أجرت الحوار- وردة بنت حسن اللواتية
يرتبط المراهق بأصدقائه كثيرا في هذه الفترة من عمره، ولهذا نجده يكثر الخروج من المنزل ليلتقي بأصدقائه للتحدث واللعب معهم، ولكن مع انتشار جائحة كورونا، صار من الصعب أن يكون هناك لقاء مباشر مع الأصدقاء والتجمع كالسابق، وبالطبع فإن هذا قد يأثر نفسيا على المراهق.
وتشير رجاء سلطان الأخصائية النفسية للأطفال والمراهقين في مركز يونويا الطبي إلى أن الاستقلالية والتعلق بالأقران تعد من ضمن التطورات الطبيعية في فترة المراهقة، فالمراهقون اجتماعيون بطبيعتهم، ويتعلمون وينمون مع أقرانهم، لذا يعد التباعد الاجتماعي في ظل جائحة كورونا من ضمن التطورات المخالفة لشخصية المراهق.
وتتابع حديثها موضحة: ومع إغلاق المدارس، والنوادي، ومنع تجمعات المراهقين مع أصدقائهم، يفقد الكثير من المراهقين أكبر لحظات حياتهم، لذا من الطبيعي أن يشعر الكثير منهم بالإحباط، والوحدة، والقلق، والغضب.
كما قد تظهر على المراهق نوبات غضب تجاه الأهل لم تكن ظاهرة من قبل، وذلك لأنه من الصعب أن نتوقع من جميع المراهقين فهم أهمية التباعد الاجتماعي، ولأنهم يعيشون في الحاضر، فقد يلوموا الأهل على عدم السماح لهم بالالتقاء بأصدقائهم.
– هل قد يؤدي هذا إلى ظهور أعراض نفسية وجسمانية عليه؟
تعد فئة المراهقين من الفئات الأكثر عرضة للأمراض النفسية في العموم، وفي خلال فترة الجائحة بالخصوص بسبب التباعد الاجتماعي وتبعاته، وقد يعبر المراهقون عن هذا الإحباط بعدة طرق من ضمنها:
البكاء الكثير أو تقلبات في المزاج
عادات الأكل والنوم غير الصحية
نوبات الغضب
صعوبات التركيز والانتباه
أعراض نفسجسمانية (كالصداع وآلام المعدة والإرهاق)
فقدان الاهتمام بالأنشطة التي كان يستمتع بها المراهق
تعاطي الكحول أو المخدرات
القلق، حيث أن الكثير قد يخافوا على أنفسهم أو أحبائهم من الوباء والخوف من المجهول.
قد تظهر لدى المراهق أفكار انتحارية
– كيف يمكن للأهل مساعدته في التغلب على هذه المشاكل؟
للأهل دور أساسي في مساعدة أطفالهم للتغلب على هذه المشاكل، ومن أهم الأمور التي يمكن للأهل عملها للتخفيف من وطأة التأثيرات هي ما يلي:
تذكر: القلق معدي، والهدوء كذلك
يتعلم الأطفال طرق التعامل مع القلق من الأهل، فعندما يتعامل الآباء مع مخاوفهم بالطرق الصحية، فإنه يمكنهم مساعدة أطفالهم عن طريق تعزيز شعور السيطرة والهدوء عند الأطفال، لذا على الوالدين الاهتمام بأنفسهم لمساعدة أطفالهم.
تقبل وتفهم مشاعر المراهق
من الطبيعي أن يحس المراهق بمشاعر الغضب والإحباط خلال التباعد الاجتماعي مثل ما ذكرت سابقا، والطريقة الوحيدة لمساعدة المراهق على التأقلم والتعامل الإيجابي مع هذه المشاعر، هي عن طريق تقبل مشاعرهم وإعطائهم فرصة للتعبير عنه، فمن الضروري أن نستمع لأحاسيس أطفالنا وتذكيرهم بأن المشاعر التي يمرون بها في هذه الفترة هي مشاعر طبيعية وأنهم ليسوا لوحدهم.
لا تخف من استخدام عبارات مثل “يضايقني أنك فقدت الكثير في فترة قصيرة، أنا آسف على ما حدث، سنتخطى ذلك معا” أو عبارات مثل ” أنت على حق، الجلوس في المنزل ممل وأنا أشعر بالملل أيضا ولكن في الوقت الحالي هذا ما نحتاجه للحفاظ على سلامة الجميع”. عبارات مثل هذه تشعر المراهق أننا نتفهم مشاعره، وأنه ليس الوحيد الذي يشعر بهذه المشاعر، وبالتالي تهدئه وتساعده على التعبير والتعامل مع المشاعر بطرق صحية أكثر.
تعليمهم وممارسة استراتيجيات الاهتمام الذاتي معهم مثل مهارات التنفس العميق، والتأمل والنشاط البدني. فهذه الإستراتيجيات تساعد المراهق على التأقلم مع المشاعر الكبيرة.
التحدث عن الحقائق (مع أخذ الأعمار والشخصيات بعين الاعتبار) من خلال أخذ المعلومات من المصادر الموثوقة كمنظمة الصحة العالمية، و تذكيرهم أن فترة الجائحة ليست للأبد!
فنحن نعلم بأن الوباء عالمي، وعلينا أخذ الحيطة والحذر، ونريد من أبنائنا أخذ الحيطة، لذا علينا أن نثقفهم عن العواقب، وأن نعطيهم الإحساس بالمسؤولية بأن نذكرهم أن هناك الكثير من الأمور التي نستطيع القيام بها للمحافظة على صحتنا. كما أننا لا نريد خلق الذعر والهلع، لذا ينصح بالحد وتفادي الأخبار المزعجة لفترة طويلة.
اعطي المراهق الخصوصية
أصبح المراهق في هذه الفترة مع أهله طوال اليوم في المنزل، لذا من المهم أن يكون له وقته الخاص، فإذا أراد أن يجلس وحده لفترات محددة، لا تأخذ الأمور على نحو شخصي، وذكر نفسك أن هذه من الأمور الطبيعية في فترة المراهقة.
افسح المجال للبهجة والإيجابية
قد يبدي بعض المراهقين فرحهم على بعض خواص التباعد الاجتماعي، كتوقف المدارس وبعض الالتزامات الاجتماعية، ولكن هذا لا يعني أنهم لا يتأثرون لفقدان الأمور الأخرى. فلا بأس في أن يعيشوا هذه المشاعر المختلطة، وهم لم يطلبوا هذا التباعد، فلنتجنب لومهم على هذه المشاعر أيا كانت.
من الضروري تذكير المراهقين عن الإيجابيات خلال فترة الحظر مثل: الترابط الأسري وقضاء وقت أكثر مع الأسرة، وأيضا اكتشاف مواهب ومهارات جديدة، إلى جانب تقديرنا للأمور البسيطة في حياتنا، وغيرها من الإيجابيات.
إعطاء أبنائنا جرعات مضاعفة من الحب والحنان والتلامس الجسدي مع أهمية مراعاة الحدود المريحة للمراهق، فمثلا إذا كان المراهق لا يحب الاحتضان، فمن الممكن أن نكتفي بالربت على الكتف.
-هل هناك اقتراحات أخرى يمكن أن يقوم بها المراهق؟
لنذكر أبناءنا أنهم ليسوا لوحدهم، وأن هناك بعض الأمور التي يستطيعوا القيام بها بأنفسهم للتأقلم مع هذه المشاعر منها: تقبل مشاعرك فهي طبيعية في هذه الفترة، وشاهد برنامجك المفضل، واقرأ، ومارس النشاط البدني بأنواعه، وأيضا تعلم مهارة جديدة كالعزف على الموسيقى، أو تعلم لغة جديدة، أو كتابة قصة، أو رسم كاريكاتوري الخ.
وأيضا جد طرق بديلة للتواصل مع أصدقائك، فمواقع التواصل الاجتماعي تساعد على التواصل. ومن الأهمية أن تضع لك روتينا يوميا، وركز على أن تنال النوم الكافي، وأن تتناول الأكل الصحي.
وتحدث مع من ترتاح لهم، وشاركهم مخاوفك ومشاعرك، وتعلم مهارات التهدئة الذاتية، أيضا قلل من وقت التعرض للشاشات التلفزيونية والإلكترونية، خصوصا فيما يتعلق بأخبار الجائحة.
وتختتم رجاء سلطان حديثها قائلة: معظم المراهقين سيتأثرون بالتغييرات لفترة قصيرة ثم سيستقروا، ولكن البعض قد تستمر عنده الأعراض وتتطور لتصبح مشكلة نفسية تحتاج لتدخل مختص. فإذا كانت تصرفات ومشاعر المراهق لا تزال ملحوظة لدرجة أنها تؤثر على نشاطه اليومي، عندها يجب طلب المساعدة من مختص في مجال الصحة النفسية، ولا يجب أن يتردد في طلب المساعدة، فالصحة النفسية توازي الصحة الجسدية خصوصا في هذه الفترة.