حيدر اللواتي – لوسيل
منذ أول لحظة مريرة مرّ بها لبنان الشقيق نتيجة الانفجار الآثم الذي تعرض له مرفأ بيروت، وما خلف وراءه من مئات القتلى وآلاف المصابين والمجروحين، وممن فقدوا أماكن سكناهم وأعمالهم التجارية، أبدت العديد من الدول العربية والأجنبية استعدادها لمساعدة لبنان في هذه المحنة الأليمة.
كما كانت هناك استجابة دولية سريعة للدعوة الفرنسية للرئيس إيمانويل ماكرون، والأمم المتحدة تجاه عقد مؤتمر دولي عبر تقنية الاتصال لمساعدة لبنان في ظل هذه الظروف السيئة والصعوبات التي يتعرض لها الشعب اللبناني من جراء هذا العمل الشيطاني، حيث تقدّر الخسائر الناجمة عن انفجار المرفأ بحوالي 15 مليار دولار.
فخلال المؤتمر تعهد عدد من المانحين الدوليين الذين بلغ عددهم 15 من قادة الحكومات بتقديم المساعدات للبنان بلغت قيمتها أكثر من 252 مليون يورو، من بينها 50 مليون دولار التزمت بها دولة قطر الشقيقة، و40 مليون دولار التزمت بها الكويت الشقيقة بتقديمها غير المساعدات العينية التي التزمت بها الدول الأخرى في هذا الإطار.
إن المساعدات القادمة إلى لبنان خلال الأيام القادمة مشروطة بضرورة إجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية، خاصة وأن الحكومة الحالية برئاسة السيد حسن دياب قدمت استقالتها بناء على رغبة الشعب اللبناني بضرورة محاكمة كل من أفسد الحياة السياسية والاقتصادية في هذه الدولة خلال السنوات الماضية بسبب الفساد الحكومي، وعدم كفاءة الأشخاص الذين أداروا الحكم خلال العقد الماضي وما قبله.
لقد تعهد المشاركون في هذه القمة من خلال البيان الذي صدر عنهم بمساعدة لبنان عبر موارد رئيسية بحيث تكون هذه المساعدات سريعة وكافية ومتسقة مع احتياجات الأفراد، على أن تعمل كل دولة بتوصيلها بأقصى قدر من الكفاءة والشفافية. والأمر الآخر في البيان يشير إلى استعداد المانحين لمساعدة لبنان في حال اتخذت الحكومة اللبنانية الإجراءات الكفيلة للإصلاحات وعمل التغييرات التي يطالب بها المواطنون منذ أكثر من عقدين من الزمن.
إن الخسائر الناجمة عن هذا الانفجار الآثم كبيرة جدا في بلد يعاني من الديون وقلة الاستثمارات، خاصة وأنها تعاني من أزمة انهيار العملة المحلية، وعدم قدرتها على الالتزام بتسديد الديون السيادية خلال الأشهر المقبلة نتيجة لتعثر محادثاتها مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد بمبلغ 10 مليارات دولار لتصحيح الأوضاع الاقتصادية ضمن خطة الإنقاذ. فهذه الدولة منذ انتهاء الحرب الأهلية تشهد العديد من التوترات والأزمات خاصة في قطاع الخدمات نتيجة للحروب التي شنتها إسرائيل على هذه الدولة بسبب مواقفها السياسية وعدم خضوعها لرغبات الدولة الصهيونية، فيما يخشى الكثير من المراقبين من أن يؤدي الانفجار الأخير إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان، الأمر الذي عجّل بعقد مؤتمر المانحين الدوليين. إن المساعدات الأجنبية التي تعهدت بها الدول للبنان تضم مبالغ تعهد بها الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وألمانيا وأمريكا وسويسرا، بجانب فرنسا التي تعهدت بتقديم مواد البناء والمساعدات الغذائية والطبية، وأسبانيا التي تعهدت بإرسال القمح وإمدادات طبية.
اليوم فإن لبنان الشقيق يعاني من أزمة كبيرة تتمثل في حاجة اللبنانيين إلى مساعدات عاجلة وأخرى غذائية بجانب المواد الطبية وأخرى لإعادة إعمار البنى التحتية وترميم المشاريع المنهارة بسبب الانفجار الهائل، بالإضافة إلى تنمية القطاعات الاقتصادية الأخرى.