د. حيدر بن عبدالرضا اللواتي – نيوز الجنوب
قرار الذمة المالية للمسؤول الحكومي هو عبارة عن وسيلة يقر من خلالها المسؤول الحكومي ما له وزوجه وأولاده القصر من أموال نقدية أو عقارية أو منقولة داخل السلطنة أو خارجها، بما في ذلك الأسهم والسندات والحصص في الشركات والحسابات البنكية، ويدخل في ذلك أيضاً ما لهم من حقوق وما عليهم من التزامات.
وموضوع إقرار الذمة المالية يثار اليوم في وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي في دول المنطقة، وهذا أمر طبيعي أن يحدث في عالم يسوده الفساد وغسل الأموال وعدم النزاهة والرشوة والتجاوزات المالية وغيرها من أساليب الفساد الأخرى.
لذا أصبح من الضرورة أن تطبق الدول قوانين مكافحة الفساد والعمل بإقرارات الذمة المالية. وهناك دول عديدة في العالم تعمل بهذه القوانين، وفي منطقة الخليج هناك دولة واحدة هي الكويت التي تطبق قانون إقرار الذمة المالية، حيث يُطلب من كل مسؤول حكومي كشف ما لديه من الثروة سواء في الأمور المالية أو العقارية أو غيرها من الثروات الأخرى داخل وخارج مكان عمله قبل أن يتسلم زمام المسؤولية.
ورغم تلك المساعي والقوانين فإن الفساد في كل مرة، وخاصة في الدول العربية والإسلامية يتمكن من نخر القنوات القائمة، ويسلك قنوات جديدة في ممارسة الفساد.
وعلى العموم فإن وجود مثل هذا القانون وتفعيل مواده يخلق نوعا من الردع والخوف أمام الذين يريدون الاستمرار في ممارسة الفساد وخاصة الفساد المالي.
إن وجود قانون إقرار الذمة المالية في أي دولة ينعكس حتماً على تحسين وضع الدول في مؤشر مدركات الفساد العالمي، ويقلل من جرائم الفساد والكسب غير المشروع، بجانب توعية الأجيال والشباب الجدد المقبلين على العمل بضرورة مكافحة جميع مظاهر الفساد والرشوة والحرص على قضاء أوقاتهم في العمل بكل نزاهة.
كما يساعد على إيجاد بيئة نظيفة بعيدة عن التلاعب والغش والفساد في المعاملات اليومية، وينعكس ذلك على الحياة العامة للمواطنين ويحقق مزيدا من مشاريع التنمية سنويا.
وتكون نتيجة ذلك في النهاية هي تنشئة جيل قادر على نبذ جميع مظاهر الفساد وأشكاله.
إن الجهود المبذولة في هذا الصدد هدفها استئصال الفساد في المؤسسات الحكومية سواء في الوزارات أو الهيئات أو المجالس أو الشركات الحكومية بجانب المؤسسات الخاصة التي تتعامل مع الأجهزة الحكومية، الأمر الذي يتطلب ضرورة الإبلاغ ورصد حالات الفساد التي يمارسها البعض في أعمالهم، وهذه الخطوات سوف تساعد في كشف الفاسدين وإنقاذ الأموال العامة من الضياع بدون وجه حق، الأمر الذي يتطلب الاستمرار في تعزيز عمليات البحث والتحري في تلك القضايا.
فالجرائم المالية لا تقف عند الرشوة، وإنما هناك عمليات وتصانيف كثيرة تدخل في إطار الفساد المالي، وكلما كانت هناك متابعة في مكافحة الفساد فإن ذلك يؤكد جدية الحكومة في هذا الاتجاه، على ألا يكون هناك تهاون مع أي شخص مسؤول.
إن عملية مكافحة الفساد تتطلب وضع إستراتيجية وطنية هدفها القضاء على جميع أنواع الفساد وتحسين وضع الدولة لتحتل مرتبة متقدمة في مؤشر مدركات الفساد العالمي، بجانب القضاء على جميع التحديات والصعوبات التي تواجه المواطنين في إنهاء معاملاتهم اليومية في المؤسسات الحكومية دون تحيز وبكل حيادية وموضوعية.