Image Not Found

سقوط الشركات العائلية

حيدر اللواتي – لوسيل

تراجع عدد الشركات العائلية في المنطقة خلال العقود الثلاثة الماضية بسبب وجود فرص أخرى لأبناء الجيل الثاني والثالث للعمل في المؤسسات الحكومية والتجارية الكبيرة، في الوقت الذي أصبحت هذه الأجيال تحبذ التوجه نحو أسواق المال لامتلاك الأسهم، والعمل في بيع وشراء المعادن والتعامل في النقود وغيرها من الأعمال الأخرى.

هؤلاء الشباب يرون أن الاستقلال لهم في العمل التجاري خارج شركات أجدادهم وآبائهم يعطيهم الفرصة لمكسب مالي أكبر للملكية بدلا من التواصل مع شركات عائلاتهم التي تحكمها دساتير وقوانين معينة. وكما هو معروف فإن الشركات العائلية في المنطقة تم إنشاؤها قبل فترة استخراج النفط وما زالت الباقية منها تعمل بصورة كبيرة في العديد من المجالات، إلا أن أعداد الشركات العائلية الجديدة في المنطقة تتقلص، بالرغم من أنها متواجدة بنسب تتراوح ما بين 90% إلى 95% في العالم.

وفي المنطقة فإن السجلات التجارية تشير إلى أن معظم الشركات العائلية مسجلة تحت اسم شخص واحد – حتى وإن كان المؤسس قد توفاه الله. وتحت هذه الشركات ينضوي عدد من أفراد العائلة الواحدة الذين يتسلمون حصصهم الربحية دون الاستمرار في العمل لديها. أحد الخبراء الخليجيين في حوار مرئي مع مجلس الخنجي يرى أن هذه الشركات سوف تستمر في المنطقة نتيجة لحضانتها للعديد من الأعمال، فيما يمكن إنشاؤها في أي مكان وفق حاجة الناس لها لتقديم أنشطة معينة، موضحاً أن بدايات تأسيس هذه الشركات لا تحتاج إلى مصروفات كبيرة لأنها تنبع من عائلة واحدة، فيما يمكن اتخاذ القرارات فيها بالسرعة المطلوبة، ويكون هناك دخل مباشر نتيجة لقربها من تأثيرات العمل والتوظيف.

إن التحدي الحقيقي للعائلة في هذه الشركات هو الاستمرارية، والجدية والتعلم، بجانب التطبيق السريع لمبادئ العمل. فمثل هذه الشركات تعمل اليوم في مجالات عدة منها محلات الأغذية والعقار والمطاعم، والتخزين والتسلية والنقل البسيط، وإدارة المباني والمؤسسات الصغيرة وغيرها. وتتميز هذه الشركات بأنها لا تتجه نحو الاقتراض، ولكن في جميع الحالات على أفرادها ضرورة إبداء الجدية والمتابعة والتركيز والتعلم، بجانب الوعي لاستمرار أعمالها.

وهناك اليوم العديد من التحديات التي تواجه هذه الشركات وفق رأي الخبير، وخاصة الشركات الكبيرة منها عندما تبدأ في النمو والتوسع، الأمر الذي يتطلب العمل معها بشكل مهني وضرورة وضع الإستراتيجيات التنفيذية بحيث لا يؤدي إلى حدوث صراعات بين أفرادها وينشأ عنها الحسد والحقد والخصام. فضعف التواصل بين أعضائها يؤدي أحيانا إلى فشل أعمال هذه الشركات، وإذا لم يقبل أفراد العائلة بالقرارات وغابت العلاقات، فإن ذلك يؤدي إلى قيام شخص تنفيذي بالاحتكار في أخذ القرارات، الأمر الذي ربما يؤدي إلى انهيارها. ويطالب مسؤولو هذه الشركات بضرورة الإدراك والوعي في مثل هذه القضايا منذ بداية التأسيس.

وهناك عدة أمور يجب على الشركات العائلية العمل بها للاستمرار، ويمنعها من السقوط تتمثل في ضرورة وجود إستراتيجية (خطة أعمال الشركة تكون الرؤية واضحة والقيم مرسومة وتتميز بالرقابة والحوكمة). كما من المهم وجود أشخاص من خارج العائلة في عملية الحوكمة، وتحليل ومعرفة معايير الانحراف في أعمالها، وزيادة الوعي والقيم لأفراد الشركة والتواصل فيما بينهم بالإضافة إلى الانفتاح على المؤسسات الحكومية.