د.طاهرة اللواتية – عُمان
[email protected]
أينما التفتنا لاحظنا ديونا تثقل أغلب دول العالم بدءا من الولايات المتحدة، وبريطانيا حيث يفوق دينها الناتج المحلي، واليابان الذي يوازي دينها حوالي 200% من ناتجها المحلي، واليونان ودول عربية كلبنان ومصر، ودول الخليج التي تفوق ديون بعضها ديون السلطنة، وقد فاقمت أزمة كورونا الأمور، فعانت دول العالم من انكماش اقتصاداتها ما عدا الصين التي حققت نموا حوالي 3% فيما مضى من شهور عام 2020.
قد يقول قائل إن اقتصادات دول الخليج تعتمد على ريع النفط والغاز في مداخليها وميزانياتها. لكن يبقى الدين دينا، وتطالب به الجهات المدينة تحت كل الظروف وبحسب عقد سداد الدين وخدمة الفوائد سواء للاقتصادات الريعية وغير الريعية.
لم نتوجه إلى تنويع مصادر الدخل، واستثمارات القيمة المضافة رغم دورات صعود وهبوط أسعار النفط التي كانت تمر بنا، فقد وصل سعر برميل النفط في بعض السنوات إلى 10 دولارات.
إن الضغط الاقتصادي المتشكل من كل هذه الإحباطات، ومنها أزمة كورونا لا يجب أن تقود هذه الأخطاء دول الخليج إلى التضحية بالطبقة المتوسطة. فنحن بحاجة إلى الحفاظ على جهد خمسين عاما من النهضة لبناء طبقة عمانية متوسطة، تبلغ نسبتها في السلطنة حوالي 20% حسب بعض الإحصاءات الخليجية.
حيث يجمع الاقتصاديون إن الطبقة الوسطى مصدر الازدهار الاقتصادي الطويل الأمد لأي بلد، فهي توفر قاعدة مستقرة من المستهلكين الذين يدفعون عجلة الإنتاج إلى الأمام. وأشار
عالم الاقتصاد البريطاني جون ماينارد كينز في كتابه النظرية العامة للعمالة والفائدة والمال، فذكر إن استهلاك الطبقة المتوسطة مطلوب لتحفيز الاستثمار. وفي دراسة لمارك بارتريج في جامعة أوهايو أكد أن طبقة وسطى أكثر حيوية يعني نموًا اقتصاديًا طويل الأجل. وأكد الاقتصادي مالتوس بقدرة الطبقة المتوسطة على قيادة النمو الاقتصادي، فقال يستفيد أبناء الطبقة العليا من أرباح وامتيازات ممتلكاتهم القديمة والمستقرة لكن ينخفض لديهم معدل الحوافز وتقل لديهم الرغبة في الابتكار والتغيير لأن ذلك سوف يعطل مصالحهم الخاصة، أما أعضاء الطبقة الدنيا فهم على استعداد للابتكار والتطوير لكن الفرص أمامهم محدودة.
أما الطبقة المتوسطة فتتحلى بالطموح والرغبة في تحسين وضعها الاجتماعي والاقتصادي لذا تخاطر بما تمتلكه من أصول واستثمارات للحصول على المزيد من التقدم والارتقاء إلى درجة أعلى في السلم الاجتماعي، وتلقائيًا تتأثر الحركة الاقتصادية بهذه الدوافع والتحركات بسبب القوة الديناميكية والاستهلاكية لهذه الطبقة. ويتوقع الاقتصاديون أن يصل إجمالي الإنفاق الاستهلاكي إلى أكثر من 15 تريليون دولار أمريكي مع عام 2030 وأن %60 من الإنفاق العالمي سيأتي من القوة الاستهلاكية للطبقة المتوسطة. ويؤكد علماء الاقتصاد والاجتماع على دور الطبقة الوسطى في تحقيق الاستقرار السياسي والمجتمعي والازدهار الاقتصادي الطويل الأجل لأي بلد ومجتمع، وهو مما تؤكد عليه رؤية 2040.