استطلاع- شمسة الريامية – عُمان
أبدى خبراء اقتصاديون تفاؤلهم بتحقيق الأسواق المالية العالمية أداء جيدا في 2021 وذلك نظرا لانحسار جائحة كورونا تدريجيا مع ظهور اللقاحات، وعودة الحياة والقطاعات الاقتصادية إلى مواصلة أعمالها بوتيرة أسرع، فضلا عن إطلاق مجموعة من الدول المختلفة التحفيزات الاقتصادية وتبني السياسات النقدية، ودعم البنوك المركزية.
وقالوا في استطلاع لـ ” عمان” إن الأسواق المالية للدول الناشئة مثل أسواق الهند وبنجلاديش، والفلبين ستحقق أرباحا جيدة مقارنة مع الأسواق الأخرى، إذ تعمل هذه الأسواق بوتيرة سريعة. بينما ستحقق الأسواق المالية في المنطقة نموا معتدلا، وسيظهر تحسن تدريجي في العمليات المصرفية، ولكن لن تحقق الشركات أرباحا مرتفعة نظرا لأن بعض الدول لا زالت تعاني من ركود عقاري.
وأوضحوا أن سوق مسقط للأوراق المالية سيحقق عائدا جيدا في 2021 مدفوعا بحزمة من الإصلاحات الاقتصادية وخطة التوازن المالي، مشيرين إلى أن السوق سينتعش في النصف الثاني من العام بقيادة القطاع المصرفي.
وأكد أيمن بن أحمد الشنفري، مدير عام الجمعية العمانية للأوراق المالية على أن 2020 كان عاما صعباً جدا ومليئا بالتحديات لكافة القطاعات على مختلف المستويات والأصعدة في القطاعين الحكومي والخاص في السلطنة، وهذا ينطبق على أغلب دول العالم في ظل التطورات المتسارعة الناتجة عن تداعيات فيروس كورونا، إضافة إلى تراجع أسعار النفط التي أثرت بشكل سلبي على أداء البورصات والأسواق العربية والأجنبية، و أداء سوق مسقط للأوراق المالية، وعلى نتائج غالبية الشركات. مشيرا إلى وجود تذبذبات كبيرة في أسعار الشركات المدرجة في البورصات الأمريكية والأوروبية.
وقال الشنفري إن آثار وتداعيات السنة الماضية سوف تستمر في 2021 ولكن بوتيرة مختلفة تتجه نحو التحسن بالمقارنة مع العام المنتهي 2020 ، وذلك إذا ما افترضنا عدم قدوم موجة أخرى لفيروس كورونا التي من الممكن أن تزيد من خسائر الاقتصادات أكثر مما هي عليه في العام السابق.
وأضاف: إن هناك توقعات بانحسار جائحة كورونا وتأثيراتها، إذ لاحظنا وجود تحسن ملحوظ في أسعار النفط على مستوى العالم واستقراره عند مستوى 50 دولارا.
وأوضح الشنفري أن ظهور لقاحات مختلفة ضد فيروس كورونا، وانفتاح الحركة التجارية من جديد حول العالم في ظل السماح بعودة حركة التنقلات الجوية والبرية والبحرية في كافة دول العالم فإنه من المرجح أن تتحسن الاقتصادات في مختلف الدول، الأمر الذي ينعكس إيجابا على البورصات العالمية بشكل عام، وقد لن نصل إلى مستوى ما قبل فترة كورونا بشكل سريع، ولكن من الممكن ظهور تحسن جيد سينعكس على كافة الأسواق وخصوصا الأسواق الناشئة ومن ضمنها سوق مسقط للأوراق المالية، فضلا عن أن السلطنة اتخذت العديد من الإجراءات وسلسلة من القرارات من شأن جزء منها أن تظهر أثاره في عام 2021 باتجاه نمو تدريجي للخمس سنوات المقبلة .
وأكد الشنفري أن 2021 هو بداية التحسن والنمو وتقليص الخسائر وصولا للأرباح في سوق مسقط للأوراق المالية، وكافة الأسواق المالية الأخرى، خاصة أن سوق مسقط مقبل على خصخصة قريبا من خلال التحول إلى شركة مساهمة تحت إدارة جهاز عمان للاستثمار، الأمر الذي يدفع باتجاه الأهداف والأولويات وتحقيق الربحية كمثل بقية الأسواق المشابهة، والعمل نحو التغير إلى نظام يواكب التحديات بسلاسة أكبر عن السابق. مشيرا إلى أن هذه التغييرات التي ستطرأ عليه ستنعكس على حركة الأسعار للشركات المدرجة في ظل وجود أنظمة فنية جديدة إضافة إلى وجود توقعات بتحسن الظروف الاقتصادية العامة للسلطنة التي يمكن حدوثها خلال الفترة المقبلة.
السياسات التحفيزية
وتوقع حسن بن أحمد اللواتي، الرئيس التنفيذي لشركة الآفاق لأسواق المال أن يكون عام 2021 عاما جيدا بالنسبة للأسواق المالية العالمية، إذ أن الأسواق المالية بشكل عام تحقق عائدات قوية بعد مرور الأزمات المالية والاقتصادية، باعتبار أن المستثمرين لا ينجذبون إلى الاستثمار في فترات مرحلة عدم اليقين، أي التي تشهد فيها الأسواق أداء ضعيفا.
وقال اللواتي: إن هناك توقعات بتحقيق سوق مسقط للأوراق المالية أداء إيجابيا وذلك بعد عودة الاقتصاد إلى وضعه الطبيعي، واستئناف القطاعات الاقتصادية المختلفة مرة أخرى أعمالها وخاصة قطاع الطيران والسياحة. كما أن الاصطلاحات الاقتصادية التي أطلقتها حكومة السلطنة مؤخرا مثل برنامج التوازن المالي الذي يهدف إلى تحقيق التوازن بين الإيرادات والإنفاق سيؤثر بشكل إيجابي على أداء سوق مسقط.
وأوضح اللواتي أن سوق مسقط سينتعش في النصف الثاني من العام بقيادة القطاع المصرفي، إذ ستعود البنوك إلى تحقيق معدلات النمو في الإيرادات والأصول. كما أن القطاعات الأخرى مثل القطاع الصناعي والخدمي والمالي ستشهد تحسنا في النمو وذلك يعتمد على أداء الشركات.
وأشار اللواتي إن الأسواق المالية في المنطقة ستحقق نموا معتدلا، وتحسن تدريجي في العمليات المصرفية، ولكن لن تحقق الشركات أرباحا مرتفعة نظرا لأن بعض الدول تعاني من ركود عقاري. أما الأسواق العالمية تمتلك البيئة الاستثمارية الملائمة لتحقيق أرباحا جيدة في 2021 نتيجة انخفاض أسعار الفائدة، وعودة القطاعات الاقتصادية والتجارية إلى متابعة أعمالها، إضافة إلى دعم البنوك المركزية والسياسات التحفيزية النقدية التي أطلقتها الدول الكبرى، ولكنها قد تشهد تقلبات حادة نظرا إلى السعر المرتفع للشركات القيادية حول العالم. مشيرا إلى أن بقاء أسعار النفط عند مستويات ال50 دولارا والطلب التدريجي له لن تؤثر على أسواق المال.
الأسواق الناشئة
وأكد لؤي بطاينه، محلل اقتصادي أن أداء الأسواق المالية العالمية ستحقق أداء جيدا في 2021 وذلك نظرا لانحسار الوباء بعد إطلاق العديد من الدول حملات التطعيم ضد فيروس كورونا، وعودة القطاعات الاقتصادية إلى ممارسة أنشطتها، فضلا عن خطط التعافي والتحفيزات الاقتصادية التي أعلنتها بعض الدول الكبرى. مشيرا إلى الأسواق المالية بالنسبة للدول الناشئة مثل أسواق الهند وبنجلاديش، والفلبين ستحقق أرباحا جيدة، إذ تتمتع هذه الأسواق بالعمل بوتيرة أكثر وأسرع من الأسواق الأخرى.
أما بالنسبة لأسواق دول الخليج، أوضح بطاينه أن أدائها في 2020 تأثر بتداعيات جائحة كورونا، فضلا عن العجز المتراكم في موازنتها المالية نتيجة انخفاض أسعار النفط. مشيرا إلى أن سوق مسقط للأوراق المالية سيتأثر أدائه بثلاثة عوامل في العام الجاري، أولها إعلان الموازنة المالية العامة للدولة وما تحملها من تفاصيل جديدة، وطرق الإنفاق وغيرها. أما العامل الثاني هو أداء الشركات المدرجة بالسوق في 2020 وذلك من خلال إعلانها البيانات المالية المدققة، وطريقة توزيع هذه الشركات أرباحها وخاصة قطاع البنوك والتأمين، إضافة إلى قدرة هذه الشركات على العودة إلى عملياتها والتعافي من آثار الجائحة وخاصة تلك التي ستتأثر بإعادة توجيه الدعم للكهرباء والماء. بينما العامل الثالث المؤثر على أداء سوق مسقط هو مدى التزام حكومة السلطنة بتنفيذ خطة التوازن المالي الذي سيقود الاقتصاد الوطني إلى بر الأمان.
وقال بطاينه إن أداء الأسواق المالية يعتمد على مرونة القطاعات الاقتصادية وعودتها إلى عملياتها، مؤكدا على أن التحدي الأكبر يكمن في قطاع البنوك لارتفاع نسب التغطية والمحافظة على السيولة، وإدارة الودائع في ظل منافسة شديدة ليس فقط على مستوى السلطنة، بل إقليميا نظرا لارتفاع كلفة التمويل والعائد على السندات الحكومية التي تعتبر نسبة المخاطرة شبه معدومة مقارنة بأسعار الفائدة على الودائع.
الإصلاحات الاقتصادية
قال محمد أنور خميس اللواتي، مدير استثمار وخبير اقتصادي إن أسواق المال العالمية تستقبل عام 2021 بتفاؤل حذر، إذ أن هناك توقعات بأن يكون هذا العام بداية التعافي العالمي من تأثيرات جائحة كورونا، والعودة التدريجية للأنشطة الاقتصادية مع بدء توزيع اللقاح. أما سرعة التعافي فهي مرهونة على حجم الأضرار التي لا تزال تسببها الجائحة على الأنشطة الاقتصادية التي نتج عنها إفلاس بعض الشركات، وفقدان الكثيرين لوظائفهم. مشيرا إلى أن أسعار الفائدة ستبقى منخفضة ولكن النمو المتوقع في اقتصاديات الأسواق الناشئة ستكون محفزًا ودافعًا للنمو العالمي.
وأضاف: إن الأسواق العالمية ستتأثر بلا شك بسياسات الرئيس الأمريكي المنتخب بايدن، الذي سينهي الحروب التجارية التي بدأها ترامب، إضافة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وعلى أي توترات جيوسياسية قد تؤثر في المنطقة.
وأوضح اللواتي أن بعض القطاعات ستكون فترة تعافيها أطول كالقطاع السياحي، بينما قطاعات أخرى ستكون أسرع كقطاع الغذاء والصناعة. وبشكل عام ستكون الشركات الأكثر مرونة واستجابة للمتغيرات هي الأسرع تعافيًا، ولكن يعتمد ذلك كله على قدرة وكفاءة الإدارات التنفيذية في الشركات نفسها، إضافة إلى التوجهات الرقمية والتكنولوجية والاستدامة في عملها.
أما بالنسبة للسلطنة، أشار اللواتي إن الحكومة وضعت حزمة من الإصلاحات الاقتصادية لمعالجة الوضع المالي وذلك تعزيز التصنيف الائتماني للسلطنة، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، وتحسين بيئة الأعمال. إضافة التركيز على تعزيز الشفافية، والعدالة، والمساءلة، والتمثيل الشعبي موضحا أن تطبيق القيمة المضافة ستؤثر سلبا على النشاط الاقتصادي، إلا إن نجاح الإصلاحات الاقتصادية كفيلة بمعالجة بعض التأثيرات الناتجة الأمر الذي ينعكس إيجابا على أداء سوق مسقط للأوراق المالية.