Image Not Found

المرأة العمانية في ظل أزمة كورونا .. أمثلة للتغلب على التحديات

شؤون عمانية _ جمانة اللواتي

تحتفي سلطنة عمان في الـ 17 من شهر أكتوبر من كل عام بيوم المرأة العمانية، وهو اليوم الذي حدده جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -طيب الله ثراه- لتكريم المرأة على أدوارها وإنجازاتها المختلفة في شتى المجالات والأصعدة.

ولأن هذا العام جاء استثنائيا بكل تفاصيله بسبب ما خلفته أزمة فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19” من تبعات على العالم بشكل عام وعلى النساء في الصفوف الأمامية المختلفة كذلك، وأظهرت لنا جوانب مهمة في شخصية المرأة، كل واحدة حسب ظروفها الاجتماعية والمهنية، لاحت فكرة مهمة وهي تكريم بعض الفئات التي تمثل جزءًا كبيرا من شرائح النساء في مجتمعنا، ومن منطلق التقدير البسيط للتحديات التي قمن بخوضها، حتى وإن لم تظهر للعيان.

في هذا التقرير الخاص لصحيفة “شؤون عمانية” الإلكترونية، تحدثت عدد من النساء عن التحديات التي واجهتهم خلال أزمة كورونا وكيف يتعاملن مع هذه الأزمة.

نورة الرئيسية وأزمة تراكم الديون

قالت نورة الرئيسية، خبيرة تجميل، إنها تركت عملها في شركة الطيران العماني والاتجاه إلى مجال التجميل الذي تحبه وتجد موهبتها فيه، مضيفة: “مجال التجميل أعطيته من كل قلبي واجتهدت كثيرا لأحقق طموحي فيه وافتتح صالوني الخاص، لتأتي أزمة كورونا وتنسف هذا الجهد الكبير الذي بذلته”.

وأشارت خبيرة التجميل أنها مرت بفترات وأوقات صعبة امتلأت بالكآبة كما أن مشروعها الخاص تم إغلاقه مؤقتا وفق قرارات اللجنة العليا للتعامل مع الأزمة بسبب جائحة كورونا “كوفيد 19” وتراكمت عليها مستحقات الإيجار ورواتب العاملين معها والأقساط التي تقوم بدفعها للبنك بالإضافة إلى المصروفات اليومية التي لم تستطع توفيرها، مؤكدة أن هذه الفترة سببت لها ضغوطات نفسية وجسدية بليغة.

وتابعت: “على الرغم من هذه التحديات الكبيرة التي واجهتني شخصيا خلال أزمة كورونا لم أرضخ أو أستسلم، كما أنني أؤمن تماما بضرورة المحاولة والاستمرار مهما كانت الصعوبات وأنا واثقة في لطف الله وأن هذه الصعوبات سوف تكون مؤقتة حتى وإن طالت لأنه ما بعد العسر إلا اليسر”.

ولفتت نورة الرئيسية إلا أنها تعلمت الكثير من هذه التجربة الصعبة، موضحة: “علمتني هذه التجربة بأن هناك نوعيات وفئات من الناس لم أواجهها من قبل فرغم تقدير البعض للأزمة وتبعاتها، إلا أن الكثير لم يقدر هذه الظروف، وأصبح يهدد بتقديم شكاوى ضدي وضد الصالون وصرت أسمع الكلام الجارح بشكل يومي في الوقت الذي كنت أعاني فيه”.
وعن كيفية التعامل مع هذا الوضع الذي سببته الجائحة، ذكرت خبيرة التجميل أن عددا من أفراد عائلتها وشريكتها في الصالون ساعدوها ماديا لدفع الإيجارات المتراكمة التي لم تستطع دفعها بمفردها، مضيفة أنها سوف تواصل العمل من المنزل عقب انتهاء الأزمة لكي تستكمل دفع الأقساط المتراكمة.

وفي نهاية حديثها وجهت رسالة لجميع النساء قائلة: “مهما كانت الصعوبات التي تواجهكم في الحياة، ما هي إلا مطبات مؤقتة ستتخطينها بإصرارك وعدم استسلامك للظروف، اجعلي هدفك دائما أمام عينيك واسع له”.

معاناة الطبيبة فاطمة اللواتية

بدورها قالت الدكتورة فاطمة اللواتية، طبيبة، إن الخوف والقلق من المجهول الذي يواجه الأطقم الطبية وعموم الناس سيطر على الكثير من العاملين في القطاع الصحي، موضحة أن المعاناة الأكبر كانت في مباشرة ومتابعة مرضى “كوفيد 19” وما يترتب عليها من إجراءات مثل البقاء في غرفة بمفردها في المنزل بعيدًا عن ابنها لعدة أيام متتالية.
وأضافت “واجهنا الغموض في البداية إنْ صح التعبير لأننا لم نكن نعرف ماهيّة المرض وكيفية التعامل معه وهذا كان يشغل جُل تفكيرنا، ففي الطب تعوّدنا أن نبني تشخيصنا وعلاجاتنا المرضية على بحوث ودراسات علمية بحتة، وهذا ما لمْ يكن متوفرًا لدينا في البداية كون أن المرض مستجد، بالإضافة إلى قلة الأدوات والإمكانيات في البداية”.
وأشارت إلى أن القطاع الطبي كان يعاني من ضغط العمل الشديد ولا يزال، وزادت معانتهم بسبب الخوف على عائلتهم من الإصابة التي قد ينقلونها لهم لتعاملهم المباشر مع مرضى هذا الوباء، مؤكدة: “أخاف أن ألمس الأطفال أو كبار السن خوفاً من أن أنقل لهم المرض، وكان هذا الخوف يشغل جُلَّ تفكيري في بداية الجائحة”.

وعن نظرة المجتمع للأطقم الطبية، لفتت إلى أنه “رغم هذا الضغط الشديد لاحظت زيادة في الاهتمام والتقدير للطاقم الطبي والأطباء من المجتمع، الكل يشيد بهذه الجهود ومن هنا كنا نستمد الطاقة للمضيّ قدماً وإكمال المشوار”.

وفي النهاية عبرت الدكتورة فاطمة اللواتية عن فخرها بكونها طبيبة كان له دور كبير في هذه الجائحة، موضحة: “لم أندم قط على اختياري لهذا المجال بالرغم من كل الصعوبات”.

ووجهت رسالة للنساء قائلة: “كيانكِ ستجدينه في عملك الذي تحبينه، مهما واجهتِ من صعوبات، بالإصرار والعمل الجاد ستتحقق طموحاتك في وطن كعُمان، يكرّم المرأة ويقدّر جهودها، فافخري بذلك”.

هلالة المحاربي.. التغلب على تحدي التواصل مع الطلاب

أما الأستاذة هلالة المحاربي، معلمة صعوبات تعلم، فقد استطاعت التغلب على تحدي التواصل مع طلابها عبر الإنترنت بعدما خلقت أزمة كورونا العديد من العقبات التعليمية وخصوصا لهذه الفئة من المعلمين الذين يعتمدون على التعليم المباشرة مع الطلاب.
وقالت إنه هذه الأزمة وهذا التحدي جعلها تخلق لنفسها آفاقا جديدة وأساليب مستحدثة لتعليم الطلاب، معتبرة أن الأزمات تجعل الفرد يبتكر في تحقيق أهدافه وتنمي أفكاره ومواهبه لتلبية الاحتياجات بطرق تتواكب مع الظروف الراهنة.

وتابعت: “في الحقيقة كانت فترة ممتعة وتجربة جديدة أن تقوم بعملك وانت بصميم منطقة راحتك، كما أن العمل عن بعد به مرونة كبيرة في إتمام المهام الخاصة علينا، إلا أن فترة الحصص التعليمية هي التي تلزمنا بالتوقيت، وليست بالشيء الجلل بل أجدها مصحح المسار لمن يستميل كل الميل نحو الراحة بالعمل عن بعد”.

واعتبرت هلالة المحاربي أن الله سبحانه وتعالى ميز النساء وأوصى بهم النبي 3 مرات مقارنة بالرجال الذين أوصى بهم مرة واحدة فقط، متابعة: “كما هو معروف أن قوة وأساس الأمم هم شبابها وأساس شبابها هم نسائهم من أمهات وأخوات وعمات وخالات والقائمة تطول، وعليه أقول لكل امرأة: أنتِ مميزة وأنتِ قدوة وأنت أساس المجتمعات”.

الضغط النفسي لكبار السن

أما هاجر محمد، سيدة سبعينية، فقد سببت لها أزمة كورونا وتداول أخبارها على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية المختلفة، ضغطا نفسيا كبيرا لأن وسائل الإعلام ووزارة الصحة كانت تركز على كبار السن باعتبار ضعف مناعتهم نسبيا مقارنة بالشباب.

واعتبرت أن وسائل الإعلام لم تراعي الضغط النفسي أو الجانب النفسي لكبار السن وما قد يصيبهم بسبب التركيز على هذه الفئة، موضحة: “الخوف على نفسي وأسرتي وأحفادي كان هاجسا، ومع الإغلاق الذي فُرض على ولاية مطرح في مطلع الأزمة وعدم قدرتي على رؤية أولادي وأحفادي، زاد من حزني وإحباطي، ورغم ذلك تظل المرأة والأم مهما كبرت سببا لانتشال الأسرة من الخوف والقلق فهي دائما تمتص خوفها وكل ما يؤرقها حتى وإن اضطرت أن تتظاهر بعدم القلق، حتى وإن كان ما تسمعه من أخبار حول تأثير كورونا على مرضى السكري يخيفها بشدة ؛ وذلك حتى تكون مثالا أمام العائلة يستمدون قوتهم وعزيمتهم منها”.

ولكي تتغلب على أزمة الضغط النفسي، أبلغت هاجر محمد جميع أفراد العائلة بضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية والتواصل اليومي مع بعضهم البعض من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لافتة إلى أنها تعلمت طريقة الدخول على بعض منصات التواصل الاجتماعي للاطمئنان على أبنائها وأحفادها ولكي تتغلب على قلقها الدائم.

واختتمت حديثها: “هذهِ فطرتنا نحن النساء وهكذا خلقنا رب العالمين”.