صادق بن حسن اللواتي – الموقع الرسمي للكاتب
لم تكن العلاقة بين الشرق والغرب علاقة إيجابية تروق للطرفين ، وعندما يتحدث الغرب عن الشرق فهو يتحدث عن الإسلام ولا يعرف عن أي مدرسة إسلامية يتحدث وأي إسلام يقصده ، والإسلام من حيث المفهوم والممارسة ليس وحدة متجانسة كما يتصوره البعض
لأن هناك (إسلام سني وإسلام شيعي وإسلام سياسي وإسلام عقدي وإسلام تقدمي وإسلام سلفي وإسلام مدرسي وإسلام عرفي).
وإذا أراد الغرب أن يتحدث عن المسيحية فإنه أيضا لا يعرف عن أي مدرسة مسيحية يتحدث وأي مسيحية يقصدها ، والمسيحية أيضا من حيث المفهوم والممارسة ليست وحدة متجانسة
هناك (مسيحية كاثولوكية ، وبروتستانية ، وكاثولوكية شرقية ، وكاثولوكية غربية ، ولا ثالوثية ، وأرثوذكسية ، واللوثرية ، والمارونية).
وكلا القطبين الشرق والغرب يقفان على مسافة بعيدة عن الآخر، فنظرة الغرب تجاه الشرق نظره عدائية فهو يعتبرالشرق هو (الإسلام) وهو عدو له ، منذ ظهورخاتم النبيين (ص) وإعلانه عن رسالته السماوية العالمية ، وتحديد كتاب الله كمرجعية محورية للمسلمين ، تجاوز بذلك حدود دعوة عيسى المسيح (ع) والتي كانت لبني إسرائيل فقط.
فأصبح (ص) الشخصية التي ولدت في العالم القديم ولكن رسالته هي للعالم الحديث إيذانا بميلاد العقل الرسالي والمعرفي وهذا الذي جعل الغرب لا يقبل بالإسلام كدين سماوي بعد المسيحية ولا يمكن الإعتراف بمحمد (ص) كنبي الخاتم بعد عيسى (ع).
لأن ذلك سيلغي الإعتقاد بفكرة عودة عيسى (ع) إلى الدنيا في آخرالزمان كملك يحكم العالم وعلى هذا الأساس بقي الحوار بين الإسلام والمسيحية ليس حوارا بين الأديان بل حوار بين الثقافات وهو الأمر الذي دفع الغرب بوضع عراقيل في طريق الحوار بين الأديان.
ورفع سقف الخوف من الإسلام إلى درجة أنه قام بالإبادة الجماعية في أي بلد إسلامي استعمرها ، وإذا استعرضنا مواقف الغرب سنجد إنه يحمل أفكارا لا تدع المجال للحوار لأن ذلك يعتبر بالنسبة له تحدي كبير لمصالحه المشتركة بين السلطات وليس بين الشعب المسيحي
، والدليل انظروا كيف تعاملت فرنسا مع الإساءة لنبي الإسلام ، وقد كلف الغرب خطأ الرئيس ماكرون ومساندته للإساءة حقدا مضاعفا لم يكن بحاجة إليه.
ولقد أحدث هذا التعاطي شرخا عميقا جعل الحديث يأخذ مسارا آخر في معرفة طبائع فرنسا خاصة وأوروبا عامة الذي صورالمسلمين في نصوصه الدينية وخطاباته البابوية على أنهم شياطين طردوا المسيحيين من الشرق.
فالمواجهة بين الشرق والغرب لم تقتصرعند الحملات العسكرية بل تعدت إلى الإساءة إلى الرموزالدينية كالإساءة إلى نبي الإسلام وتمزيق القرآن الكريم وتدنيس المساجد ودور العبادة عند المسلمين في إيطاليا والدانمرك وفرنسا وأمريكا.
وكل هذه المشاهد لا تعبرعن صراع الأديان أوالحضارات بل هي حصيلة تراكمات خلفتها تداعيات هي من صنيعة الغرب نفسه العاجزعن فهم الواقع الفكري لنبي الإسلام ،
فكان ينسج بين الحين والآخرخدع دينية واجتماعية تصل أحيانا إلى تقديم قرابين بشرية للحيلولة دون إنتشار الفكرالمحمدي الأصيل والشواهد كثيرة منها :
بعد مرور 100 عام من إحتلال فرنسا للجزائر، أقامت إحتفالات كبيرة بهذه المناسبة عام 1930 وأنتقت 10 فتيات مسلمات جزائريات ولقنتهن الثقافة الفرنسية والبستهن اللباس الفرنسي وعلمتهن اللغة الفرنسية والتعاليم المسيحية.
وبعد 11 عاما من التكوين وفي عام 1930م وأمام الصحفيين والمسؤولين الفرنسيين خرجن الفتيات بلباسهن الإسلامي ، هذا المشهد أذهل الجميع ، سأل وزيرالمستعمرات الفرنسية الجنرال (لاكوست) ماذا كانت تفعل فرنسا في الجزائرطيلة هذه المدة (قال : ماذا نفعل إذا كان القرآن أقوى من فرنسا)
وشبيه لهذه الحادثة تكررت بعد 90 عاما وفي يوم الجمعة 9 أكتوبر -2020 ومع الرهينة الفرنسية المسيحية (صوفي بترونان) التي احتجزتها جماعات في مالي أربع سنوات ، عندما وصلت مطار باريس ونزلت من الطائرة كانت باللباس الإسلامي
صدمت الرئيس ماكرون ووزرائه والإعلام الغربي وقالت أمام الجميع أنا مسلمه وإسمي (مريم) عادت مقولة لاكوست إلى الواجهه من جديد (ماذا ستفعل فرنسا إذا كان القرآن أقوى منها).
فرنسا عجزت عن فرنست الشعب الجزائري وغيرهم وما نشاهده اليوم من الحملات الفرنسية للإساءة لنبي الإسلام ومساندة الغرب لها ما هي سوى خدعة مزدوجه
ليس فقط نسج الصدام بين الشرق والغرب وإخفاء الصراع القائم بين الحلفاء بقدرما هو تعبيرعن إفلاسهم في تدبرمشاكلهم وحل قضاياهم المصيرية.
والحمدالله رب العالمين