حيدر اللواتي – لوسيل
تنصح بعض المؤسسات المالية في المنطقة بضرورة التوجه نحو اتجاهات أخرى في عملية الاستثمار في الاقتصاد العالمي خاصة في الفترة التي نمر بها نتيجة لتفشي كوفيد 19، وتراجع معدلات الفائدة في المؤسسات المصرفية. أما على مستوى الحكومات فإنها تحث الدول على الإسراع في توجهاتها نحو التنويع الاقتصادي الذي تم التخطيط لها ضمن سياستها الاقتصادية السابقة، وضرورة الاستثمار في التحول الرقمي والتكنولوجيا الذي يفرض نفسه على الأفراد والمؤسسات، والاستمرار في التركيز على صناعات أخرى تخدم الاحتياجات الوطنية، كالأمن الغذائي والتكنولوجيا والابتكار في الرعاية الصحية والتكنولوجيا الطبية.
هناك عدة توقعات للأشهر المتبقية للعام الحالي وفق التقرير الصادر عن بنك المشرق الذي يتناول أبرز اتجاهات الاستثمار الرئيسية والتطورات الناشئة في أسواق العالم والمنطقة في ظل الصعوبات التي نتجت عن تراجع أسعار النفط، والتطورات السلبية التي تتركها الجائحة على الوضع الاقتصادي ككل. فهناك عدة أحداث يشير إليها التقرير كان لها أثر على اقتصادات المنطقة والعالم في النصف الأول من العام الحالي، مشيراً إلى أن التوقعات السابقة كانت تشير إلى أن النمو العالمي كان من المفترض أن يرتفع من 2.9% لعام 2019 إلى 3.3% خلال عام 2020، إلا أنه نتيجة للحروب التجارية بين أمريكا والعالم والصين، كان لها تأثير كبير على الأوضاع الاقتصادية العالمية، في الوقت الذي تفاجأ العالم بانتشار فيروس كورونا بصورة كبيرة، والذي أدى إلى الإخلال في العمل التجاري العالمي نتيجة لإغلاق الكثير من المؤسسات الإنتاجية والاقتصادية، وتصفية العديد من الشركات الهامة وخروجها من السوق، الأمر الذي كان له تأثير سلبي كبير على الكثير من المؤسسات الحكومية والأهلية، خاصة في مجال الطيران والفندقة والضيافة والمطاعم وبيع التجزئة وصناعة الخدمات والعمالة وغيرها. وهذا أدى إلى حدوث مزيد من البطالة في العالم. كما أن الإغلاق للمؤسسات أدى إلى حدوث تباطؤ حاد في نمو الناتج الاقتصادي العالمي الذي تراجع بنسبة 12% في الربع الأول من العام الحالي، فيما يتوقع صندوق النقد الدولي حدوث انكماش للاقتصاد العالمي بنسبة 4.9% خلال العام الحالي، والذي يمثّل أكبر تباطؤ يشهده الاقتصاد العالمي منذ فترة ثلاثينيات القرن الماضي عند حدوث الانكماش الكبير عامي 1918 و1919 بسبب تفشي الإنفلونزا الإسبانية.
معظم دول المنطقة والعالم تعمل الآن على إصلاح الأمور الاقتصادية نتيجة لديون الحكومات والأفراد والشركات، وتراجع في البنود المالية للموازنات السنوية بسبب تلك الأحداث، الأمر الذي يؤثر على عمليات الإنفاق والاستثمار، ويؤدي إلى تباطؤ أو انخفاض النمو الاقتصادي.
ونتيجة لذلك تعرضت معظم دول مجلس التعاون إلى تراجع في تصنيفها الائتماني بسبب الضربة المزدوجة للإغلاق الصارم للمؤسسات من جهة، وانخفاض أسعار النفط العالمية من جهة أخرى، الأمر الذي يؤثر بصورة مباشرة على الميزانيات العامة للحكومات التي تبقى تحت وطأة الضغوط المالية الشديدة.
تقرير المؤسسة المصرفية يوصى المستثمرين (من غير الالتزام) بالتوجه للاستثمار في الأسهم الممتازة والسندات، بجانب اتباع نهج الحذر والتروّي في اختيار الأصول والأوراق المالية، مع الحفاظ على تنوع كافٍ لهذه الأصول، والإسراع في الاستثمار في مجالات الحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي والرقمنة والتجارة الإلكترونية وهذا ما يجب العمل به خلال الفترة المقبلة.