حيدر اللواتي – لوسيل
تتجدد قضايا أصحاب الاحتياجات الخاصة (المعاقين) في ضوء تزايد أعدادهم في الوطن العربي نتيجة للاعاقات الخلقية وتلك التي تحصل لهم نتيجة للحروب والنزاعات والعنف الأسري. فهناك اليوم 40 مليون شخص مصاب بنوع من أشكال الإعاقة في الوطن العربي، ونصفهم من الأطفال والمراهقين، في الوقت الذي نجد فيه أن مليار شخص في العالم هم من ذوي الاعاقة، في حين تقدّر بيانات صندوق الأمم المتحدة للسكان تعداد سكان في الوطن العربي بنحو 377 مليون نسمة من إجمالي التعداد العالمي البالغ 7.7 مليار نسمة.
ونظرا إلى الأسباب التي تم ذكرها مسبقا، فان أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة تتضاعف عاما بعد عام. وعندما يحين موعد عملهم تجد أن بعض المجتمعات في الوطن العربي تخلق تمييزا وتهميشا ضدهم في مجالات العمل لدى المؤسسات والشركات والاعمال الحكومية أيضا. ومن هذا المنطلق يعمل القائمون في الأمم المتحدة على تعزيز حقوق هؤلاء الأشخاص بجانب تخصيص يوم 3 ديسمبر من كل عام يوماً لذوي الاعاقة، حيث توصي المنظمات الدولية بضرورة إدماجهم في العمل باعتباره حق أساسي من حقوق الانسان.
بعض الحكومات في العالم تخصص جزءاً من المرتبات لهم، وتعمل على إدماجهم في الاعمال المتاحة التي يستطيعون القيام بها، إلا أن الأمر يختلف في الوطن العربي، حيث إن الكثيرين منهم أصبحوا عالة على أسرهم التي تعاني معظمها من مشاكل اقتصادية واجتماعية، وأن نسبة البطالة لدى المعوقين تزيد عن 60% وفق بعض البيانات العربية. فبعض الحكومات العربية تفرض قوانين بضرورة إدماج ما نسبته 5% من ذوي الاعاقة في سوق العمل، إلا أنه على أرض الواقع فان الكثير منهم ينتظروا سنوات دون الحصول على الأعمال في محيط يعاني منه الاصحاء في الحصول على الاعمال في تلك الاسواق، الأمر الذي يؤدي إلى قيام الأسر بتحمل تكاليف هؤلاء الاشخاص المعاقين بصورة أو بأخرى. كما يفتقد هؤلاء الاشخاص الحصول على التسهيلات كما هو معتاد في الدول الغربية من حيث مجانية وسائل المواصلات والمواقف الخاصة، والدخول إلى بعض الاماكن كالحدائق والمنتزهات بصورة مجانية. ورغم هذا التمايز، فان بعض المعوقين في الوطن العربي تمكنوا من أن يصبحوا أعضاء فاعلين ومتميزين في عملية الانتاج والادارة، وتمكنوا من الحصول على شهادة عليا من الجامعات بجانب تغلبهم على الاعاقات التي يعانون منها.
اليوم هناك العديد من المؤتمرات والندوات التي يديرها المعوقون في العالم من أجل مواجهة التحديات الماثلة أمامهم، وقد دخلت بعض المؤسسات العربية في هذا المعترك من أجل تعزيز رفاهيتهم وإدماجهم في سوق العمل، الأمر الذي يسلطّ مزيداً من الضوء على هذه القضايا الاجتماعية، ويرفع من مستوى وعي الجماهير حول كيفية إدماجهم في الأعمال المتاحة.
إن توفير الاعمال لذوي الاحتياجات الخاصة أصبحت اليوم مسؤولية الحكومات والمجتمعات المتخصصة والمجتمع المدني، والتي تتطلب ضرورة توزيع هذه الفئات في مختلف الأعمال، وألا يُفرط في حقهم من حيث الأجور والرواتب الشهرية ضمن القوانين واستراتيجية المؤسسات في عملية التوظيف، بالاضافة إلى توفير الظروف في مكان العمل ليتمكن المعاق من إداء واجبه بكل كفاءة، وإعطاء الفرص لأصحاب المواهب في تقديم الاقتراحات والحلول في محيط العمل.