د.طاهرة اللواتية – عُمان
[email protected] –
استبشرنا بإنشاء المركز الوطني للإحصاء، لكن عندما نلجأ إلى موقع المركز نلاحظ نقص إحصاءات مهمة، وتأخر وضع بعضها لعام وعامين وأكثر، ولدى السؤال منهم يأتينا الجواب بأنها حجبت أو تتأخر من المصدر. فإذا كان المصدر لا يوافي المركز بالأرقام أولا بأول فما قيمة دوائر الإحصاء في الوزارات والوحدات؟ وأين أصبحت من الشفافية. وما أكثر الضرر الذي يقع على المركز كونه واجهة الأرقام والإحصاءات للبلد.
أن رؤية ٢٠٤٠ تعتمد بدرجة كبيرة جدًا على الحوكمة للواقع، والاستشراف والتنبؤ المستقبلي، لذا تبقى الأرقام المحدثة والدقيقة هي عصب الحوكمة وثم الاستشراف والتنبؤ العلمي للتخطيط للمستقبل.
من خلال واقع الأرقام لم ألق قضية تتفاوت فيها الأرقام مثل الباحثين عن عمل والمسرحين، والتفاوت ليس في ألف أو ألفين، إنما عشرات الآلاف. وهو ما يحير كثيرًا، أن يحصل ذلك في قضية مثل قضية الباحثين والمسرحين، حيث تتفاوت الأرقام رغم إنها قضية مهمة جدًا وفي حاجة إلى وضع اليد على حقيقتها بصورة شاملة، كي يتسنى اتخاذ الإجراءات، ووضع الخطط العاجلة وغير العاجلة لعلاجها، واستشراف المستقبل حولها، وسد باب الذرائع.
وبسبب تفاوت الأرقام نلاحظ كثرة حديث التهوين لقضية الباحثين عن عمل، فالبعض يقول إنهم بضعة الآف وأغلبهم نساء لهن أسر مقتدرة فلا ضرورة لأن يعملن، والبعض يقول إنهم نتاج الدوران الوظيفي في القطاع الخاص بسبب عدم التزامهم وجديتهم، والبعض يقول إنهم مجموعات تترفع عن العمل الجاد وتريد فقط الجلوس في المكاتب المكيفة، والبعض يقول إنها ليست قضية أصلا حتى نسلط عليها الضوء، والبعض يقول إن الجادين منهم يعملون وغير الجادين هم الباقون، والبعض يقول إنهم خريجو تخصصات لا يحتاجها سوق العمل. وتطول قائمة التهوين من القضية، وهو يقود لا شعوريًا إلى التوهين منها، والتقليل من شأنها وجديتها، وبين هذا وذلك نظن إننا نملك الوقت الكافي لمعالجة الأمر بهدوء. إن الأرقام الحقيقية والدقيقة حول الباحثين والمسرحين ومدى حاجتهم المادية سواء أكانوا رجالًا أو نساءً غير وافية ومجزأة أو مفقودة، فيقود ذلك إلى حلول مجزأة وغير متكاملة فيما بينها، مما ينتج مشاكل وذيولًا من المشاكل قد تضرب عميقًا.
إن المخطط في وحدة ما إذا دخل في دهليز تضارب الأرقام وعدم دقتها، وثم في دهليز التهوين والتوهين؛ فان ذلك لا شك له تأثيره الكبير على التخطيط الكلي للواقع الحقيقي، وإيجاد الحلول الجذرية لإنهاء المشكلة وذيولها الاقتصادية والاجتماعية، وثم الاستشراف والتنبؤ والتخطيط للمستقبل بدقة.