حيدر بن عبدالرضا اللواتي – الرؤية
رغم أنَّ صِناعة الصيرفة الإسلامية في عدد من الدول العربية والاسلامية جاءت متأخرة، إلا أنها تحاول إثبات وجودها من خلال تنويع مساهماتها في دعم الاقتصادات الوطنية من خلال تمويل بعض المشاريع الاستثمارية المجدية. عُمان بدأت مؤخرا التمويل الاسلامي مقارنة ببقية دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى التي انطلق العمل المصرفي الإسلامي في بعضها بداية السبعينيات من القرن الماضي. فإنشاء البنوك الإسلامية في عُمان تمَّ بعد العام 2011، أي أنها لم تُكمل عقداً من العمل في هذا الشأن، إلا أنها تعمل على مواكبة المستجدات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها اقتصادات المنطقة، خاصة في مجال تمويل مشاريع استثمارية في زمن تعاني من التمويل الدولي. وكما نعرف أن عُمان مقبلة على تحقيق سياسة التنويع الاقتصادي والبدء في تحقيق الرؤية المستقبلية الجديدة “عمان 2040″، اعتبارا من العام المقبل 2021.
وفي هذا الإطار، تلقَى المشاريع الصناعية اهتماما من البنوك الإسلامية. ومؤخرا، وقَّع بنك نزوى -وهو أحد البنوك الإسلامية في عُمان- اتفاقية تمويل إستراتيجية مع شركة تنمية نخيل عُمان؛ حيث يهدف المشروع إلى إنشاء مجمع صناعي للتمور والصناعات المرتبطة بها في ولاية نزوى التي تقع في المحافظة الداخلية للسلطنة. والمشروع يهدف لتعزيز مشاريع الأمن الغذائي في المنطقة وخارجها، وسوف يتمُّ تصميمه وفق أفضل الممارسات العالمية في مجال التصنيع الغذائي.
المسؤولون في البنك يرون أنَّ الشراكة في مثل هذه المشاريع الحيوية تأتي في إطار الأسس والقيم التي وضعها البنك في الصناعة المصرفية الإسلامية؛ بحيث لا تقتصر الجهود على تمويل الأشخاص في مشاريع ذاتية، وإنما تكون الانطلاقة أيضا نحو مشاريع استثمارية ذات جدوى اقتصادية للبلاد، وبحيث تكون قادرة على الإنتاج والتسويق، وتمكين الشباب من الحصول على مزيد من فرص العمل في مناطق سكناهم بعيداً عن العاصمة التي تشهد حركة كبيرة في عدد الباحثين عن العمل. ويقول الشيخ خالد الخليلي رئيس مجلس إدارة بنك نزوى، إنَّ المؤسسة تعمل من خلال دعم مثل هذه المشاريع الحيوية التي لا يقتصر جدواها على المردود العالي المتوقع منها فحسب، بل في القيمة الحقيقية التي تضيف مثل هذه المشاريع على صعيد الاقتصادات الوطنية والمجتمع، مشيراً إلى أنَّ سياسة السلطنة لتحقيق مشروع زراعة المليون نخلة سوف تعزز من ترجمة أهداف رؤية عمان 2040، بجانب أنَّها ستعمل على الحفاظ على الموارد الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة للبلاد من تحقيق الأمن الغذائي في المجال الزراعي.
… إنَّ الظروف التي تمر بها المنطقة والعالم نتيجة تراجع أسعار النفط العالمية منذ منتصف عام 2014، والجائحة التي تعصف باقتصاداتها، وما ينتج عنها من سلبيات على صعيد تراجع أعمال المؤسسات والشركات، وتراجع فرص العمل، فإنَّ خطط التمويل المصرفي تعمل على إيجاد الشراكة الحقيقية بين مختلف المؤسسات للتوجه نحو تنويع مصادر الدخل القومي، والاعتماد على القوى المحلية في عمليات الإنتاج والتصدير. وهذا ما أدى ببعض المؤسسات العمانية في تنفيذ هذا المشروع من خلال تمويل بنك إسلامي محلي؛ حيث يهدف للاستثمار في عمليات ما بعد الحصاد لتأسيس صناعات غذائية وتحويلية مبتكرة.
إنَّ المسؤولية كبيرة أمام القطاع المصرفي الإسلامي في تمويل هذه المشاريع خلال السنوات المقبلة في إطار الرؤية المستقبلية للبلاد. وهذه السياسة سوف تعمل على زيادة الرقعة الصناعية في البلاد، بجانب تمكين الشباب الباحث عن العمل من الانخراط في الأعمال. كما يتمُّ من خلال إنشاء مثل هذه المشاريع وإدارتها والاستمثار فيها من الأموال داخل البلاد، تحقيق القيمة المضافة مستقبلا من خلال تصدير المنتجات الوطنية إلى خارج السلطنة.