Image Not Found

الجائحة والبطالة في العالم

حيدر اللواتي – لوسيل

مع استمرار جائحة كوفيد 19 عالميا، ترتقع معدلات البطالة في كل بقعة من بقاع الكرة الأرضية. والدول العربية غير مستثناة من ذلك سواء كانت دولا نفطية التي تمتلك الصنايق السيادية الكبيرة، أو تلك التي تعتمد على بعض موارد اقتصادية متجددة. فجميعها يشملها التأثيرات السلبية للوباء الذي يؤدي إلى تراجع فرص العمل في عدة أنشطة اقتصادية وصناعية وسياحية، وبالتالي يزداد عدد العاطلين عن العمل، فيما يفقد الخريجون الجدد فرص العمل في المؤسسات الحكومية والخاصة.

فهناك اليوم دول صناعية كانت تعتبر في قمة التوظيف للعمالة مثل بريطانيا والدول الأوروبية وأمريكا وغيرها من الدول الصناعية الأخرى، وإذا بها تعاني اليوم من معدلات العاطلين عن العمل بسبب استمرار الجائحة. ففي بريطانيا، فإن البيانات الرسمية تظهر معدلات بطالة وصلت إلى 4.5% في الربع الثالث من العام الحالي بسبب التسريح وإنهاء الخدمات، وما ينتج عن ذلك من الإغلاقات للأعمال التجارية لمرة أخرى في إطار الموجة الثانية للمرض، الأمر الذي يؤثر بصورة كبيرة على المشروعات والاستثمارات الدولية في السنوات المقبلة.

وربما الاستثناء الوحيد هو الصين التي تحاول مواكبة هذه التطورات الصحية من أزمة تفشي المرض من خلال رفع عمليات إنتاج السلع التي تحتاج إليها الدول في مكافحة الوباء، وتصديرها إلى مختلف دول العالم، بحيث سجلت الصادرات الصينية زيادة بنسبة 10% خلال الشهر الماضي، فيما سجلت وارداتها من العالم نموا بنسبة 13% خلال نفس الشهر، الأمر الذي يؤكد بأن اقتصادها يتجه نحو التعافي، عكس الكثير من الدول الصناعية التي يفقد أبناؤها الكثير من فرص العمل.

لقد أدى تفشي أزمة فيروس كورونا إلى ارتفاع معدلات البطالة في العالم خلال الشهور الستة الماضية لم تعرفها الكثير من الدول سابقا. كما أدى ذلك إلى تقييد عمليات التعليم للطلبة وللمؤسسات التعليمية والأكاديمية، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الأزمة بين العاملين في هذه المؤسسات. فقبل عدة سنوات كان هناك تنافس كبير بين الدول في توفير فرص العمل في مؤسساتها، حيث كانت بعضها تفتح باب الهجرة للعمالة الوافدة مثل ألمانيا على سبيل المثال، إلا أن عدد العاطلين عن العمل لديها ارتفع اليوم بنسب كبيرة تفوق 13%، بالإضافة إلى تقليص أوقات دوام موظفين آخرين. وهذه التراجعات تؤدي في نهاية المطاف إلى انكماش اقتصادات الدول، وتباطؤ معدلات التضخم وتوقف الأنشطة الاقتصادية. فأرقام الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال تشير إلى تراجع الناتج الاقتصادي لـ 19 دولة أوروبية مشتركة خلال الأشهر الستة الماضية بين نسب تتراوح ما بين 5 إلى أكثر من 10%. وهذا هو نفس الحال في أمريكا التي ارتفع معدل البطالة لديها في حدود 15% بسبب وباء كورونا، وهو الأسوأ في تاريخ هذه الدولة منذ أن تعرضت إلى نكسة الكساد الكبير في الثلاثينيات من القرن الماضي.

وعموما فإن هذا الوباء يفرض تغييرات كبيرة على أعمال وأنشطة الكثير من الشركات، كما يفرض قيودا على الأشخاص في الحركة والسفر وزيادة حالات الإفلاس لتلك المؤسسات. ما يمكننا عمله في المنطقة هو التخلص تدريجيا من أعداد بعض العمالة الآسيوية الوافدة بالمنطقة لكي نتمكن من إحلال العمالة الوطنية مهما أمكن ذلك لمواجهة هذه المعضلة.