محمد بن رضا اللواتي – الرؤية
بعد صدور المرسوم السُّلطاني القاضي بتعديل مُسمى وزارة الإسكان إلى وزارة الإسكان والتخطيط العُمراني، ماذا لو قامت هذه الوزارة المُوقرة بتدشين هوية جديدة لها لأجل كسب سُمعة مختلفة عمَّا كانت عليه في عهودها السابقة؟
هذا المُقترح يأتي من باب أهمية تحسين الصورة والسُمعة معًا، إذ لا يشك أحد أنَّه وفي العقود الثلاثة الفائتة، ما كان المواطن يعرف في أية حقبة سيستلم قطعة أرض من هذه الوزارة المُوقرة كما وما كان يعلم إن كان هو، أو ورثته، هم من سيستلمون!
هل لنا أن نتخيل أنَّه وفي عام 2008 صدر مرسوم سلطاني بتمليك المرأة العُمانية قطعة أرض، ولكن وإلى يومنا هذا، ظلت نسوة عُمانيات عديدات جدًا، يحتفظن بوصولات مترهلة تثبت تقديمهن الطلب، وبعض تلك الوصولات عليها أشرطة لاصقة لحماية ما تبقى منها من التمزق؟!
عندما يتم إهمال وعدم مُراعاة عامل الزمن في تقديم خدمات جوهرية من قبيل قطعة أرض، فإنَّ المواطن يخسر ثلاثة من أركان التنمية المستدامة، وهي:
عنصر الاستقرار المكاني: إذ يظل متنقلاً من شقة إلى أخرى، ومن منطقة إلى أخرى، في ظل عدم امتلاكه لمنزله الخاص به، لعدم امتلاكه قطعة أرض يبني عليها مسكنه الذي هو حق مشروع له.
عنصر الاستقرار النفسي: ألا يستبد القلق بمواطن كان قد قدَّم طلب الحصول على قطعة أرض وهو في عقده الثاني، وها هو اليوم على وشك أن يتجاوز عقده الخامس دون أن يحصل عليها؟
عنصر الاستقرار المالي: هو ذا المواطن، ظل يدفع إيجار شقته لأكثر من 3 عقود، أما كان الأجدر أن يدفعها لقرض إسكاني ينتهي بامتلاكه هو وعياله منزلاً لهم؟ وهل سيتمكن من الحصول على قرض في العمر الذي يشتعل فيه الرأس شيباً؟
هذه الأرض الكريمة كانت دائماً، وستظل أبداً، حبلى بالخيرات، تستطيع بكل سهولة ويُسر أن تأوي المواطن، إلا أنَّ النظام المُعد لهذا الغرض لم يراعِ عامل الزمن في التنمية المستدامة.
وهاهو المرسوم السلطاني رقم 93 / 2020 يرمي بالاسم القديم لهذه الوزارة الموقرة في غياهب التاريخ، ويمنحها اسماً جديدا يليق بتطلعات العمانيين كما رسموها لرؤية عمان 2040، إنه وقت مناسب للغاية أن يرافق هذا التغيير في الاسم، تغييرا في الهوية، يعمل على تدشين صورة جديدة لها تعمل على إزاحة الصورة السابقة عن الأذهان.
تستند الاستراتيجيات في هذا المجال – استراتيجيات تغيير هوية وسُمعة – أولاً وقبل أي شيء آخر، على إيجاد تغييرات حقيقية في الداخل – لاسيما في المناطق – إذ إنَّ العنصر الفاعل في هذا المضمار هو تحقيق النجاح على مستوى إدارة التغيير في الداخل، من خلال برنامج تأهيل الكوادر الوظيفية وفق فهم جديد حول الأهداف المرجو تحقيقها من خلال حزمة الخدمات التي يتم تقديمها، مروراً بتدريب عملي حول كيفية تلقي الطلبات، والتعامل معها، انتهاء إلى تقديم الخدمة، يُراعى في ذلك عامل الزمن بشكل خاص ضمن حزمة إجراءات إدارة الجودة.
العنصر الهام الآخر في استراتيجيات بناء الهوية وتغيير السُّمعة هو الوفاء بالالتزامات. لا تخلو وزارة غايتها خدمة المواطن من التزامات تجاهه، فما هي التزامات وزارة الإسكان والتخطيط العمراني بالنسبة إلى المواطن العماني؟ وما هو الزمن المقدر للوفاء بهذه الالتزامات؟ ماذا بشأن التزامها تجاه النسوة العمانيات اللاتي تقدمن بطلبهن عام 2008 وظللن إلى اليوم بلا قطعة أرض؟ هذه الطلبات ألم يحن الأوان لإتمامها؟ سوف تظل هذه الأسئلة عالقة وستعمل على عرقلة أي استراتيجية تغيير هوية حقيقية ما لم يتم تقديم أجوبة مُقنعة عنها.
أما العنصر الثالث لهكذا استراتيجيات فهو الشفافية. ما سمعنا أن صدر عن القسم الإعلامي للوزارة الموقرة بيان يذكر عدد الطلبات التي تصل الوزارة لأجل الحصول على أرض خلال سنة، وكم منها يتم إنجازه، ولماذا تم عدم الوفاء بالباقي، وما الخُطة التي اعتمدتها الوزارة الموقرة في إنهاء بقية الطلبات.
يبدو أنَّ وزارة الإسكان والتخطيط العمراني في عهدها المتجدد، فعلاً في حاجة إلى نصيب الأسد من استراتيجيات بناء الهوية وتشييد السمعة، لكي تواكب حركة تغيير اتجاه الدفة بنجاح نحو شطآن رؤية عُمان 2040.
[email protected]