمال، وتحريك الحركة التجارية المرتبطة المساعدة وغير المرتبطة بمنطقة المشاريع، وتحفيز وتطوير روح المنافسة الصحية بين المشاريع، وإيجاد انتماء استهلاكي عالي المستوى لدى السكان للمنتجات التي صنعت وزرعت بمناطقهم

المحور الرابع: ما أبرز المواضيع أو النقاط التي يجب الأخذ بها عند تأسيس أي شركة؟

بلا شك ستكون هناك نقاط مهمة، ولكنني سأسلط الضوء على نقطتين رئيسيتين باختصار شديد وهما: دراسة الجدوى، وسلم الرواتب والحوافز. فدراسة الجدوى تعطي رؤية تفصيلية عن كفاءة المشروع وقدراته لتحقيق الأرباح والفرص المتاحة والمخاطر المحيطة بالمشروع وكذلك جوانب الضعف المحيطة به. ويتم تقدير كل تلك الجوانب مع وضع عدة تصورات وسيناريوهات محتملة لترسم خريطة طريق واضحة يهتدي بها المؤسسون قبل الشروع في تنفيذ المشروع بالواقع. ويراعى عند وضع تلك التصورات، أن يكون أحدها يمثل أسوأ احتمال يُمكن أن يحدث، لكي يتعرف عليه المؤسسون فيتفادونه كواجب مقدس.

ومن أهم تفاصيل ذلك السيناريو الأسوأ الذي يجب تفاديه هو سلم الرواتب والمكآفات والتحفيز. فيتم فقط تحديده بالدراسة بمضاعفته عن ما معمول به بالسوق، لكي يتم رؤية والتعرف على أثره السيئ القاتل السلبي على الأرباح النهائية للشركة، بالمقابل لا يتم الالتزام به أبدًا.

وما سلم الرواتب والحوافز الأمثل للتطبيق العملي؟ منطقياً؛ تقوم الشركة الذكية بتبني سلم رواتب يكون أقل مما يدفع فعليًا بالسوق مع توضيح دقيق لبند المكآفات والحوافز مرتبطا ومشروطا بتحقيق ربح مالي نهائي لمستوى (أكثر من جيد)، مستوى ربح محدد بالأرقام. وهذا التصرف المنطقي سوف يحفز كل أفراد فريق العمل إلى المثابرة والكفاح اليومي لتقليل كل النفقات الجارية وزيادة الإنتاج بجودة عالية، مع تلافي كل أشكال التلف والهدر لكي يتم الوصول إلى أرقام الربح المطلوب بجدارة. أما أن يتم إنشاء شركات منذ اليوم الأول بسلم لرواتب خيالية ومميزات إضافية فإنها تقتل روح الإبداع لدى كل الفريق، وتوجد نوعاً من الاسترخاء والوهن بالأداء وضعف الهمم، فالمستلم آخر الشهر لهو حقا رائع وسقفه جدًا عالٍ.

إن الأوطان والدول ترى شركاتها وصناديقها السيادية والاستثمارية الحصان الأسود الجامح المنطلق لتحقيق الأرباح، فيتم تعليق كل أنواع الآمال الطموحة على الحصان الجامح. وفي المقابل، فإنَّ عدم الأخذ بذلك المبدأ (سلم الرواتب المنضبط نظام الحوافز المشجع) يعني أن كل تلك الشركات مصيرها تحقيق وتسجيل الخسارة تلو الخسارة من دون توقف عاماً بعد عام، ويا حكومة تكرمي تفضلي ادعمينا واشطبي الخسائر.