حيدر اللواتي – لوسيل
بدأت المنظمات الدولية في تقييم المخاطر الناجمة عن استمرار جائحة كورونا خلال الأشهر الماضية، والأضرار التي لحقت بالمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية التي تخدم الشعوب، وتأثير ذلك على التقدّم الذي أحرزته الدول في تحسين أوضاع الفقراء والمرضى والمحتاجين، بجانب تقييم خدمات التعليم والعمل وغيرها. فتقرير إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة الأخير بشأن وباء كوفيد 19 يؤكد بأن للفيروس تأثيرا كبيرا في تدمير أشد الناس ضعفاً وفقراً، بجانب الخلل الذي أوجد بسياسات الدول التي تعمل منذ أكثر من 15 عاما على تحسين أوضاع شعوبها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية. ووفقا لذلك، فإن الجهد العالمي الذي استمر خلال السنوات الماضية كان له أمر مهم في تحسين حياة الناس في كل مكان من خلال تحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ 17 التي وضعتها الأمم المتحدة لتحقيقها بحلول عام 2030، واعتمدها قادة دول العالم في سبتمبر 2015، إلا أن الوباء الحالي يعمل على تغيير خارطة الطريق لمعظم الدول منذ أن بدأ في الانتشار ليشمل جميع دول العالم خلال فترة زمنية قصيرة.
الكل يشعر اليوم بأن الوباء أصبح تحدياً للدول والشعوب نتيجة للمشاكل الناجمة عنه، حيث يعمل على خلق المزيد من الأزمات والكوارث للدول التي لم تعرفها في السابق، ولم يكن لها مثيل خلال العقود العشرة الماضية، الأمر الذي يسبب مزيداً من التأخير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة في الدول الأكثر فقراً وضعفاً في العالم.
في السنوات السابقة كان العالم يحرز تقدمًا مستمرا وفق قدرارت كل دولة، خاصة في مجالات تحسين صحة الأم والطفل، وتوسيع نطاق الحصول على الكهرباء والخدمات الاجتماعية الأخرى، فيما تمكنت دول عدة من تعزيز أمنها الغذائي، بالرغم من استمرار التفاوتات في هذا الشأن. واليوم فإنه سرعان ما أصبحت جائحة كوفيد 19 أسوأ أزمة بشرية واقتصادية في الحياة، بحيث انتشر الوباء في جميع دول العالم، وقد تجاوزعدد الوفيات 778 ألف شخص فيما تعدى عدد حالات الإصابات 22 مليون شخص في 196 دولة.
الأمين العام للأمم المتحدة يرى بأن الجهود العالمية حتى الآن لم تكن كافية لإحداث التغيير الذي نحتاجه، الأمر الذي يعرض للخطر جدول الأعمال للأجيال الحالية والمقبلة. فهذه الأزمة لم يسبق لها مثيل في الحياة، وبالتالي فإنها تهدد سبل العيش مما يجعل تحقيق الأهداف أكثر صعوبة، وحجم مأساتها كبير لدى شعوب معينة في العالم. وتقرير الأمم المتحدة يوضح أن أفقر الناس وأكثرهم ضعفاً وتأثرا من هذا الوباء هم الأطفال والمسنون والمعوقون والمهاجرون واللاجئون، فيما تتحمل النساء عبئا أكبر من آثار الوباء. ويتوقع بأن يدفع نحو 71 مليون شخص في العالم إلى الفقر المدقع في العام الحالي 2020، وهي أول زيادة في الفقر العالمي منذ عام 1998، ليجد البعض أنفسهم فجأة في خطر الفقر والجو والبطالة.
ونتيجة لهذه الأزمة فإن حوالي 1.6 مليار عامل أي نصف القوى العالمية يصابون اليوم بالضعف وأن دخول 60% قد تراجع نتيجة لذلك، وبالتالي فإن أكثر من مليار شخص من سكان الأحياء الفقيرة في جميع أنحاء العالم معرضون إلى مشاكل سكنية وتعليمية وصحية وغذائية وبيئية وغيرها خلال السنوات المقبلة.