حيدر بن عبدالرضا اللواتي – الرؤية
رغم توافر العديد من الوسائل الحديثة لعمليات الدفع الإلكتروني للبنوك العاملة في السلطنة وخارجها، إلا أنَّ ورقة الشيك ما زال لها دور كبير في المُعاملات التجارية اليومية، خاصة في قضايا شراء الكماليات أو لإيجار العقارات أو شراء السيارات أو في مُعاملات مالية وتجارية أخرى. فالشيك يُعتبر سنداً مكتوباً ومُؤرخاً من قبل شخص لآخر لدفع مبلغ معين من المال. ويتم بموجب هذه العملية سحب المال من الحساب المصرفي لشخص مُعين إلى حساب شخص آخر أو الحصول على النقد فور تقديمه للمصرف. كما تعتبر الشيكات وسيلة آمنة لتحويل الأموال دون الحاجة إلى تبادل فعلي للنقود، وخاصة في حال المبالغ المالية الضخمة.
الإحصاءات الصادرة عن البنك المركزي العماني في النشرة الفصلية للنصف الأول من العام الحالي 2020 تشير إلى أنَّ قيمة عمليات مقاصة الشيكات المصدرة خلال الشهور الثلاثة (إبريل، مايو ويونيو 2020) بلغت 11.289 مليون ريال عُماني مقابل 4.116 مليون ريال عماني خلال نفس الفترة من عام 2019 بنسبة زيادة قدرها 174%، حيث كان شهر يونيو من العام الحالي استثنائياً، حيث بلغت قيمة مقاصة الشيكات نحو 9.713 مليون ريال عُماني مقابل 819 ألف ريال عُماني في شهر إبريل و657 ألف ريال عماني في شهر مايو 2020. أما من حيث مجموع عدد الشيكات الصادرة في الأشهر الثلاثة (إبريل ومايو ويونيو 2020) فقد بلغ مجموعها 834627 شيكاً مقابل 1613269 شيكاً تمَّ إصدارها خلال نفس الفترة من العام 2019 بنسبة تراجع قدرها 48%.
وبلغ متوسط قيمة العملية الواحدة للشيك في شهر إبريل عام 2020 نحو 2950 ريالاً مقابل 4669 ريالا خلال نفس الشهر من العام الماضي. أما في شهر مايو 2020 فقد بلغ متوسط قيمة العملية الواحدة 3062 ريالا مقابل 3208 ريالات في مايو 2019، بينما بلغ مُتوسط القيمة العملية للشيك في شهر يونيو 2020 نحو 2838 ريالا مقابل 3120 ريالا في يونيو 2019.
ومن أجل التقليل من استخدام الشيكات خلال الأشهر الماضية بسبب استمرار الجائحة كوفيد-19، فقد اتخذ البنك المركزي العُماني عدة إجراءات لدعم عمليات التحويل الإلكتروني وقرر إلغاء الرسوم التي كانت تفرض من قبل البنوك التجارية عند تحويل مبلغ معين من حساب بنك إلى بنك آخر بمقدار ريال أو ريالين بطريقة إلكترونية، الأمر الذي ساعد على خفض عدد عمليات إصدار الشيكات، والتوجه نحو التحويل الإلكتروني للكثير من المعاملات التجارية، ناهيك عن انتعاش عمليات البيع للمواد والمنتجات اللازمة والأغذية الضرورية والطلب من المطاعم عبر الاتصالات المرئية. ورغم ذلك، فإنَّ الشيك يبقى له أهميته في العمل التجاري والمصرفي، فيما يتوقع البعض أن يكون عدد الشركات المرتجعة قد زاد أيضًا خلال الأشهر الماضية وحتى اليوم نتيجة للصعوبات والمشاكل التي نجمت عن إقفال المؤسسات الاقتصادية والتجارية بسبب الجائحة الذي أدى إلى تراجع المدخلات والإيرادات المالية لهذه المؤسسات شهريًا، بحيث اضطر البعض إلى ترحيل عمالته الوافدة من البلاد، وتسريح بعض المواطنين من أعمالهم. ويرى البعض أنَّ العمالة الوافدة ممن سبق لبعض أفرادها إصدار الشيكات عن استئجارهم الشقق والفلل وشراء السيارات قد غادوا البلاد دون تسوية أوضاع الشيكات التي أصدروها، وربما تكون المغادرة من غير رجعة، الأمر الذي سيُؤدي بلا شك إلى زيادة عدد الشيكات المرتجعة خلال الأشهر المُقبلة، كما هو الحال في العديد من دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
ومن المتوقع أن تستمر تأثيرات الجائحة السلبية على بعض التجار وأصحاب المؤسسات نتيجة لعدم تمكنهم من مُقابلة الالتزامات المالية التي نجمت عن الإغلاقات السابقة التي كانت ضرورية في وقتها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن يتبّين اليوم أنَّه أصبح من الضرورة اتخاذ الإجراءات الوقائية مع الوباء مع إعطاء فسحة أكبر للمؤسسات التجارية بمواصلة اعمالها التجارية بصورة لا تُؤدي الى تحميل أعباء أكبر عليهم خاصة من أصحاب المؤسسات الصغيرة، وتقديم التسهيلات وإعطائهم مزيداً من الوقت ليتمكنوا من دفع التزاماتهم المالية وخاصة الشيكات المؤجلة عليهم للأطراف الأخرى.
ومن الطبيعي أن تزيد قضايا الشيكات المُرتجعة في المحاكم نتيجة للأحوال السيئة للمؤسسات التجارية بسبب الجائحة، الأمر الذي يتطلب التعامل معها بصورة لا تُؤدي لتضرر أصحابها في الوقت الحاضر، وإنما إعطاؤهم فرصة لتسوية أوضاعهم وأحوالهم التجارية والاجتماعية أولاً. فالحظر المصرفي على أصحاب الشيكات المُرتجعة للمؤسسات الصغيرة في هذه الأحوال سيُؤدي إلى أضرار أخرى لأصحابها في أمور أخرى لاحقاً، وهذا ما يجب تدراكه في الوقت الحالي.