محمد بن علي اللواتي – الرؤية
مع بداية الموجة الثانية لانتشار فيروس كورونا بدأ الكثير من دول العالم في اتخاذ إجراءات أكثر صرامة بإغلاق الأنشطة التجارية والحد من الفعاليات التي تتطلب الاتصال المباشر بين الأفراد وهذا يشمل المدارس أيضاً لما يُشكل انتشار الفيروس بين الطلاب مخاوف السلطات الرسمية والأهالي في آن واحد.
وفي السلطنة وبعد أن زادت الأعداد وتخطت لأول مرة منذ انتشار الفيروس عدد مئتين من المرقدين بالعناية المركزة بدأت الهواجس والشكوك تراود أولياء الأمور حول صحة أبنائهم خاصة وأننا على بعد عدة أسابيع عن بدء العام الدراسي، حيث تمَّ تحديد الأول من نوفمبر القادم بداية للعام الدراسي الجديد.
ومع تصريح معالي الدكتور وزير الصحة المتزامن مع توكيد سعادة وكيل وزارة التربية والتعليم واللذين أكدا فيه أن الحكومة الرشيدة لن تُعرِّض حياة أبنائنا للخطر والخطة البديلة بالتعليم الإلكتروني موجودة وسيتم تطبيقها إلى حين زوال آثار ومخاوف هذه الجائحة عن أرض السلطنة، منذ القرن التاسع عشر ومنذ بداية التعليم عن بُعد بطريق المراسلة وأولياء الأمور في شك مستمر حول مدى فائدة وفاعلية هذا النظام ولم يتغير الكثير فما زال الكثير منهم بالإضافة إلى التربويين يتوجسون خيفة وخاصة بالنسبة لطلاب الحلقة الأولى في تخطي الصعوبات واكتساب مهارتي القراءة والكتابة بنجاح مع هذا النمط غيرالمعهود بالسلطنة.
يقول الإمام علي: “الناس أعداء ما جهلوا”، وبرأيي هذه المخاوف نابعة من قبل البالغين فقط وليس الأطفال بأنفسهم! لاختلاف الأجيال والأزمة عن أجيال اليوم ولتخوف البعض من العبء الذي سيصاحبه هذا النوع من التعليم، أما عن الأطفال فيطلق الباحثون على الفوج الديموغرافي المولود من بعد عام 2010 إلى 2025 بجيل ألفا Generation Alpha والذين يعرفون بأنهم الأجيال التي فتحت أعينها على التكنولوجيا والشاشات من قبل أن يتعلموا القراءة وينسب هذا المصطلح إلى الباحث الاجتماعي الأسترالي مارك ماكرندل.
إذا قمنا بالنظر من حولنا في كمية التكنولوجيا والأشياء التي تتطلب الإنترنت لتشغيلها والتي نستخدمها بشكل يومي من حولنا من هواتف ذكية وأجهزة الحواسيب والتلفاز والأجهزة اللوحية وغيرها نلاحظ أنها تغيرت في آخر 20 سنة ولم نكن لنتخيل هذه الطفرة التي نعيشها حتى في أفلام الخيال العلمي إلا أنه من المؤسف أن يظل التعليم بنفس النمط السائد لا يبرح مكانه لأكثر من 100 سنة، لماذا لا نعطي أبناءنا الفرصة ونستفيد من هذه الجائحة لتهيئتهم للاقتصاد المعرفي حيث يذهب أستاذ الاقتصاد العالمي جو نيليس باعتقاده أن جيل ألفا سيكون أكثر جيل تعليمي وسيستعين بالتكنولوجيا لتكلمة دراسته إلى الماجستير، كما إنَّ المحللين يرون أنَّ التغيير الذي سيشهده العالم على الاقتصاد من بعد الجائحة سيُؤدي للرقمنة وسيغير في طريقة وتنظيم العديد من الخدمات ومن ضمنها التعليم.
الفترة المُقبلة ستكون حساسة للجميع في مجال التعليم والعبء الأكبر سيقع على كاهل أولياء الأمور وسيتحتم عليهم تذليل صعوبات التكنولوجيا ومصاحبة أبنائهم وإيجاد نوع من التوازن ما بين المهارات التكنولوجية والاجتماعية لتعويض الأبناء عن الغياب عن المدرسة ولقاء أقرانهم، ولن تستمر هذه الصعوبات لأكثر من شهرين إلى حين تعود الأبناء على النمط الجديد وكلي ثقة في ذكاء أجيال ألفا واستعدادهم للتكنولوجيا بشكل جيد.
أسأل الله أن تمر هذه الجائحة برداً وسلاماً على عماننا الحبيبة وأن ينحسر كابوس هذا الفيروس للأبد وأن يخرج أبناؤنا منها بأقل الخسائر المعرفية والتعليمية فهم أمل ومستقبل البلد، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.