حيدر اللواتي – لوسيل
لا ينكر المرء أن تأثيرات فيروس جائحة كورونا طالت الكثير من الأوضاع الاقتصادية والسياسية للدول، بل تركت تأثيرات على الجانب السياسي أيضا، خاصة في أمريكا التي تشهد خلال شهر نوفمبر المقبل إجراء انتخابات الرئاسة التي يتنافس عليها كل من ترامب مرشح الحزب الجمهوري للفترة الثانية، وجو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي. ولا شك أن الناخبين والمجمع الانتخابي هو من سوف يقرر هذا التنافس المشتعل حاليا بين الأمريكيين بسبب استمرار النتائج السلبية للجائحة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والعمل والعمال وغيرها من القضايا التي تهم المواطن الأمريكي في حياته اليومية. كما يستعر هذا التنافس أيضا نتيجة لاستطلات الرأي العام حول الانتخابات المقبلة التي ترى بأن بايدن هو من سيصل إلى الرئاسة، نتيجة للخبرات السياسية التي يمتلكها منذ عمله في المجال السياسي قبل أكثر نصف قرن. ولكن هذا لا يعني بأن القرار حتمي للاستطلاعات، ففي آخر لحظة يمكن أن يتغير مجرى التصويت لأمر معين من قبل المجمع الانتخابي الذي له قوة كبيرة في حسم هذه الانتخابات لصالح مرشح معين.
لقد اعتادت بعض الولايات الأمريكية التصويت لمرشح الحزب الذي تنتمي إليه، بينما المتغير والمتبدل في هذه الانتخابات يكمن في الولايات غير المحسومة صوتها، بحيث يمكن لها المولاة لمرشحها، أو التصويت ضده. ونتيجة لتفشي مرض كورونا ووفاة آلاف الأمريكيين وما نتج عن ذلك من أضرار اقتصادية وبطالة وتراجع في الإنتاج والحياة الاقتصادية، فإن الجميع سوف يأخذ ذلك في اعتباره عند التصويت لمرشح ما، خاصة المجمع الانتخابي في بعض الولايات المتأرجحة. وبموجب نظام الانتخابات، لا بد للمرشح أن يحصل على 270 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي البالغ 538 صوتا، الأمر الذي يتطلب من المرشح وفريقه الانتخابي أن يبدي اهتماما أكبر لقضايا تلك الولايات والمكوث مع سكانها لفترات أكبر لإقناعهم بضرورة التصويت له. وهذا أمر اعتاد عليه المرشحون في الانتخابات الدورية.
اليوم يرى الشعب الأمريكي والعالم معه بأن الفرصة أكبر لفوز جو بايدن ووصوله إلى البيت الأبيض نتيجة للقرارات التي اتخذها ترامب خلال السنوات الأربعة الماضية تجاه القضايا المحلية والإقليمية والعالمية التي أدت إلى اشتعال الحروب التجارية، وتغير المعادلات السياسية بين الدول، ولكن جميع هذه الأمور لا يعني بأن بايدن هو من يفوز في آخر المطاف، فالأمور يمكن أن تتغير بسرعة غير تلك التي تبينها الاستطلاعات.
إن التأثيرات السلبية لفيروس كورونا على الأوضاع في أمريكا لها دور كبير في تعزيز فرص وصول بايدن إلى الرئاسة. فقرارات ترامب تجاه هذه القضية أدت إلى الكثير من الإصابات والوفيات بين أفراد المجتمع الأمريكي خلال الأشهر الماضية نتيجة للأسلوب الذي اتبعه منذ انتشار هذا الوباء، بالإضافة إلى الاضطرابات التي نتجت بسبب الأسلوب الخشن المستخدم مع الأمريكيين السود، الأمر الذي يدفع بعض الجمهوريين بالتصويت لبايدن خلال الانتحابات المقبلة، مما يؤدي إلى تراجع شعبية ترامب بين مختلف الأوساط.
ولكن علينا ألا ننسى أن المجموعات الصهيونية واليهودية لها دور كبير في تغيير هذه المعادلات في مثل هذه الانتخابات، فهي التي تتحكم في المؤسسات المالية والإعلامية، ولها دور كبير في تعزيز كفة الرئيس الذي يحمي إسرائيل بالدرجة الأولى